أدلى ملايين من الناخبين الإيرانيين بأصواتهم أمس، في انتخابات مجلسَي خبراء القيادة والشورى (البرلمان)، والتي يسعى من خلالها الرئيس المعتدل حسن روحاني إلى ترسيخ حكمه بالتحالف مع الإصلاحيين، فيما يتطلع الأصوليون إلى تجديد هيمنتهم على المجلسين. والناخبون 54.9 مليون شخص، وُزِّعوا على نحو 53 ألف مركز اقتراع، سيصوّتون ل4844 مرشحاً للانتخابات النيابية (290 مقعداً)، في مقابل 159 لانتخابات مجلس الخبراء (88 مقعداً). وأفادت معلومات بأن التصويت كان كثيفاً، علماً أن وزير الداخلية عبدالرضا رحماني فضلي كان رجّح أن تبلغ نسبة الاقتراع نحو 70 في المئة، علماً أن النسبة بلغت 64.2 في المئة عام 2012. ونقلت وكالة الأنباء الطالبية الإيرانية (إيسنا) عن مسؤول في وزارة الداخلية، أن الإيرانيين في الخارج لن يستطيعوا التصويت في سفارات بلدهم. وقال عادل جهانجيري (61 سنة) الذي يدير متجراً في البازار إنه صوّت للإصلاحيين، وزاد: «إذا فاز الأصوليون ستكون أخباراً سيئة لي ولغيري في قطاع الأعمال، لأنهم يعارضون تحرير الاقتصاد». لكن تاجر التجزئة صادق صلاح أخوندي (40 سنة) منح صوته للأصوليين قائلاً: «لا نريد أي انفتاح على العالم الخارجي». أما الطالبة الجامعية أريا بهفروز (18 سنة) فأشارت إلى أنها «لم تضيّع وقتها وصوتها»، وتابعت: «لن يتغّير شيء، لأن الأصوليين يقبضون على السلطة». أهمية الانتخابات تأتي من كونها الأولى بعد الاتفاق النووي المُبرم بين طهران والدول الست، وتشكّل عودة للإصلاحيين، بعد مقاطعتهم الاقتراع السابق. ويأمل روحاني بأن تتيح له تطبيق سياساته للإصلاح الاقتصادي في الداخل، والانفتاح على العالم، والتي تُقلق الأصوليين، كما يتطلع إلى أن تمهّد لإعادة انتخابه عام 2017. أما انتخابات مجلس الخبراء، فتبدو محورية، إذ إن أعضاءه الذين سيُنتخبون لثماني سنوات، قد يختارون خليفة مرشد الجمهورية علي خامنئي (76 سنة). وشكّل الإصلاحيون تحالفاً انتخابياً مع أنصار روحاني، في الانتخابات النيابية، انضم إليه رئيس البرلمان علي لاريجاني. وفي انتخابات مجلس الخبراء، شكّل روحاني ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني ووزير الاستخبارات محمود علوي قائمة يدعمها الإصلاحيون، في مواجهة لائحة أصولية تضمّ سكرتير مجلس صيانة الدستور أحمد جنتي ورجل الدين المتشدد محمد تقي مصباح يزدي ورئيس مجلس الخبراء محمد يزدي. وقال خامنئي بعد إدلائه بصوته: «على الجميع التصويت، كلّ من يحب إيران و(يحرص على) عظمتها ومجدها. لدينا أعداء لديهم أطماع، ويجب أن ننتخب بذهن متّقد وعينين مفتوحتين، لكي نهزمهم». أما روحاني، فشدد على أن «الانتخابات هي رمز للاستقلال السياسي وسيادتنا الوطنية، من خلالها يحدّد الناس مستقبل بلادهم». وتحدث عن «مشاركة ملحمية» في الاقتراع، مطمئناً مواطنيه إلى تنظيم «انتخابات قانونية ونزيهة». وأشار إلى أن «الحكومة تعتبر أصوات الشعب أمانة كبرى»، وزاد بعد إدلائه بصوته: «نحترم أي تركيبة لمجلس الشورى، تنبثق من هذه الأصوات». وحض الإيرانيين على الاقتراع «من أجل اتخاذ قرار مصيري»، وتابع: «كل الأحزاب والتيارات منتصرة. إذا فاز تيار فهو منتصر، وإذا خسر فهو منتصر أيضاً». في السياق ذاته، نبّه رفسنجاني إلى أن فشل الإصلاحيين في الانتخابات سيشكّل «خسارة كبرى للأمّة الإيرانية». وأضاف: «كل صوت ندلي به سيوثر في مصير البلاد ومستقبلها». وحض المسؤولين الانتخابيين على حماية أصوات الشعب «باعتبارها أمانة». وأدلى حسن الخميني، حفيد الإمام الخميني، بصوته داعياً إلى «مشاركة جماهيرية مميزة»، علماً أن مجلس صيانة الدستور أقصاه من الترشح لمجلس الخبراء. وصوّت الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي في طهران، علماً أن السلطات حظّرت نشر أخباره أو صوره. وأعلن مصدر في وزارة الداخلية ان الزعيمين المعارضين مير حسين موسوي ومهدي كروبي الخاضعين لإقامة جبرية، أدليا بصوتيهما عبر صندوق اقتراع متنقل، لكن نجل كروبي نفى ان يكون والده أدلى بصوته. في المقابل، اعتبر سكرتير مجلس صيانة الدستور أحمد جنتي أن الانتخابات تشكّل «سهماً بثلاثة رؤوس مصوّباً ضد بريطانيا وأميركا والكيان الصهيوني». ورأى أن «المرشح الأصلح هو الثوري والمناهض للاستكبار»، وزاد: «يتوقّع شعبنا من النواب أن يعيشوا مثله، وأن يتمسكوا بولاية الفقيه». وحض الناطق باسم القضاء غلام حسين محسني إيجئي الإيرانيين على الاقتراع، قائلاً: «عندما يرى الغربيون الملايين (المصوّتين)، ستنهار حساباتهم وسيكتشفون أن هذا الشعب لن يخضع لهيمنة العدو، أو تأثيره أو اضطهاده».