على مدى ثلاثين عاماً تسيّد الإعلام التقليدي مشاهد مهرجان الجنادرية، لكن الصورة تغيرت اليوم، إذ باتت وسائل الإعلام المرئي الجديدة أكثر سطوة عبر محتوى لا يخلو من العفوية، برنامج التواصل الاجتماعي «سناب شات» كان الأنجح في ترجمة ذلك الرواج. بالصوت والصورة وعبر حسابات شهيرة وأخرى أقل رواجاً ينقل الزوار جلّ تفاصيل الجنادرية إلى متابعيهم على منصة «سناب شات»، ليمنحوا المهرجان الشهير مزيداً من الحضور بين أوساط الشباب. واليوم يتوقع القائمون على المهرجان في نسخته الثلاثين تجاوز عدد الزوار حاجز الأرقام التي حققها سابقاً والتي جاء أكبرها في العام 2014 حين زار المهرجان ما يزيد على مليون و300 ألف زائر، زيادة أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي عبر المحتوى الإعلاني والبسيط المقدم في تكوينها. رحاب التركي وهي أم لأربعة أطفال غابت عن المهرجان ثلاث سنوات، إذ كانت في أستراليا حينها، تعيش اليوم تجربة التسويق للمهرجان إلكترونياً حتى من دون أن تتبنى ذلك الهدف مباشرة، إذ ترى أن برنامج «سناب شات» بما يوفره من فرصة لنقل وتوثيق الحدث يحفزها على الحضور، في ظل قدرتها على مشاركة أسرتها ومعارفها تفاصيل زيارتها اليومية، ونقل مشاهد التراث السعودي إلى صديقاتها من غير السعوديات والمقيمات في أستراليا، مشددة على أن تجربة نقل وقائع الجنادرية إلى صديقات أستراليات أثمرت اهتماماً بالغاً منهن بالتراث السعودي. مشهد الكرم العربي من تقديم القهوة والتمور وغيرها من الحلويات الشهيرة في السعودية، إلى جوار أزياء أهالي المناطق المختلفة الذين يرحبون بالضيوف في كل جناح، مشاهد بنت فضول أستراليات تعرفن على الحدث من خلال ما نقلته لهن رحاب عبر «سناب شات». وعلى رغم أن «الأوبريت» الفني المصاحب للجنادرية غاب هذا العام على غير عادة، إلا أن ذلك لم يلغِ قيمة المهرجان، في ظل العروض والرقصات الشعبية التي تعكس تقاليد وعادات مناطق المملكة، إضافة إلى الأجنحة التي تعرض الحرف اليدوية، والأكلات الشعبية، والأدوات التراثية، وما تضم بين جنباتها من تاريخ المجتمع على مر الأزمان، إضافة إلى ذلك فإن غياب المهرجان سنتين عن السعوديين أسهم في زيادة شوقهم إليه. ويبدو أن مهرجان الجنادرية الذي وجد سكناً في أفئدة السعوديين امتد إلى قلوب أبناء الدول المجاورة، بعد أن بات بيئة خصبة للبحث عن الموروث الشعبي في عمق التاريخ وما يؤصله في النفوس من عادات الآباء والأجداد التي خلدتها الذكريات وجسدتها الجنادرية، ذلك ما يحكيه مشهد تنوع جنسيات الزوار بين أقسام المهرجان المختلفة.