حتى وان كان معروفاً ان دورة هذا العام من مهرجان «كان» السينمائي التي تفتتح فعالياتها مساء اليوم بعرض أحدث أفلام ريدلي سكوت «روبن هود»، تعتبر، من ناحية أسماء المخرجين المشاركين فيها، كما من ناحية رسمها للعلاقة بين أجيال المخضرمين والأجيال الشابة السينمائية، واحدة من الدورات القوية، فقد لا ينتهي بها الأمر لأن تكون الأنجح بين دورات الأعوام الأخيرة، لأسباب لا علاقة لها بالسينما. فالمسألة هنا اقتصادية وبيئية كما يجمع المراقبون. فإذا أضفنا خلو الدورة، وربما للمرة الأولى منذ أعوام كثيرة، من أي انتاج سينمائي عربي جديد، سوف يؤدي هذا كله الى التغطية على أهمية أفلام لمبدعين كبار آثروا أن يعطوا «كان» هذا العام، أحدث أفلامهم، وربما أقوى أفلام بعضهم منذ زمن طويل. فهناك ستيفن فريرز، وودي آلن، ريدلي سكوت ونيكيتا ميخالكوف. وهناك العمل الأوروبي الأول للإيراني عباس كياروستامي، كما الفيلم الجديد للمكسيكي اليخاندرو اينياريتو... إضافة الى عودة برنار تافرنييه بعد غياب، وكذلك عودة يوسلياني بعد غياب طويل أيضاً... واللائحة تطول. ولكن لا يمكن هنا إلا أن نذكر المخرج العربي رشيد بوشارب الوحيد الذي يؤمّن حضوراً ما في الدورة، ولو بفيلم فرنسي سيثير سجالات كثيرة. عنوان الفيلم «الخارج على القانون» وتدور أحداثه بين الجزائر وفرنسا عهد الحصول على الاستقلال. اضافة الى هذا كله فإن آخر أخبار المهرجان تقول ان الإنكليزي كين لوتش انضم الى المسابقة الرسمية بفيلمه الجديد «طريق ايرلندية». سجال آخر سيبدأ منذ الغد، أي بعد أن تنحسر موجة الفرح الصاخب بالافتتاح، ويزول من الجو عطر النجمات وتفاؤل أهل السينما بعودة هذا الفن الى الازدهار، كما سيعبر عنه خلال حفلة الليلة. السجال يتعلق بدوره بالشرق الأوسط، ولكن أيضاً بمسألة غزو التلفزة للسينما - أو كما يرى آخرون غزو السينما للتلفزة - ويؤمنه فيلم «كارلوس» الذي بدأ يثير النقاش وفي شكل يفوق ما كان أثاره قبل سنوات قليلة فيلم باربت شرودر، عن «جاك فرجيس» محامي الإرهاب في نظر بعضهم، المدافع عن المناضلين في نظر آخرين. فيلم «كارلوس» يبدو من الطينة ذاتها، وقد يكون بالالتباس ذاته تجاه موضوعه: الإرهاب أيضاً، ولكن هذه المرة من طريق عمل روائي يمتد زمن عرضه، أكثر من ست ساعات ونصف ساعة. هو على أي حال فيلم تلفزيوني ولكن ها هو يغزو السينما في عقر دارها... والمسألتان، أي الإرهاب وغزو الشاشة الصغيرة للكبيرة مسألتان شائكتان ربما تحركان جموداً ما في دورة «كان» بدءاً من غد. وفي انتظار ذلك، يمكن الاكتفاء هذا المساء بالحضور الكثيف للنجوم مع تناسي أشباح القلق من أزمة اليورو مع اليونان، وأزمة الغيوم البركانية، للتركيز على عيد السينما. وكذلك على هذه العودة لريدلي سكوت الى العصور الإنكليزية الوسطى، من خلال «روبن هود» فيلمه الجديد الذي يعرض في الافتتاح خارج المسابقة، وستبدأ غداً عروضه العالمية.