اغتيال بشار حامد الكعيدي احد النواب الفائزين عن «القائمة العراقية»، او كتلة رئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي، يشير الى ان العملية السياسية في العراق تستعذب الطريقة اللبنانية، وأن العراق في طريقه الى مرحلة دموية من الاغتيالات السياسية، بدأت مطلع هذه السنة بسهى عبدالله جارالله التي كانت مرشحة للانتخابات على القائمة ذاتها. الاغتيالات لن تقف عند الكعيدي، وسوف تطاول آخرين قريباً. العرب لا يحبون السياسة، وإن شئت لا يجيدونها، وغير قادرين على ممارستها. يؤمنون بالقوة والغزو والاستبداد وحكم الفرد والطائفة والقبيلة. وتحرّكهم المذهبية والتعصب. تأمّل تاريخهم. بدأ تاريخ الدولة العربية الإسلامية بمحاولة اغتيال فاشلة دبرتها قبيلة قريش للنبي محمد، صلى الله عليه وسلم، ليلة الهجرة. وتوالت الاغتيالات منذ ذلك التاريخ. اغتيل الخليفة العادل عمر بن الخطاب. ولقي الخليفة الثالث، عثمان بن عفان، المصير ذاته. لم يتوقف الدم السياسي منذ ذلك التاريخ. كان الدم، ولا يزال، وقود السياسة في تاريخ العرب القديم والحديث. لبنان وصل الى ما يسمى «التوافق» عبر اغتيالات في صفوف المسيحيين والسنّة. ومعظم الأنظمة العربية الثورية وصل الى الحكم بالانقلابات والاغتيالات والدم. قيل ان اغتيال الكعيدي نتيجة طبيعية للفراغ الأمني الذي يعيشه العراق. والصحيح ان اغتياله نتيجة لتجذر الحس الطائفي في العراق. الاغتيال البشع جاء بعد وقت قصير على زيارة زعماء «القائمة العراقية» مقر المرجع الشيعي الكبير السيد علي السيستاني في النجف، بهدف كسب موقعه ونفوذه للضغط على الأطراف الشيعية. لكن السيستاني امتنع، وعلّل موقفه بأن ما يجرى خلاف سياسي، ويجب ان يُبحث على هذا النحو، على رغم ادراك السيستاني ان ما يجرى حرب شيعية - سنّية. فالخلاف الجاري في العراق لا علاقة له بالسياسة، وهو تكريس لشعار، «العراق للشيعة». هكذا يتحدث رئيس الوزراء نوري المالكي في مجالسه الخاصة. لكن علاوي افسد هذا التوجه، فبدأ الحل على الطريقة اللبنانية. العراق على أبواب معركة دموية، ولن يتوقف العنف الا اذا رفع السنّة الراية البيضاء، وقبلوا بالمركز الثاني، ولربما الثالث. اما الكلام عن السياسة والعملية السياسية فهو نوع من التزييف الذي سمعناه سابقاً في لبنان.