القاضي ريتشارد غولدستون، صاحب التقرير المشهور الذي دان جرائم الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، يتعرض، وهو يهودي، لحملة رهيبة من اليهود الليكوديين، من جنوب أفريقيا الى الولاياتالمتحدة مروراً بإسرائيل. في بلده جنوب أفريقيا، وفي مكان اقامته في الولاياتالمتحدة، يواجه القاضي غولدستون هجوماً يومياً عليه من حاخامات اليمين الدجالين كأنبيائهم الذين لم يوجدوا يوماً، وهم هددوا بمنعه من حضور حفلة بلوغ حفيده (بارميتزفا) في جوهانسبرغ إذا لم يجتمع مع يهود جنوب أفريقيا. وفي اسرائيل نشرت «يديعوت اخرونوت» ملفاً عن غولدستون تبنته وزارة الخارجية ووزعته على سفاراتها لتعميمه، وفيه ان القاضي المشهور «لعب دوراً نشطاً في تنفيذ القوانين العنصرية التي سنّها واحد من أوحش الأنظمة في القرن العشرين...». اسرائيل أحد أوحش الأنظمة في القرن العشرين، وفي القرن الواحد والعشرين، دولة أقامها لصوص سرقوا الأرض من أهلها، وانتخبوا حكومات فاشستية لا تزال تسرق وتدمر وتقتل كل يوم. وفي حين ان غالبية يهود جنوب أفريقيا كانت جزءاً أساسياً من النظام العنصري، فقد كان هناك أيضاً يهود عادلون معتدلون من طلاب السلام في فلسطين وكل مكان. وأرجو من القارئ أن يلاحظ وقاحة جريدة اسرائيلية تدين النظام العنصري السابق في جنوب أفريقيا وقد كانت اسرائيل العنصرية مثله أول متعاون ومعين له ومتواطئ معه، والى درجة التجارب النووية، هي للاستخدام ضد العرب والمسلمين، وهو للاستخدام ضد السود. وما دام الشيء بالشيء يذكر فوزارة الخارجية الإسرائيلية التي تشن حملة على قاض عالمي تضم أفيغدور ليبرمان، وهو حارس مواخير مهاجر من مولدافا لا حق له بالوجود على الأرض الفلسطينية، ونائبه داني ايالون عضو مثله في حزب المهاجرين «اسرائيل بيتنا» ومتطرف بامتياز، والنتيجة هي كما قرأت في الصحف الإسرائيلية نفسها ان وزارة الخارجية الحقيرة تدرس وقف إرسال محاضرين حول العالم، خصوصاً الى بريطانيا، للدفاع عن دولة اللصوص ومجرمي الحرب بسبب هجوم طلاب من أنصار الفلسطينيين عليهم واسكاتهم، ما يلغي فائدة المحاضرات، هؤلاء الطلاب ليسوا عرباً، بل أكثرهم من الأوروبيين والأميركيين الذين لم يعودوا يصدقون أكاذيب اللوبي والمتطرفين اليهود، ويعرفون حجم المأساة الفلسطينية، وأنا أقرأ باستمرار عن قضية الأميركية راشيل كوري، طالبة السلام التي قضت تحت جنزير جرافة اسرائيلية وهي تحاول منع هدم البيوت في غزة. هي شهيدة الإنسانية، وهناك ألف فلسطينية مثلها قضين من دون ان ينتهي موتهن في المحاكم لأن أهلهن ضحايا مثلهن. هناك ألوف المتطرفين من نوع ليبرمان وأيالون وهم من الأميركيين بالولادة والإسرائيليين بالولاء، ومنهم السناتور الليكودي جوزف ليبرمان الذي رعى مشروع قانون في الكونغرس يتيح لوزارة الخارجية سحب الجنسية من مواطنين يؤيدون جماعات ارهابية مثل القاعدة أو يهاجمون الولاياتالمتحدة وحلفاءها. أؤيد مثل هذا القانون بقوة لسحب جنسية ليبرمان قبل غيره، فالقانون إذا طبق كما يجب مفيد جداً لأن أول جماعة ارهابية نشطة في الشرق الأوسط والعالم كله هي اسرائيل التي تتجسس على الولاياتالمتحدة، وقد هاجمت سفينة حربية أميركية، وقتلت عرباً ومسلمين ما أثار عداء هائلاً للولايات المتحدة وإضراراً بمصالحها الحيوية بحسب شهادة القادة العسكريين الأميركيين في المنطقة. اسرائيل هي عدو أميركا كما هي عدو العرب والمسلمين، وهي أم الإرهاب وأبوه، فلولا وجودها لما وجدت القاعدة أصلاً، ولما قامت فصائل مسلحة فلسطينية أو حزب الله، هي حركات تحرر وطني في وجه الإرهاب الإسرائيلي. ومن ايالون وليبرمان الأميركي والآخر المولدافي الى ألان درشوفيتز، وهو محام أميركي ليكودي، جاء في الصحف ان بنيامين نتانياهو يرشحه ليكون سفير اسرائيل المقبل في الأممالمتحدة، كنت كتبت مرة بعد مرة في هذه الزاوية ان درشوفيتز اسرائيلي يؤيد اسرائيل على حساب «بلاده» أميركا ومصالحها، وأخبار الصحف تثبت ما ذهبت اليه عنه وعن أمثاله. وأدين درشوفيتز من فمه فهو شن حرباً على القاضي غولدستون ولا يزال، وهو هاجم في مقال أخير له «لوبي حي ستريت» أي اللوبي اليهودي الأميركي المعتدل الذي يحاول أن يقف في وجه اللوبي التقليدي المتطرف ويسعى الى السلام بين اسرائيل والفلسطينيين. وضاق المجال، فأختتم بالسناتور الليكودي تشك شومر الذي يمثل اسرائيل عبر نيويورك في مجلس الشيوخ، فهو هدد البيت الأبيض إذا ضغط على اسرائيل، وقال انه حارس اسرائيل في أميركا نيابة عن الله (عندي نص ما قال وهو أوقح مما اخترت). كلهم عدو السلام وعدو اليهود من طلابه، وهم يعملون لبلد أجنبي فاشستي محتل لأنهم من نوعه. [email protected]