مع الاعتماد المستمر على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، ازداد الجدل بشكل ملحوظ في شأن التشفير، وهو عملية تحويل المعلومات التي يكتبها مستعمل الانترنت الى خليط مشوش وغير مفهوم من تسلسلات الأرقام، عبر استخدام برامج خاصة، للحفاظ على الخصوصية. وفي مقاله على موقع «فيرغ» المختص بأخبار التكنولوجيا، قام المراسل الأميركي راسل براندوم برصد أكبر «الأكاذيب» عن التشفير التي تتداولها الأوساط السياسية والأمنية في الولاياتالمتحدة. - التشفير يساعد الإرهابيين على «الاختباء في الظلام» ذكر براندوم أن «مكتب التحقيقات الفيديرالي» (اف بي آي) الأميركي يستخدم عبارة «الإرهابيون يختبئون في الظلام» بكثرة، في الإشارة إلى طرق التشفير التي يستخدمها المجرمون والشبكات الإرهابية لتداول المعلومات، وتترك المحاكم عاجزة عن إصدار أوامر شرعية تسمح لعناصر الأمن بالحصول عليها. وأوضح أن الفكرة الشائعة هي أن شركات مثل «غوغل» و«آبل» تستطيع الوقوف في وجه هذه العمليات، و«منع الإرهابيين من الاختباء في الظلام»، عبر السماح للوكالات الأمنية بالدخول إلى قواعد بياناتها. ولكن الكاتب أشار إلى أن ذلك «ليس صحيحاً، فليس هناك سبب يدعو إلى الاعتقاد بأن مكتب التحقيقات يواجه صعوبات أكبر في رصد النشاطات الإجرامية مما كان عليه الوضع قبل 15 عاماً». وقال ان المحاكم ترفض بالفعل أعداداً كبيرة من مذكرات التفتيش التي يطلبها «اف بي آي»، ولكن ذلك عائد إلى ارتفاع عدد المذكرات التي يطلبها المكتب بدرجة كبيرة، إلى جانب قوانين حماية الخصوصية التي تتيح للشركات عدم الإفصاح عن معلومات عملائها. وأوضح أنه من دون التطورات التكنولوجية التي أتاحها التشفير، مثل الإيميل، الرسائل النصية، و«حوسبة السحاب»، لما كان بوسع «اف بي اي» التقدم للمحاكم بطلبات تفتيش للحصول على المعلومات في المقام الأول. - الشركات الإلكترونية لا تتعاون مع الحكومات تثير مسألة التشفير جدلاً واسعاً بين شركات التكنولوجيا ووكالات الاستخبارات، خصوصاً فيما يتعلق بأحقية مراقبة بيانات المستخدمين. فمن جهة، يشكو «مكتب التحقيقات الفيديرالي» دوماً من عدم استعداد شركات التكنولوجيا للتعاون والإفصاح عن معلومات عملائهم، وهو أمر تعترف به هذه الشركات لتبين مدى حرصها على خصوصية مستخدميها. وأفاد الكاتب بأن النقلة التكنولوجية إلى عالم «حوسبة السحاب» جعل الوصول إلى البيانات أكثر سهولة بالنسبة لل «اف بي آي»، كما أن المحاكم تصدر مذكرات تفتيش تتيح الوصول إلى بيانات «جي مايل» (Gmail) و«آي كلاود» (iCloud). وأشار إلى أن المشكلة تكمن في النظر إلى المسألة بمنظار أسود أو أبيض اللون، ما يرمز إلى أن عدم تمتع «مكتب التحقيقات الفيديرالي» بصلاحيات تامة للدخول إلى البيانات الإلكترونية جميعها، يعني بالنسبة إليه أن صلاحياته الحالية غير كافية على الإطلاق. - بعض مطالب «اف بي اي» لا يمكن تحقيقها نقل براندوم عن بعض المختصين في التشفير دفاعهم عن موقفهم المتشدد في ما يخص حماية البيانات، بالقول إن «المعلومات التي يطلبها المكتب الفيديرالي تتنافى مع أبسط أشكال الأمن على شبكة الإنترنت». وذكر المقال أن أحد المختصين اقترح بناء نظام يتيح التبادل الكامل للمعلومات بطريقة سرية وآمنة، على أن يزود ب «باب خلفي» يسمح بالتعرف إلى أي شخص يقوم بأعمال «سيئة»، وسحب بياناته وخصوصيته. ومن المفترض أن يساعد هذا النظام في خلق حل وسط يرضي وكالات الاستخبارات التي تعادي التشفير لأنه «يتيح للمجرمين تبادل المعلومات فيما بينهم من دون رقابة»، وشركات التكنولوجيا التي ترى أن التشفير يمنع الاختراق التام للخصوصية. لكن براندوم لفت إلى أن احتفاظ شركات التكنولوجيا بكافة معلومات مستخدميها في قواعد خاصة للبيانات، يجعلها عرضة للقرصنة والهجمات الإلكترونية. وأوضح أن أي نظام يوضع لحماية هذه القاعدة يجب أن يكون منيعاً تماماً ضد الاختراقات الأمنية لأنه سيصبح الهدف الأساسي لأي هجوم الكتروني. - مراقبة البيانات سيسهل التصدي للهجمات الإرهابية وصف براندوم هذا الرأي بأنه «الكذبة الكبرى»، مشيراً إلى ما تم تداوله بعد اعتداءات باريس وهجمات سان برناردينو، من أنه كان يمكن إنقاذ أرواح العشرات لو تمت مراقبة شركات التكنولوجيا ورصد بيانات عملائها. وأوضح الكاتب أنه لا يوجد دليل يشير إلى أن المعتدين في كلا الهجوميْن استخدموا تكنولوجيا مشفرة أو لجأوا إلى الانترنت في تخطيط تحركاتهم، بل كان التنسيق يُجرى وجهاً لوجه. وعلى رغم أن خبراء أمنيين عدة أثبتوا تواصل أفراد من تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) وجماعات إرهابية أخرى عبر منصات رقمية، مثل تطبيق «تيليغرام» الألماني، لكن براندوم لفت إلى عدم وجود ما يربط أي تطبيق أميركي بهذه العمليات.