انخفضت أسعار النفط أمس مواصلة موجة الهبوط الحاد التي بدأت في الجلسة السابقة بعدما استبعدت السعودية، أكبر مصدر للخام في العالم، خفض الإنتاج، وبعدما أظهرت بيانات من القطاع زيادة مخزونات الولاياتالمتحدة من الخام. وأوضحت إيران أنه لا مصلحة لها في تقييد حجم الإنتاج بعدما جرى رفع العقوبات الدولية عنها ووصفت مقترح تجميد الإنتاج بأنه «مثير للضحك». وبلغ سعر تداول الخام الأميركي في العقود الآجلة 31.25 دولار للبرميل بانخفاض 1.95 في المئة عن سعر آخر تسوية. وهبطت العقود الآجلة لخام «برنت» نحو واحد في المئة إلى 32.90 دولار للبرميل. وهبط الخامان أكثر من خمسة في المئة خلال تعاملات اليوم السابق. واستبعد وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي أول من أمس أن تخفض الدول المصدرة للخام إنتاجها، مضيفاً أن مقترح تجميد الإنتاج عند مستويات كانون الثاني (يناير) سيتطلب من جميع المنتجين الكبار الموافقة على عدم إضافة مزيد من الإنتاج. وأعلن معهد البترول الأميركي أن مخزونات الخام ارتفعت بواقع 7.1 مليون برميل في الأسبوع الذي انتهى في 19 شباط (فبراير) إلى 506.2 مليون برميل بما يتجاوز بكثير التوقعات بارتفاعه بواقع 3.4 مليون برميل فقط. وكان مقرراً أن تعلن إدارة معلومات الطاقة الأميركية البيانات الرسمية للمخزونات في وقت لاحق أمس. وقال النعيمي في أسبوع كامبريدج لبحوث الطاقة (سيرا) في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية: «الحقيقة هي أن الطلب على النفط كان، ولا يزال، قوياً، وكل ما يمكن إثارة الجدل في شأنه لا يعدو كونه مجرد نسبة ضئيلة صعوداً وهبوطاً، لكن بيت القصيد، إن جاز التعبير، هو أن معدلات الطلب العالمي تفوق 90 مليون برميل يومياً، وسترتفع على المدى البعيد. ولذلك ليست لدي أي مخاوف أو هواجس في شأن الطلب، وهو ما يدفعني للترحيب بأي إمدادات إضافية جديدة، بما فيها النفط الصخري». ورأى «أن من شأن الأسواق التي تتسم بالكفاءة أن تحدد أين سيستقر السعر الهامشي للبرميل على منحنى التكلفة. ومن ثم، فالضرورة تحتم على منتجي البترول عالي التكلفة السعي لإيجاد طريقة لخفض التكاليف، أو اقتراض الأموال أو توفير السيولة النقدية. وهذا يبدو صعباً، وللأسف هو كذلك، لكن هذه هي الطريقة الأكثر فاعلية لإعادة التوازن إلى الأسواق. فتقليل الإنتاج منخفض التكلفة بهدف دعم الإمدادات مرتفعة التكلفة لن يؤدي إلى شيء سوى إرجاء محصلة لا مفر منها». وقال: «تظل المملكة ملتزمة بتلبية طلب زبائننا. ونستثمر مبالغ طائلة للاحتفاظ بطاقتنا الاحتياطية الحيوية للمساعدة في تلبية الطلب الإضافي أو التعاطي مع انقطاع الإمدادات العالمية إذا دعت الحاجة إلى ذلك. وقمنا بذلك في أعقاب إعصار كاترينا، مثلاً. وتسعى المملكة إلى تحقيق الاستقرار في أسواق النفط. وفي هذا السياق، نتواصل في شكل دائم مع جميع المنتجين الرئيسيين في محاولة للحد من التقلبات، ونسعى للتوصل إلى توافق جماعي ونرحب بأي عمل تعاوني. ونظل ملتزمين بتلبية جزء كبير من الطلب العالمي على الطاقة على أسس تجارية بحتة، فنحن لا نسعى للاستحواذ على حصة أكبر في السوق». وقال وزير النفط الفنزويلي إيولوخيو ديل بينو لوكالة «رويترز» إن بلاده تحدثت مع روسيا والسعودية وقطر للترتيب لاجتماع في منتصف آذار (مارس) بين منتجين من «أوبك» وخارجها مستعدين للانضمام لاتفاق تجميد الإنتاج الذي تم التوصل إليه هذا الشهر. وأضاف: «نتوقع انضمام أكثر من عشرة من كبار المنتجين من أوبك وخارجها لهذا المقترح». وقال إن موعد ومكان الاجتماع لا يزال قيد البحث. وقال فلاح العامري، مندوب العراق لدى «أوبك» المدير العام ل «شركة تسويق النفط العراقية» (سومو)، إن على المنتجين من «أوبك «وخارجها العمل سريعاً لإعادة التوازن إلى سوق النفط العالمية وإلا فستتفاقم الأضرار التي قد يستغرق إصلاحها وقتاً طويلاً. وأضاف في مؤتمر «أرجوس للنفط الخام في الشرق الأوسط» المنعقد في مدينة أبو ظبي، أن انهيار وتقلب أسعار النفط لا علاقة له بإنتاج العراق النفطي الذي ينمو بوتيرة ثابتة سنوياً متماشياً مع الطلب العالمي وسيواصل ذلك. وفي مؤتمر هيوستن، شدد وزير النفط العماني محمد بن حمد الرمحي على أن سوق النفط الخام والأسعار المنخفضة في حاجة إلى «جراحة» وأن إيران «قد تستغرق بعض الوقت» لزيادة إنتاجها النفطي. وحض الدول المنتجة غير الأعضاء في «أوبك» على أن تتعاون مع المنظمة لإيجاد حل للسوق. ونبه إلى أن إيران قد تطلب إعفاءها من نظام الحصص في «أوبك» لأنها عانت من عقوبات. وأكد أن عُمان مستعدة لخفض الإنتاج 5 - 10 في المئة «من الغد» إذا وافق المنتجون الآخرون على أن يفعلوا الشيء نفسه.