أبدت الحكومة الألمانية حاجتها إلى اليد العاملة الشابة، الأمر الذي يُفسر سياسة الباب المفتوح التي اتخذتها مع اللاجئين الهاربين من الحرب في سورية، وخصوصاً وأن غالبيتهم من حملة الشهادات الجامعية. وأظهر «انفوغراف» نشره موقع «بيزنيس انسايدر» الأميركي أخيراً، انخفاض نسبة الولادات بشكل ملحوظ، الأمر الذي جعل ألمانيا، أكبر دولة صناعية في الاتحاد الاوروبي، قريبة جداً من معدل الولادات في اليابان. وعلى رغم أن الرسم البياني أظهر اقتراب بعض الدول من تطبيق سياسة اليابان في شأن الزيادة السكانية في ظل الازمات الاقتصادية والسياسية النقدية السلبية، إلا أن ألمانيا اقتربت من خطر انخفاض معدل السكان من دون تخطيط، بسبب إنخفاض معدل الولادات وارتفاع نسبة الوفيات. وتواجه ألمانيا مشكلات اقتصادية عدة، أهمها انخفاض عائداتها من السندات الحكومية لمدة خمسة أعوام متتالية بنسبة بلغت 0.33 في المئة، وقد يتأثر اقتصادها مستقبلاً بالعوامل الديموغرافية المتغيرة، فضلاً عن الصعوبات التي ستواجهها. وتقدمت ألمانيا اقتصادياً منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، متفوقة على كثير من بلدان أوروبا، وحققت فائضاً تجارياً هو الاعلى في مستوى العالم، إذ بلغ اجمالي الفائض لديها 2850 بليون دولار. ولاتزال مشكلة إنخفاض عدد السكان أحد أهم المشكلات التي تواجه الحكومة الألمانية على رغم انجازاتها الاقتصادية، ما يُنذر بحدوث أزمة جديدة نتيجة اتساع الفجوة بين العاملين والمعالين. وأوضح الموقع أن الوضع تفاقم، عندما فتحت الحكومة باب التقاعد لمن بلغ 63 عاماً بدءً من مطلع العام الماضي، بدلاً من سن ال 66، لكل من عمل مدة 45 سنة متواصلة، وبالتالي يُتوقع أن تخسر سوق العمل الألمانية عشرات الآلاف من هؤلاء سنوياً. وتسجل ألمانيا سنوياً 8.4 حالة ولادة و11.3 وفاة لكل 1000 شخص، ما يشير إلى أن نسبة الشباب تحت سن ال 15 ستنخفض وصولاً 13 في المئة، في حين سترتفع نسبة كبار السن إلى 39 في المئة، بحلول العام 2050. وقد تواجه ألمانيا مشكلة عدم توفر الايدي العاملة الشابة في المستقبل، خصوصاً مع تزايد اعداد المتقاعدين، الأمر الذي سيدفع الحكومة إلى إيجاد برامج اجتماعية وحلول كفيلة بتصويب الوضع. وأشارت الحكومة الالمانية في تقريرها الشهري الصادر عن وزارة الاقتصاد والطاقة في كانون الثاني (يناير) الماضي، إلى أن الأموال التي خصصتها الدولة لإيواء اللاجئين إليها، الذين وصل عددهم إلى مليون شخص تقريباً، ساهمت في زيادة القوة الشرائية والاستهلاكية في البلاد إلى حد ما، «ما انعكس على الاقتصاد كبرنامج حكومي لدعم نموه». وحضّت «وكالة العمل الاتحادية» الحكومة والهيئات المعنية على تسهيل حصول اللاجئين المؤهلين علمياً، وعلى رأسهم الأطباء والمهندسين بكل أطيافهم، على تأشيرات إقامة وعمل لهم ولعائلاتهم. وكانت الحكومة أقرت مشروع قانون يقضي بتوزيع الأطفال اللاجئين من دون أهلهم إلى ألمانيا، وعددهم 18 ألفاً عام 2014، على كل الولايات الألمانية ال 16، وبنسب مختلفة تبعاً لعدد سكان كل ولاية. وتساهم الهجرات على مختلف اشكالها وانواعها في تعزيز العامل الديموغرافي لدى أي بلد، وتلعب دوراً رئيساً في الحفاظ على معدل النمو السكاني في احسن مستوياته.