"روابط العقارية" تعرض مشروعها "ذا جروف" في ريستاتكس جدة العقاري 2024    المديرس يفتتح لقاء صقور الكشافة ووسام كشافي العالم    القيادة تهنئ رئيس جمهورية أوغندا بذكرى استقلال بلاده    سفارة المملكة في الولايات المتحدة تطالب المواطنين بأخذ الحيطة من تداعيات إعصار "ميلتون"    إيقاف شخصين لادعائهما علاج العقم والجلطات وممارسة مهن صحية بلا ترخيص    الراشد: توجه لطباعة أعمال أمين مدني    محافظ الخرج يدشن حملة التطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية    95 مدرسة تتبع مكتب التعليم ببيش تحتفي ب 2000 معلم ومعلمة    استمرار هطول أمطار رعدية متوسطة بمختلف مناطق المملكة    استشهاد 13 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على الشجاعية ومخيم البريج    التنوير والتغريب    رحيل اللواء كتاب العتيبي.. رائد "الطب العسكري" في المملكة    عراقجي وزير الخارجية الايراني يزور الرياض سعياً لتجنيب المنطقة مواجهة عسكرية خطيرة    إمام المسجد النبوي يزور مجلس العلماء الإندونيسي بجاكرتا    معدل الأعمار على مستوى العالم يتجه للتباطؤ في القرن الحالي    جامعة أسكتلندية: هكذا انقرضت الديناصورات قبل 66 مليون عام    ثورة دوائية.. علاج جديد لسرطان الرئة    5 علاجات منزلية لإزالة البقع من الأسنان    أمانة جدة تستعيد 3 مواقع على واجهة شرم أبحر    30 سنة سجناً لوافدَيْن تورطا في 177 عملية احتيال مالي    217,000 وظيفة ثقافية و 3 % عوائد متوقعة بحلول 2030    «نيوم»: مجمع صناعة خرسانة ب 700 مليون لبناء «ذا لاين»    الدسوقي من اليابان: السعودية تسعى لإنتاج 600 طن من الهيدروجين الأخضر    مؤشرات البورصة الأمريكية تغلق على ارتفاع    العيسى: إقرار «وثيقة بناء الجسور» نقلةٌ مهمّةٌ في العمل الإسلاميّ المشترك    "عدنان" و"هوساوي" أبطال ذهب رفع الأثقال البارالمبية في ألعاب السعودية الثالثة    قبل مواجهة اليابان ب 48 ساعة .. سباق جماهيري للظفر بتذاكر مباراة الأخضر    جمهور يتعذب !    ثمّن دعم القيادة الرشيدة للإستراتيجية البيئية.. أمير الشرقية يُدشّن التمرين التعبوي» استجابة 15»    البيعة العاشرة.. ازدهار ونماء وجودة حياة    قيادة حكيمة ورؤية طموحة    جهود رائدة    خالد بن سلمان يستعرض مع أوستن التطورات.. ويلتقي السفير الفرنسي    السابع من أكتوبر    العثور على مفقود وادي بن هشبل بصحة جيدة    ولي العهد يطمئن الجميع على صحة خادم الحرمين.. مجلس الوزراء: نقل الترخيص لممارسة مهنة الاستشارات الإدارية للأفراد من "التجارة" إلى "الموارد البشرية"    السابع من أكتوبر.. جردة حساب    دشن النشرة الإلكترونية للجنة القانون الدولي الإنساني.. الأمير تركي الفيصل: المملكة لا تدخر وسعاً في نشر السلام    المسلم ينوه بدور السعودية المحوري في دعم الأمن والاستقرار.. المملكة والبحرين تعززان العلاقات البرلمانية    «وطن.. يلجأ العالم لسمائه»    ما هو تعريف الرومانسية؟    توفيق الحكيم.. عصفور من الشرق    تسوتايا ..مكتبة أم مركز ترفيهي؟    «الدرعية.. من هالأرض».. التاريخ يصنع المستقبل!    "الأكاديمية المالية" تعزز استدامة المواهب    تطوير أعمال مشاريع البنية التحتية للمجمعات التعدينية    ماكينة قهوة تنهي 17 سنة زواج    الأخضر يكثف تحضيراته لمواجهة اليابان في تصفيات المونديال    لمدة ثلاث سنوات .. "موسم الرياض" راعياً رسمياً للدوري الإسباني لكرة القدم    لماذا خسر الأهلي من الهلال؟    رونالدو الأكثر متابعة بفارق شاسع عن ميسي    اكتشاف خلايا خفية تساعد في التئام الجروح    «الإسلامية» تواصل برامجها لخدمة المعتمرين والزوار    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على سلطان بن محمد    الخريجي: السعودية تجدد إدانتها للإرهاب بأشكاله وصوره كافة    نائب أمير تبوك يستقبل رئيس واعضاء جمعية درع للبحث والإنقاذ    العيسى: إقرار «وثيقة بناء الجسور» نقلةٌ مهمّةٌ في العمل الإسلاميّ المشترك    نائب أمير مكة يتسلم تقرير «المساحة الجيولوجية» بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ذا فويس كيدز» يعيد المشاهد العربي إلى أصالته
نشر في الحياة يوم 22 - 02 - 2016

بعدما خطفوا قلوب الناس وأدمعوا عيونهم، دهشةً لا حزناً، في مرحلة «الصوت وبس»، عاد أطفال «ذا فويس كيدز» ليحتلّوا صدارة المُشاهدات، تلفزيونياً وإلكترونياً، في مرحلة المواجهات الثلاثية. أصحاب المواهب الصغيرة استحالوا نجوماً يتابعهم جمهور عريض يمتد على مساحة العالم العربي. ولم يقتصر انتباه المشاهدين على المواهب المتأهلة، بل ثمة مواهب لم يستدر لها أيّ من الحكام الثلاثة، لكنهم تحولوا إلى حديث العامة وحققوا ما لم يحققه مشاركون آخرون، فغدا استبعادهم تكريساً لحضورٍ أقوى لهم في البرنامج. وهذا ما حصل تماماً مع الطفل المصري لؤي، الذي غنّى في مرحلة «الصوت وبس» واحدة من أجمل أغنيات محمد عبد الوهاب «هوّه ده كان ليه»، بإحساس عالٍ وأداء مبهر.
ما أحدثه برنامج «ذا فويس كيدز» فاجأ الجميع. مشاهدات بالملايين ومقالات يومية وأخبار متجددة، وربما تكون أصداؤه فاقت توقعات القيّمين عليه. فالبرنامج في دورته الأولى تجاوز «ذا فويس» بنسخة الكبار، متخطياً نجاحات برامج الهواة الأخرى التي ما عادت تهتم بالمواهب المتنافسة بمقدار اهتمامها بالبرنامج نفسه ونجومه المحكمين. أعاد هؤلاء الأطفال إلى التلفزيون رونقاً افتقده منذ مدة، مثلما أعاد إلى المشاهد حماسة خسرها مع تطور وسائل الاتصال والتواصل. وتمكن الصغار بحناجرهم وحضورهم وإحساسهم من أن يطغوا على نجومية المدربين اللامعين الذين وقفوا حائرين أمام مواهب عظيمة يصعب استبعاد أيّ منها. والأهمّ أنّ صغار «ذا فويس كيدز» جذبوا إلى التلفزيون مشاهدين من فئات مختلفة، كباراً وصغاراً، مثقفين وعاديين... هكذا اعتاد المشاهد العربي، الذي أتخمته أخبار الموت والحروب والنزاعات، أن يطلّ عليه المتنافسون كلّ مساء سبت على شاشة «أم بي سي» ليبدلوا المعادلة التلفزيونية ويصنعوا من الدمعة بسمة ومن الخيبات نجاحاً ومن الموت حياة. وإن كانت متابعة المواجهات التي يُستبعد في نهايتها اثنان من أصحاب الموهبة الفذة أمراً مرهقاً للمدرّب وللمشاهد نفسه.
ولا يقف نجاح «ذا فويس كيدز» عند حدود المتابعة فقط، بل إنّه تعدّى فكرة البرنامج بأبعاده التجارية والاستهلاكية ليُقرّب المشاهد، وخصوصاً الجيل الجديد، من تراثه الغني والقيّم. أغنية واحدة بصوت أحد هؤلاء الأطفال، كانت كافية لكي يضغط المشاهد على محرّك البحث بغية سماع أغنيات جميلة ومنسية، مثل «من حبي فيك يا جاري» للفنانة حورية حسن التي غنّتها فرح الموجي (حفيدة الملحن محمد الموجي) أو «يا محلا الفسحة» من التراث السوري وأغنية «الشوق الشوق» لمحمد فوزي، و «اعطونا الطفولة» لريمي بندلي، التي أدّتها غنى بو حمدان فبكت وأبكت معها كلّ المشاهدين. ولا شكّ أنّ اختياراتهم التي تركزت على الريبرتوار القديم من الأغنيات العاطفية والوطنية يعكس تربية فنية أصيلة وتوجيه عائلي نحو الموسيقى الجميلة والطرب الأصيل.
هبة القوّاس عن مواهب «ذا فويس كيدز»
وأمام هذه المواهب قد يتساءل المشاهد عن مقدرة الطفل على أداء أغنيات صعبة بإحساس فنان ناضج اختبر الحياة بمختلف أوجهها وتجاربها وصدماتها. وثمة أسئلة كثيرة أخرى عن مستقبل هذه الأصوات وسرّها وضرورة توجيهها واحتضانها، أجابت عنها الفنانة والأكاديمية والمؤلفة الموسيقية اللبنانية هبة القوّاس بالقول: «أنا لا أتابع عادةً برامج تلفزيونية كثيرة لكنّ «ذا فويس كيدز» من الأعمال التي لا بدّ أن تتوقف عندها لأنّها باتت حاضرة على الشاشة وعلى المواقع الإلكترونية وفي نشرات الأخبار. المواهب الصغيرة أحدثت ضجة ودهشة بين الناس، وأظنّ أنّ الاستغراب نابع من أنّ الناس اشتاقت إلى سماع أصوات حقيقية ومختلفة عما اعتادوا سماعه أو مشاهدته على التلفزيون. فالنوع الغنائي المسيطر منذ فترة غير قليلة هو «البوب ميوزيك» أو ما أسميه «نايت ميوزيك»، على اعتبار أنها أغنيات تُناسب الحفلات الراقصة في النوادي الليلية وما شابه. وعادة لا يُشكّل هذا الفن أي دهشة لدى المتلقي لكونه يعتمد على الخفة والتسلية والإيقاع الراقص.
ثم إنّ الجمهور وجد نفسه فجأة أمام أصوات خارقة تُؤدي أغنيات صعبة من التراث العربي القديم، والأهمّ أنّ أصحاب هذه الأصوات هم أطفال خرجوا من صميم واقع عربي مأزوم ليبهروا الناس بجمال صوتهم ومواهبهم. وبدلاً من أن يكون الغناء الصحيح والراقي هو السائد والطبيعي، أصبح الابتذال هو الشيء العادي بينما الفن الحقيقي هو الغريب والمفاجئ. لذا لا أعتبر أنّ هذه المواهب المهمة فنياً وصوتياً وذوقياً مدعاة للاستغراب، فالفنان يولد موسيقياً بالفطرة، الصوت الجميل يتكوّن منذ الطفولة ولا يتجلّى فجأة في مرحلة النضج أو الشباب. لكنّ تعلم الموسيقى يبقى ضرورياً لتطوير هذه النعمة التي امتلكها الطفل منذ ولادته.
الموهبة الفنية تكمن في لا وعي الفنان بينما تعلّم الموسيقى يمثّل حالة الوعي، وعلى الفنان الحقيقي أن يحقق معادلة بين الاثنين، بين وعيه ولا وعيه حتى يقدّم فناً صحيحاً وأصيلاً. وهذا ما لاحظته في مواهب «ذا فويس كيدز» الذين جمعوا بين الموهبة والتدريب، بحيث يبدو أنّهم من عائلات مهتمة بالفن والموسيقى وإلاّ لما استطاعوا تقديم أغنيات صعبة وقديمة بهذه البراعة. أمّا المشكلة فهي في حماية هؤلاء الأطفال ممن قد يستغل صوتهم ونجاحهم لأهداف تجارية ومادية على حساب مستقبلهم الفني. فالصوت الجميل يجب أن يرتاح في سنّ البلوغ، وهي تختلف بين طفل وآخر، لأنّ الضغط على الحنجرة والعضلات قد تؤدي إلى تمزيق الأوتار وخنق الصوت وإعدامه.
ولا أقصد هنا الغناء في البيت مثلاً إنما في الحفلات وعلى المسارح والبرامج التي تستنزف صوته وتتطلب منه مجهوداً صوتياً مضاعفاً في وقت يكون الجسم وهرموناته في حالة تغيّر سريعة. أتمنى لهؤلاء الأطفال الذين أخرجوا المشاهد العربي من أوجاعه ومآسيه ومن صخب الفنّ الهابط وأخبار الحروب المدمرة والأفعال الإجرامية الرهيبة، وأهدوه جرعات فائقة من الجمال والبراءة والأصالة، أن يجدوا الدعم الكافي والاحتضان في ظلّ غياب أكاديميات موسيقية خاصة كما هي الحال في أوروبا أو كما كان في عصرنا القديم، حينما كان الزرياب يُدرّس الناشئة الموسيقى وعلومها في الأندلس أو على غرار شيوخ حلب ودمشق والقاهرة الذين تتلمذ عليهم كبار الفنانين في العالم العربي. وأخيراً، أقول إنّ نموذج «ذا فويس كيدز» أكّد ما كنت أقوله دائماً بأنّ المشكلة الفنية الراهنة ليست في نوعية المتلقي (الجمهور) بل في ما يُقدّم إليه. الإنسان ينجذب دوماً إلى الفنّ الحقيقي والأصيل».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.