تترقب إسرائيل باهتمام بالغ الاجتماع الأول بين رئيس حكومتها بنيامين نتانياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض في الثامن عشر من الشهر الجاري، وسط انشغال أوساطها السياسية في محاولات استشراف المواقف التي سيعلنها أوباما في مختلف القضايا التي تهم الدولة العبرية، في ظل حديث جدي عن انتهاء فترة «شهر العسل» بين البلدين، كما تترقب أيضاً المواقف التي سيعلنها نتانياهو، خصوصاً في الشأن الفلسطيني. وقبل عشرة أيام من الزيارة، تحدثت تقارير صحافية عن «قلق» إسرائيلي من «تراجع التنسيق الأمني» بين واشنطن وتل أبيب منذ دخول الإدارة الأميركية الجديدة البيت الأبيض، وتحديداً منذ تسلم حكومة نتانياهو السلطة في إسرائيل. لكن تقارير أخرى تفيد أن الأخير ليس قلقاً من حصول تحول في تعاطي الولاياتالمتحدة مع «الإبن المفضل أو المدلل»، وأنه مع تأكيد التزام إسرائيل عدم بناء مستوطنات جديدة، لكنه سيعلن قريباً عن توفير أراض داخل المستوطنات الكبرى في أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة لبناء وحدات سكنية جديدة «تلبي حاجات التكاثر الطبيعي فيها حيال وضع الاختناق الذي وصلت إليه المستوطنات ويحول دون بناء روضة للأطفال»، على ما أبلغ مسؤول سياسي رفيع قريب من رئيس الحكومة صحيفة «يديعوت أحرونوت». وأشارت الصحيفة إلى أن خطة نتانياهو الاستيطانية تؤكد على ما يبدو ما جاء في تقرير وكالة الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية عن وجود مخطط إسرائيلي لبناء 30 ألف وحدة سكنية جديدة في التكتل الاستيطاني «غوش عتسيون». ونقلت صحيفة «هآرتس» عن أوساط سياسية رفيعة قولها انها تلاحظ في الشهور الماضية أن واشنطن قلصت إلى حد كبير مستوى «التنسيق والتشاور السياسي - الأمني» مع إسرائيل، وأنه خلافاً لما كان في عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، فإن أوساط أوباما لم تطلع نظيرتها في إسرائيل على عدد من الخطوات التي قامت بها الإدارة الأميركية أخيراً ولم تتشاور معها في شأنها، مثل تصريح مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية روت غوتمولور التي دعت إسرائيل إلى التوقيع على معاهدة حظر الأسلحة النووية، وتغيير السياسة الأميركية تجاه دمشق، وعدم إبلاغ إسرائيل بإيفاد ديبلوماسيين أميركيين إلى العاصمة السورية، أو عدم إطلاع إسرائيل على الزيارة التي قام بها الموفد الخاص للملف النووي في الإدارة الأميركية دينيس روس قبل أيام إلى دول الخليج أو نتائجها. وأعربت هذه الأوساط عن عدم ارتياحها لما وصفتها ب «الضبابية» التي تتسم بها السياسة الأميركية في الملف الإيراني. وأشارت إلى أن واشنطن لم تطلع إسرائيل بعد على تفاصيل مشروعها للتحاور مع طهران. وبحسب هذه الأوساط، فإن «المشكلة الأخطر» تتمثل في أن الإدارة الأميركية الحالية لم تعد ترى في إسرائيل دولة «خاصة» أو «استثنائية» في الشرق الأوسط يجب التحاور معها في شكل مختلف عن سائر دول المنطقة. وزادت أن ثمة شعوراً بأن «الحوار والتنسيق (الأميركي) مع دول عربية وأوروبية لم يعد أقل أهمية من الحوار مع إسرائيل، بل ربما بات أكثر أهمية». وتوقعت أن يطالب الرئيس الأميركي ضيفه الإسرائيلي بوقف تام للبناء في المستوطنات وبتفكيك البؤر الاستيطانية العشوائية، كما التزمت إسرائيل قبل خمس سنوات. وردّ مكتب رئيس الحكومة على هذه المخاوف بالتقليل من شأنها وبتأكيد أن «التنسيق سيتحقق مع مرور الوقت». ويغادر مستشار رئيس الحكومة للأمن القومي المكلف ملف العلاقات مع واشنطن عوزي أراد، إلى العاصمة الأميركية الثلثاء المقبل ليعرض على نظيره الأميركي الجنرال جيمس جونز الخطوط العريضة لسياسة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وليطلع منه على المواقف الأميركية من مختلف الملفات، وعلى توقعات أوباما من لقائه نتانياهو، وعلى جدول أعمال اللقاء ومضمون الرسائل في المؤتمر الصحافي الذي سيعقبه. في غضون ذلك، أكدت تقارير صحافية أن زيارة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان لأربع عواصم أوروبية «لم تثر أي انطباع إيجابي لدى نظرائه». وأشارت إلى أن ليبرمان استُقبل في كل من باريس وبرلين وبراغ «ببرود واضح»، ولفتت إلى حقيقة أن كلاً من وزيري الخارجية الفرنسي والألماني لم يعقد مؤتمراً صحافياً مشتركاً معه كما هو متبع. وكتب المراسل السياسي لصحيفة «هآرتس» أن ليبرمان استمع إلى انتقادات شديدة للسياسة الإسرائيلية، خصوصاً في قضية الاستيطان والحصار على قطاع غزة. ولاحظت صحيفة «معاريف» أن الاوروبيين تعمدوا استقبال ليبرمان «على نار هادئة إلى درجة أن الزيارة لم تحظ تقريباً بتغطية إعلامية».