هللت الصحافة الأميركية المتخصصة سريعاً لمسلسل «بلايين» الذي تعرضه قناة «شوتايم» الأميركية ونسخها الدولية حول العالم، وتوقعت أنه سيكون النجاح القادم، والصعب كثيراً هذه الأيام في الدراما التلفزيونية الغربية. ونوهت بقصته وأحداثه التي تفتح المشهد الدرامي الأميركي على مدى ومناطق جديدة، يكون المشاهد في الولاياتالمتحدة والعالم أول المنتفعين منها. أما القناة التلفزيونية المنتجة فقررت ألا تنتظر ردود الفعل النقدية والشعبية على الموسم الأول بأكمله، وأوصت الشركة المنفذة على موسم ثاني بعد حلقتين فقط من عروضه التلفزيونية، وبعدما تبين أن العمل في طريقه لأن يتحول الى ظاهرة النصف الأول من عام 2016 في التلفزيون الأميركي. يسير المسلسل على خطى أفلام روائية تناولت عالم رجال الأعمال، دائماً من مدخل النقد والهجاء، ذلك أن هؤلاء تحولوا في العقود الأخيرة الى «أشرار» النعيم الغربي، بجشعهم الذي لا يتوقف، وطموحاتهم التي تتسلق غالباً على خراب بلدان ومدن، وعدم اعتبارهم للعواطف الإنسانية أو مراعاتهم النظم الأخلاقية المتعارفة. كما يذكر المسلسل بالفيلم الشهير: «وول ستريت» للأميركي اوليفر ستون، لجهة تركيزه على صعود أباطرة المال في عاصمة الاقتصاد الأميركي في نيويورك، ونقله تفاصيل من عالمهم الغرائبي القاسي. تقترح الحلقات الأولى من المسلسل أن صراع هذا الأخير الأساسي سيكون بين «تشاك رودووس»، وكيل وزارة العدل الأميركية، وبين «بوبي أكسلرود»، بليونير أميركي سيمنح وجهاً لأثرياء حقبة سنوات الأزمة المالية المتواصلة، والتي لم توقف رغم فداحتها تكالبهم على جمع الأموال. هذا الصراع لن يكون بلا قصص خلفية صغيرة، فزوجة موظف وزارة العدل الأميركية، هي موظفة مهمة في شركة الثري الأميركي، وهذا بدوره سيفتح المسلسل على أسئلة الولاء والأمانة وإغراءات المال، لكنه بالمقابل سيختزل التيمة الشائكة المثيرة الى حروب شخصية، تجعله يتمايز سريعاً عن الأعمال التلفزيونية المركبة من السنوات الأخيرة، التي قاربت من دون إثارة زائدة قضاياها المعقدة. يستلهم المسلسل أحداثاً واقعية، فتراه مثلاً يربط نفسه بما حدث في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، إذ قتل إرهاب نيويورك وقتها جميع موظفي شركة «أكسلرود». عدا هذا الأخير والذي كان في اجتماع في منطقة اخرى. لكن المسلسل يتوقف عند هذه التمهيدات ولا يحاول أن يحفر عميقاً في ما تعنيه تلك الحادثة التي من شأنها أن تغير بوصلة حيوات كثر. في المقابل، يعثر المسلسل في «الجنس»، على ما يشبه الدليل لتحليل شخصياته. ففيه الكثير من مشاهد الجنس التي أصبحت لازمة لمسلسلات قناة «شوتايم» في السنوات الأخيرة. يقدم المسلسل عالمين: الأول في أجواء مكتب وزارة العدل الأميركية في نيويورك، مركزاً على أمانة وشجاعة «رودووس»، والثاني لإمبراطورية «أكسلرود». يتقاطع العالمان في الحلقات الأولى، ذلك أن وزارة العدل تطارد الشركة العملاقة التي يقودها الثري الأميركي. لم يكن الجمع بين العالمين موفقاً، لجهة دفع الدراما او تكثيف قسوتها، او جعلها تكشف الكثير عن قصص صغيرة بدلالات كبيرة وكما يحدث في المسلسلات التي تتناول شخصيات عدة. كما يخذل التمثيل مستوى الحلقات الأولى، اذ اتجه الأداء في الغالب الى المبالغة، مُذكراً أحياناً بعصر التلفزيون الأميركي قبل موجة المسلسلات الفنيّة في العقد الأخير. هذا على رغم الأسماء التمثيلية العملاقة التي تؤدي الأدوار الرئيسية، وعلى رأسهم الممثل الأميركي بول جياماتي الذي يعد من أبرز أسماء السينما المستقلة الأميركية، والممثل الانكليزي المتمكن داميان لويس، الذي عرف عنه أداء الشخصيات المعقدة، كدوره الذي لا يُنسى في مسلسل «هوملاند». يلعب لويس في مسلسل «بلايين» دور الثري الآتي من خلفيات اجتماعية فقيرة، لكنه بسبب السيناريو والروح العامة للمسلسل، يتعثر كثيراً في تجسيد الشخصية التي تحركها عُقَد طفولة مدفونة.