تتابع الحكومة الأردنية عن كثب التطورات الميدانية العسكرية داخل الأراضي السورية، خاصة في المناطق الحدودية المحاذية للأردن، وسط تقديرات من أن «مصدر إطلاق النار يبتعد على نحو مسافة آمنة عن الحدود»، وأن ما يصل الجانب الأردني من أصوات الانفجارات وشظايا القذائف يؤكد وقوع العمليات العسكرية على بعد من المسافة العسكرية الأردنية الآمنة. ولم يقلل مصدر رفيع ل «الحياة»، من حجم مخاوف سكان مدينة الرمثا من محافظة إربد (80 كيلومتراً شمال الأردن)، الواقعة على بعد 8 كيلومترات من الحدود مع سورية، بعد سقوط عدد من القذائف داخل المدينة الحدودية من دون أن تتسبب في وقوع إصابات بشرية لغاية الآن. وقال المصدر إن الجهات الرسمية تتواصل بشكل يومي مع المجتمع المحلي داخل مدينة الرمثا، وتضع الأهالي بصورة الأوضاع الأمنية داخل سورية، وطبيعة الحركة على الحدود، منعا ل «ترويج الشائعات بين السكان أو بث القلق بينهم»، في وقت تدعو فيه الحكومة عبر مؤسساتها المحلية إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة عند سماع دوي الانفجارات. وأكد المصدر وجود جهات خارجية تحاول ترويج الشائعات، ونقل أخبار كاذبة عن سوء الأوضاع الأمنية على المدن الحدودية، وذلك من خلال حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي تم رصدها وتبين أنها تعود لحسابات تبث من خارج المملكة، بهدف ترويع الأهالي من جهة، وخلق حالة من الارتباك قد تسهل عمليات دخول متسللين في حالات الفوضى. لكنه أكد على قدرة القوات المسلحة في تأمين الحدود الأردنية- السورية، ومنع دخول أي أعداد من اللاجئين من دون إخضاعهم للتدقيق الأمني الصارم، مشدداً على قدرة الأجهزة المختصة، في متابعة العمليات الميدانية داخل الأراضي السورية، من خلال التنسيق العسكري والأمني مع المصادر المختلفة. ونفى المصدر الرسمي صحة أنباء عن مخاوف أردنية من وجود عناصر من «حزب الله» أو «الحرس الثوري الإيراني» قرب الحدود الأردنية، مشدداً على أن «الأمن الأردني خط أحمر ولن نسمح المساس به»، وأكد أن بلاده على اطلاع واسع بالتحركات العسكرية داخل الأراضي السورية، خصوصاً في ظل التنسيق الأردني مع الفاعلين والمؤثرين كافة بالمشهد الميداني السوري، وأن هناك آلية تنسيق مع روسيا، بالتزامن مع الالتزام بالتحالف الدولي حيث الأردن من الدول الفاعلة به. يذكر أنه ومع اشتداد المعارك في جنوب سورية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، ومع سيطرة قوات النظام مؤخراً على بلدة الشيخ مسكين الواقعة في ريف درعا، المحاذية للحدود الأردنية، تزايدت في الآونة الأخيرة حالات سقوط قذائف داخل مدينة الرمثا التي شهدت خلال الأيام الثلاثة الماضية سقوط نحو ثمانية قذائف أحدث بعضها أضراراً في ممتلكات السكان. وعلمت «الحياة» أن شخصيات سياسية أردنية تتواصل مع زعماء العشائر في محافظة درعا بهدف معرفة طبيعة التطورات العسكرية على الأرض، ومعرفة طبيعة المعارك الدائرة والفصائل المشاركة بها ومدى توافق ذلك مع ما تبثه وسائل الإعلام حول المعارك الدائرة في المنطقة. وأكد شهود عيان من سكان المدينة ل «الحياة»، أن أصوات الانفجارات وتبادل عمليات إطلاق النار داخل سورية، رفعت منسوب القلق الأمني لدى سكان الرمثا، التي تبعد كيلومترات قليلة عن محافظة درعا جنوب سورية، وفي حين أن عدداً من أهالي المدينة يبيتون خارج منازلهم، فإن بعضهم تركها ليسكن في مناطق من محافظة إربد القريبة التي لا تبعد سوى 15 كيلومتراً من الرمثا، ما يجعلهم أقل عرضة للخطر. وأمام التداعيات الاجتماعية والأمنية التي يتعرض لها سكان مدينة الرمثا، فإن المخاوف لدى المواطنين تدفعهم للمبالغة في اتخاذ إجراءات الحيطة والحذر، خلال ساعات تواجد أبنائهم في المدارس، أو حتى أثناء عمليات الحركة والتسوق الاعتيادية، في إشارات تحدثوا بها ل «الحياة» تؤكد مخاوفهم، من أن تتسبب قذائف أو شظايا في إلحاق الأذى بالسكان أو الممتلكات. ويصف شهود عيان المدينة بأنها تحوّلت إلى مدينة أشباح نهاراً، فلا حركة تجارة، بينما تغلق المحلات أبوابها وينصرف الأهالي إلى منازلهم مع أول الليل خشية القذائف العشوائية التي سقط بعضها في باحات المنازل خلال الشهرين الماضيين. ويحمل سكان المدينة الجهات الرسمية مسؤولية «عدم الاكتراث بأوضاع البلدة المتردية اقتصادياً وأمنياً»، خصوصا في ظل أصوات المدافع التي باتت ترعب أطفالهم. ودفعت أصوات الانفجارات التي لا تنقطع على الجانب السوري النساء إلى النوم «بالملابس الشرعية» خشية سقوط قذائف ليلاً. وأكد سكان من المدينة ل «الحياة»، أن عدداً من المدارس اضطر أمس وأول من أمس، إلى إلغاء اليوم المدرسي وصرف الطلبة مبكراً إلى منازلهم، خشية على سلامتهم، بعد أن هزت شدة الانفجارات على الجانب السوري جدران المدارس. وفيما يبدو محاولة لتطمين السكان إلى جاهزية الجيش واستعدادته للتصدي لأي محاولة تستهدف زعزعة الاستقرار الأمني، زار رئيس هيئة الأركان المشتركة وقائد الجيش الفريق الركن مشعل محمد زبن، واجهة الحدود الشمالية مع سورية والتقى قادة القطاعات العسكرية، وهي زيارة سلطت وسائل الإعلام الضوء عليها بشكل كبير.