"المنافذ الجمركية" تسجل 1314 حالة ضبط خلال أسبوع    المؤسسة الدبلوماسية بالمغرب تمنح مدير عام الإيسيسكو الجائزة الدولية للدبلوماسية الشعبية    جيسوس: الفوز بهدف فقط أفضل من خسارة كانسيلو    مدرب السد يُحذر من مواجهة كاواساكي    ثمار المانجو تعلن موسم العطاء في جازان    بلدية قوز الجعافرة تكرم شباب القرية    منصات التواصل والتأثير: هل أصبح كل شاب إعلاميًا؟    جازان تصنع الحدث: إطلاق أول جمعية متخصصة بالتغذية العلاجية على مستوى المملكة    ثقافة الاعتذار قوة لا ضعف    رؤيتنا تسابق الزمن    ضبط (19328) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    المركزي الروسي يحدد سعر صرف الروبل أمام العملات الرئيسة    أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق في المملكة    وزير التعليم يرفع التهنئة للقيادة بما تحقق من منجزات تعليمية    وزارة التعليم تستعرض منصاتها في معرض تونس الدولي للكتاب 2025    أبها تتغطى بغطاءها البنفسجي    وزير الصحة: تطبيق نموذج الرعاية الصحية الحديث أسهم في رفع متوسط عمر الإنسان في المملكة إلى 78.8 عامًا    تركي بن محمد بن فهد يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة ما تحقق من إنجازات في مسيرة رؤية المملكة 2030 بعامها التاسع    ريال مدريد ينتقد اختيار الحكم الذي سيدير نهائي كأس إسبانيا    للمرة الثالثة على التوالي ..الخليج بطلاً لممتاز كبار اليد    بيراميدز يحقق ما عجز عنه الأهلي    نيس الحاسم يُنزل بسان جيرمان أول هزيمة في الدوري الفرنسي هذا الموسم    وزير "البيئة" يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة صدور التقرير السنوي لرؤية المملكة وما تضمنه من إنجازات    مجلس الأعمال السعودي - الأمريكي يستضيف فعالية تواصل استثمارية رفيعة المستوى    زيلينسكي: أوكرانيا تريد ضمانات أمنية أمريكية كتلك التي تمنحها لإسرائيل    «أماني» تحصد الدكتوراه برسالة متميزة    الاتحاد السعودي للطيران الشراعي يُقيم معسكرًا لفئة النخبة    محمد العرفج يُفجع بوفاة والدته    نائب أمير تبوك: رؤية المملكة 2030 حققت قفزات نوعية وإنجازات    موعد مباراة الهلال في نصف نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة    ثانوية الأمير عبدالمحسن تحصد جائزة حمدان بن راشد    قطاع بارق الصحي يُنفّذ مبادرة "صحة الفم والأسنان"    أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة من منجزات في الأعوام التسعة الماضية    عام 2024 يُسرع خُطى الرؤية السعودية ويسجّل إنجازات استثنائية    مستشفى خميس مشيط للولادة والأطفال يُقيم فعالية "متلازمة داون"    "عبيّة".. مركبة تحمل المجد والإسعاف في آنٍ واحد    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف يلتقي مديري عموم الفروع    في الدمام ( حرفتنا حياة ) ضمن مبادرات عام الحرف اليدوية 2025    "حديث المكتبة" يستضيف مصطفى الفقي في أمسية فكرية عن مكتبة الإسكندرية    إمام المسجد الحرام: الإيمان والعبادة أساسا عمارة الأرض والتقدم الحقيقي للأمم    إمام الحرم النبوي: حفظ الحقوق واجب شرعي والإفلاس الحقيقي هو التعدي على الخلق وظلمهم    تنفيذ ورشة عمل لاستعراض الخطط التنفيذية للإدارات في جازان    مبادرة لرعاية المواهب السعودية في قطاع الجمال    الشيخ صلاح البدير يؤم المصلين في جامع السلطان محمد تكروفان الأعظم بالمالديف    تقلص الجليد القطبي    مخاطر في الذكاء الاصطناعي    خشونة الورك: الأسباب.. التشخيص.. العلاج.. الوقاية    محافظ صبيا يشيد بجهود رئيس مركز العالية ويكرمه بمناسبة انتهاء فترة عمله    محافظ صبيا يكرم رئيس مركز قوز الجعافرة بمناسبة انتهاء فترة عمله    رئيس نادي الثقافة والفنون بصبيا يكرّم رئيس بلدية المحافظة لتعاونه المثمر    بلدية صبيا تدعو للمشاركة في مسيرة المشي ضمن مبادرة #امش_30    ذكاء اصطناعي للكشف عن حسابات الأطفال في Instagram    بناءً على توجيهات ولي العهد..دعم توسعات جامعة الفيصل المستقبلية لتكون ضمن المشاريع الوطنية في الرياض    أكدا على أهمية العمل البرلماني المشترك .. رئيس «الشورى»ونائبه يبحثان تعزيز العلاقات مع قطر وألمانيا    لبنان.. الانتخابات البلدية في الجنوب والنبطية 24 مايو    ملك الأردن يصل جدة    10 شهداء حرقًا ووفاة 40 % من مرضى الكلى.. والأونروا تحذّر.. الاحتلال يتوسع في جرائم إبادة غزة بالنار والمرض والجوع        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقالة الأمير سلمان تفتح آفاقاً للحوار
نشر في الحياة يوم 20 - 05 - 2010

قبل أسابيع كتب الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أمير منطقة الرياض، مقالاً في «الحياة» يحذر فيه من استخدام مصطلح «الوهابية» الذي يراه ملغوماً ولا يخدم هدفها التوحيدي. (الأربعاء 28 نيسان /إبريل 2010).
وبدايةً ، فإنّ اهتمام رجل حكم كالأمير سلمان بن عبدالعزيز، سواءً اتفقنا أو اختلفنا معه في أمور الثقافة والفكر مسألة تستحق الترحيب، خاصةً إذا جاءت من منطلق النقاش الحر المفتوح الذي يحرص عليه الأمير سلمان، وهو رجل مطلع ومتابع ولا تفوته أية فكرة ذات أهمية خاصة إذا طُرحت في شأن بلده وثقافته وفكره السياسي... إضافةً إلى أنشطة خيرية واجتماعية عدة.
كما أنه رئيس مجلس أمناء دارة الملك عبدالعزيز التي تمثل أكثر من مركز بحثي وتعنى بوثائق التاريخ السعودي، ولها تواصل مع المراكز الثقافية ومراكز الأبحاث الخليجية كمركز عيسى الثقافي بالبحرين الذي وقّع اتفاقية تعاون مع «الدارة». وقد أشرف الأمير سلمان قبل أيام على ندوة تاريخية علمية في شأن رابع ملوك السعودية الملك خالد بن عبدالعزيز، الذي تحظى ذكراه وذكرى منجزاته بالكثير من التقدير في السعودية وجوارها الخليجي ووطنها العربي.
ولا يقتصر لقب الأمير سلمان بن عبدالعزيز على لقبه الرسمي كأمير لمنطقة الرياض بالمملكة العربية السعودية منذ زمنٍ غير قصير. وقد زرته قبل سنوات في مقره بقصر الحكم في الرياض. وشهدت عن كثب اهتمامه ومعالجته لشؤون الناس وحاجاتهم وشكاويهم، فذكرني بما قرأت عن والده الملك المؤسس عبدالعزيز، تمحيصاً وعدلاً.
غير أن الذين يعرفونه من شخصيات الثقافة والحوار يطلقون عليه، مجازاً، ألقاباً أخرى عدة.
وآخر لقب أحرزه كان «أمير الوفاء» بعد الفترة غير القصيرة التي أمضاها –على مسؤولياته الكبيرة في بلده - برفقة أخيه الأكبر، الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران، المفتش العام بالمملكة العربية السعودية، خلال رحلته العلاجية بين نيويورك وأغادير في المملكة المغربية والتي تكللت بعودته سالماً معافى إلى بلده ومهامه الكبيرة التي يحرص على القيام بها.
وكان الأمير سلمان قبل ذلك يلقب ب «أمير الأندلس» لاهتمامه اللافت بإحياء المواضع العربية والإسلامية في تلك المنطقة الأسبانية الجميلة.
أما اللقب الذي ننطلق منه إلى محاورته في شأن ما يطرح من آراء، فهو «أمير الصحافة» الذي عرفناه به أيضاً منذ أمد غير قصير، وذلك لمتابعته النقدية لها باستمرار، من وجهة نظره.
وفي ما يتعلق بمقالته في «الحياة» في شأن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب فإني أستأذن سموه، وأستأذن القراء، في إيراد ما أراه في شأنها، وذلك من ورقتي الفكرية التي طرحتها في ندوة الجنادرية (25) هذا العام، وكانت مشاركة في اللقاء الفكري الرئيس الذي تناول «رؤية الملك عبدالله بن عبدالعزيز للسلام والحوار وقبول الآخر»... هذا مع إضافات توضيحية موجزة يقتضيها سياق هذه المقالة.
ومن وجهة تحليلية، فقد رأيت: «أن جانب الحوار وقبول الآخر في رؤية الملك عبدالله بن عبدالعزيز ذو شقين: شق الحوار الذاتي، في ما يتعلق بالأطراف المجتمعية داخل المجتمع العربي الإسلامي القائم على تعددية، إن أفلت زمامها مع ضعضعة الدولة القائمة دخلت في صراع أهلي لا تعرف عواقبه، واتجاهات فكرية متباينة في التراث الإسلامي ذاته – كالتصوف والتشيع والتفلسف – لا يمكن إنكارها ولا بد من مقاربتها معرفياً قبل كل شيء».
ثم شق الحوار مع الآخر، كحوار الحضارات والأديان والتعرف إلى ثقافات العالم. ولن ننجح في هذا الحوار إذا لم ننجح في إدارة الحوار الذاتي في ما بيننا.
ولا بد لنا هنا أن نتوقف لدى تيار الفكر الديني المتمثل في حركة التوحيد السعودية فهو التيار الفكري الديني الأبرز الذي رافق نشأة المملكة العربية السعودية.
لقد اختلط الحابل بالنابل في تبيان حقيقة هذه الحركة الموحّدة حيث رميت بمختلف التهم غير الموضوعية.
وبدايةً، فإن فكر التوحيد، والتحرر من الخرافات والبدع وتقديس غير الله، والتمسك بأوامره ونواهيه، هو فكر يمكن أن تلتقي حوله مختلف الاتجاهات الاجتهادية الإسلامية، بل مختلف الاتجاهات الروحية والإنسانية، شريطة أن نعترف لهذه الاتجاهات الأخرى بحقها في الاجتهاد والوجود وإبداء المعارضة السلمية كذلك بما يحررنا من التعصب والتشدد والعنف الذي لا يلجأ إليه غير ضعاف النفوس وضعاف العقيدة.
ثانياً: ينبغي، قبل الحكم على حركة التوحيد، رؤية دورها التاريخي الحقيقي. فقد ظهرت في الجزيرة العربية في ظروف تستوجب ما ذهبت فكرياً إليه، ونجحت في مواجهة ومعالجة تلك الظروف، فأنقذت الإسلام أولاً مما ألمّ به ورسّخت النهج السلفي الذي قامت عليه الدولة العربية السعودية من دون حزبية أو ايديولوجية والتي كانت المرحلة التاريخية تستوجبها لإعادة وتيرة الحياة وأمنها واستقرارها إلى جزيرة العرب وأهلها بعد أن كانت، كما أبان الباحثون، تشهد حرب الكل ضد الكل. ولكن الظروف القائمة تغيرت، وتغير معها فكر العالم، وكما استوعبت تلك الدعوة ظروفها التاريخية الأولى، فإنها مطالبة اليوم باستيعاب المستجدات وأخذها في الاعتبار.
ثالثاً: إني لا أرى ضيراً، ولا مبرراً للحساسية في تسمية تلك الدعوة باسم داعيتها الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله – أي بالدعوة «الوهابية» – فقد كان المصطلح الإسلامي طوال التاريخ مرناً، وأطلق الباحثون - كما أبان الأستاذ خليل عبدالله الخليل في رده على الدكتورة بصيرة الداود - مصطلح «الرسالة المحمدية» على رسالة السماء التي جاء بها النبي الكريم من لدن ربه، كما أن مختلف المذاهب الإسلامية من مالكية وجعفرية وحنفية وشافعية وحنبلية وزيدية وأباضية قد سميت بأسماء أصحابها ودعاتها، وكمؤرخ للفكر، أجد أن الأهم «مضمون» الاتجاه لا اسمه. وصحيح أن حركة التوحيد ليست مذهباً، وأنها جاءت انبثاقاً من مذهب الإمام أحمد بن حنبل، رضي الله عنه، وهذا أدعى إلى أن تسمى باسم صاحبها وداعيتها ولا ضير إطلاقاً في ذلك. وإذا كان ثمة اسم مماثل آخر قد أُقحم في منطقة من مناطق العالم الإسلامي، فإن هذه مسألة تاريخية تستدعي التوقف لكنها لا تستدعي إلغاء الاسم الأصلي.
وبأمانة فإني لا أرى من الحكمة فرض فكر التحديث على هذه الدعوة والمهم إقناعها بتطوير نفسها من الداخل، وفي الإسلام وفكره من إمكانات التجديد والتطوير الشيء الكثير. «والقرآن حمّال معان» وباختصار، فإن البيئة العالمية المستجدة التي نواجهها اليوم في عصر الانترنت والفضائيات ليست هي البيئة القديمة القائمة على الانعزالية الصحراوية، والخوف من الآخر... فهل نملك اليوم قطع إمداداتنا البحرية، بل والجوية، الحاملة إلينا رياح الدنيا؟
ويحدثنا التاريخ أن الملك المؤسس عبدالعزيز عندما أقام دولته، رأى أن من الضروري تزويدها بوسائل الاتصال الحديث، كما يؤرخ أحمد أمين في كتابه «زعماء الإصلاح في العصر الحديث»، والذي نقل عنه المرحوم الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري في كتابه التاريخي التوثيقي «لسراة الليل هتف الصباح»، ص 58 – 61، بيروت 1997.
يقول أحمد أمين الذي وصفه التويجري بأنه «رجل مسلم سليم العقيدة»، ونحن ننقل عن التويجري نقلاً عن أحمد أمين: «والوهابيون لم يعبأوا إلا بإزالة البدع والرجوع بالدين إلى أصله... اهتموا بالناحية الدينية، وتقوية العقيدة، وبالناحية الخلقية كما صورها الدين، ولذلك حيث سادوا قلّت السرقة... وأُمّن الطريق... ولكنهم لم يمسوا الحياة العقلية، ولم يعملوا على ترقيتها، إلا في دائرة التعليم الديني، ولم ينظروا إلى مشاكل المدنية الحاضرة ومطالبها... (لكن الحكومة السعودية) بدأت تنشر التعليم المدني بجانب التعليم الديني وتنظّم الإدارة الحكومية على شيء من النمط الحديث، وتسمح للسيارات والطيارات واللاسلكي بدخول البلاد ... وما أشقه عملاً: التوفيق بين علماء نجد ومقتضيات الزمن، وبين «طبائع البادية ومطالب الحضارة» – التويجري، المصدر السابق، ص 60 – 61.
هكذا فإن مقالة الأمير سلمان بن عبدالعزيز عن «الوهابية» ينبغي ألا تكون نهاية المطاف في الحوار الفكري في شأنها، بل بداية هذا الحوار الذي نحتاجه، وتحتاجه «الوهابية» على وجه الخصوص.
* كاتب من البحرين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.