رفضت شركة آبل الأميركية الانصياع لحكم صدر عن محكمة أميركية يطالبها بتقديم التسهيلات لمكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي (أف بي آي) من أجل فتح جهاز «آي فون» يعود لمنفذ هجوم سان برناردينو سيد فاروق. وبررت الشركة رفضها بحرصها على حماية خصوصية زبائنها وكذلك كي لا تضيق الضرورات الأمنية ومكافحة الإرهاب على الحريات الفردية التي يكفلها الدستور الأميركي. ويطالب «أف بي آي» الشركة بالعمل على برنامج بإمكانه فك شيفرة هذا النوع من أجهزة ال «آي فون» الذي يتميز بأنه يمسح كل المعلومات بعد عاشر محاولة للدخول إليه بشيفرة خاطئة. ويخشى محققو «أف بي آي» فقدان معلومات أمنية تمس الأمن القومي الأميركي قد تكون موجودة على جهاز هاتف إرهابي قتل وزوجته 14 أميركياً. ويريدون من خبراء «آبل» تصميم برنامج جديد لإلغاء هذه الميزة التقنية في ال «آي فون5». لكن الشركة ترى أن المسالة لا تتعلق فقط بهاتف إرهابي سان برناردينو بل تطاول أكثر من 7 ملايين جهاز يستخدمها زبائن للشركة في العالم. ومن المرجح أن تصعّد هذه القضية حدة السجالات بشأن التعاون بين الشركات الأميركية الكبرى العاملة في مجال الاتصالات والتقنيات الحديثة وبين الأجهزة الأمنية الأميركية في جهود محاربة الإرهاب وتحديداً في ميدان الاتصالات والفضاء الإلكتروني. وبعد هجوم كاليفورنيا طالب المرشحون الجمهوريون للانتخابات الرئاسية بإعطاء صلاحيات أوسع لأجهزة الاستخبارات الأميركية من أجل ملاحقة المشتبه بارتباطهم ب «داعش» والجماعات المتشددة وإفشال محاولاتهم لشن هجمات إرهابية على الأراضي الأميركية ولتجنيد شبان أميركيين عبر شبكة الإنترنت. وبدورهم يدعو مرشحو الحزب الديموقراطي شركات التكنولوجيا إلى إيجاد صيغ تعاون أوثق مع الأجهزة الأمنية الحكومية لتسهيل مهمتها في محاربة الإرهاب ولكن مع الحرص على حماية خصوصيات الأفراد وعدم تعرضها لرقابة الحكومة. ويتخوف الناشطون والمنظمات المدافعة عن الحريات وحقوق الإنسان من أن يؤدي توسيع صلاحيات الأجهزة الأمنية الحكومية في مراقبة المشتبه بهم، والسماح لها بعمليات المراقبة الإلكترونية من دون أي ضوابط، إلى تضييق على الحريات وانتهاك خصوصيات المواطن الأميركي المصانة في الدستور. ويذكر هؤلاء بما كشفت عنه الوثائق السرية التي نشرها إدوارد سنودن العميل السابق في الاستخبارات الأميركية من عمليات مراقبة وتجسس قامت بها أجهزة الاستخبارات الأميركية على خصوصيات مواطنين أميركيين وغير أميركيين في الولاياتالمتحدة والعالم، ولم توفر مسؤولين وقادة دول حليفة للولايات المتحدة. وبسبب حساسية جدل الأمن والحريات وتشعباتها القضائية وتداعياتها الأمنية والاقتصادية على الولاياتالمتحدة، فإن المراقبين لا يتوقعون إيجاد تسوية قريبة للنزاع بين «أف بي آي» وشركة آبل، ويرجحون إحالة المسألة على المحكمة الأميركية العليا التي تنتظر ما ستؤول إليه المعركة التي تدور بشأنها بين الرئيس باراك أوباما والجمهوريين في الكونغرس الذين ينوون منع أوباما من تعيين قاض تاسع يقلب المعادلة داخل المحكمة لصالح الليبراليين وعلى حساب المحافظين الذين فقدوا سيطرتهم بعد الوفاة المفاجئة للقاضي أنتوني سكاليا الأسبوع الماضي.