الحمد لله أنني سجلت في هذه الزاوية، بعد فوز باراك أوباما بالرئاسة الأميركية مباشرة، أن علينا نحن شعوب العالم النامي، ألا نفرح كثيراً بوصول رجل أسود إلى هرم السلطة في الدولة العظمى، وقلت في ما قلت، حينها، ان أوباما فوز أميركي، أي أن الرجل الأسود (الملون كما يحلو للبعض وصفه، خوفاً من الاتهام بالعنصرية) جاء إلى الرئاسة ليمسح الزفر الذي تركه المحافظون الجدد على جدران البيت الأبيض خلال فترة حكم جورج بوش الولد، ويزيل وشم العار الذي تركه بوش الولد على جباه الشعب الأميركي في كل مكان. وها هي الأيام تثبت أن أوباما أصغر بكثير من مواجهة اللوبي الصهيوني، الحاكم الفعلي للولايات المتحدة الأميركية، وهو ما دعا حكومة الفاشستي بنيامين نتنياهو إلى تسريب خبر مفاده أن نتنياهو تمكن من ترويض أوباما. الرئيس الأميركي ليس أسداً ليروضه رئيس وزراء الكيان الصهيوني، فهو مجرد معزة (على رأي أشقائنا في مصر) في غابة تحرسها أسود الصهاينة بقيادة المحافظين الجدد، بدليل أن اللوبي الصهيوني في واشنطن استطاع أن يختار الزمان والمكان ويدفع بإدارة أوباما إلى اتهام سورية بتزويد «حزب الله» بصواريخ سكود، وقبل أن يختفي غبار معركة صواريخ سكود، عاد «الأوباميون» واتهموا دمشق بتزويد حزب الله بصواريخ «600M». معروف أن سورية تساند حزب الله، وهو ذراعها الطولى في مواجهة الكيان الصهيوني على الجبهة الجنوبية (أي شمال الكيان الصهيوني)، إذاً لماذا هذه الاتهامات لسورية الآن؟! الصهاينة الفاشست في حكومة نتنياهو، عرفوا قدرة سورية وقوتها على قيادة تيار الممانعة من دون أن ترمي «غصن زيتون» وتسقط شعار: «السلام العادل والشامل» من أجندتها السياسية، لهذا بدأوا يكيلون لها الاتهام تلو الآخر، ليس هذا فحسب، بل إن أحد الفاشست الصهاينة، ادعى أن «كيانه المسخ» سيعيد سورية إلى العصر الحجري. أي الحرب الشاملة على دمشق، مع أن الصهاينة – قبل غيرهم – يدركون أنهم في حال فتحوا جبهة الجولان مع سورية، فان مقاتلي حزب الله سيصلون إلى الناصرة وربما إلى تل أبيب في أقل من يومين، وأن صواريخ الحزب ستصل إلى ديمونة وأبعد. الحرب على سورية ليست واردة. الصهاينة يمرون بأضعف مراحلهم. أنهم يقاومون الفناء بالمؤامرات وتحريك أذنابهم لجر الولاياتالمتحدة إلى صلب الصراع العربي – الصهيوني، تحت ذريعة حماية مصالح وحلفاء أميركا في المنطقة، علماً أن المحافظين الجدد لم يبقوا لأميركا حلفاء استراتيجيين في المنطقة، كما في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، لأن الغدر أصبح شيمة المتعاقبين على السكن في البيت الأبيض. كل الاتهامات الأميركية لسورية بتزويد حزب الله بصواريخ متطورة، وكذا عرقلة الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي تعيين روبرت فورد سفيراً لأميركا في دمشق، تهدف إلى إضعاف سورية، لأن الصهاينة لا يحبون التفاوض مع الأقوياء أولاً، وقتل روح الممانعة لدى دمشق وحلفائها ثانياً، والاستفراد بالسلطة الوطنية الفلسطينية، لإتمام مهمة المبعوث الأميركي جورج ميتشل واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعيداً من المساندة العربية في حدها الأدنى. ثمة سبب آخر يقف وراء تعاقب الاتهامات الأميركية على دمشق، فمن وجهة نظري، أن واشنطن - ومعها الأوروبيون - تتجه إلى حل ملف إيران النووي عبر القنوات الديبلوماسية، لأسباب عدة، وهي (واشنطن) تدرك أن طهران ستصور الحل الديبلوماسي لمشروعها النووي لمواطنيها وحلفائها في المنطقة، على أنه «نصر فارسي» على «الغرب الكافر»، خصوصاً أن أميركا وإسرائيل جربتا مواجهة طهران في حرب تموز (يوليو) 2006، والحرب على غزة، وخرج أحمدي نجاد منتصراً في الحربين، لهذا تحاول واشنطن وتل أبيب عزل نجاد عن محيطه الإقليمي وتشغل حليفيه الاستراتيجيين في المنطقة، وهم هنا: سورية وحزب الله، لكي يتم التفاوض مع طهران وهي في مرحلة عزلة وضعف. الولاياتالمتحدة أيضاً لا تفاوض الأقوياء، مثلها مثل «ربيبتها» إسرائيل.