أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في العراق أمس، أن مجلس المفوضين يدرس العدول عن الاستقالة، بعد وعود قدمها رئيس البرلمان أسامة النجيفي بعدم التدخل في عملها، مقابل تعديل قانون الانتخابات. في هذه الأثناء اتهم رئيس الوزراء نوري المالكي البرلمان بالضغط على المفوضية وبأنه يسحب منها صلاحية استبعاد المرشحين. وكانت المفوضية أعلنت أول من أمس أن «أعضاء مجلس المفوضين قدموا استقالاتهم إلى رئيس مجلس المفوضين، بسبب تعرضهم لضغوط كبيرة ناجمة عن التنازع بين السلطتين التشريعية والقضائية في ما يتعلق باستبعاد المرشحين». وقال المالكي في كلمته الأسبوعية أمس: «فوجئنا (بموقف رئيس البرلمان) ونحن نعد العدة ونتهيأ للانتخابات، وبعدما قامت المفوضية، وفق الصلاحيات الممنوحة لها ووفق القانون النافذ الذي تعمل بموجبه بإجراءات لاستبعاد المرشحين أو قبولهم، لا نستطيع أن نعترض على شيء، لأن هذا جزء من الحق الذي منحه القانون للمفوضية المستقلة وحصلت موجة من الغضب أو الاستياء من هذه القرارات». وزاد أن «الدستور والقانون عندما يمنح طرفاً أو مؤسسة صلاحية يمنح مؤسسة أخرى صلاحيات تكون حاكمة ومصححة لإجراءات قد تكون خطأ، فالمفوضية عملت برأيها وفق السياقات التي نعتقد بأنها قانونية، وإذا كان هناك شك في وجود خطأ في هذه الإجراءات فقد منح الدستور السلطة التشريعية عملية التصحيح». وقال إن «مجلس النواب يستطيع أن يغير الكثير وفق هذا السياق ويفرض الكثير على المفوضية، كونه سينتج قانوناً، والمفوضية ملزمة بالتعامل مع القانون الذي يسن وفق الصياغات». وأوضح أن «مجلس النواب عندما رفض عمليات الاستبعاد، وأنا لا أقول ليس من حقه، كان عليه أن يسلك السلوك القانوني لإيقاف هذه العملية، وليس بالضغط الذي أوصلنا إلى حافة الهاوية، عندما تقدم جميع الأعضاء بالاستقالة، وهذا يعني أن العملية الانتخابية برمتها أصبحت في خطر والعملية السياسية برمتها أصبحت في خطر، وكان على البرلمان ألا يسلك سلوكاً خطأ ويصدر أمراً وقراراً، كونه ليس جهة إصدار الأوامر والقرارات، وإنما التشريعات، ويطلب من مجلس الوزراء إجراء تعديل على قانون المفوضية يسحب منها حق استبعاد المرشحين». واعتبر المالكي أن «إصدار أمر من البرلمان بإلغاء استبعاد النواب مخالفةٌ قانونية، وهذا سلوك خطير وعلى المفوضية ومجلس النواب التزام السياقات القانونية». واعرب عن خشيته من محاولات تأجيل الانتخابات، «التي نرى كل الخطر في تأجيلها، ولكن لا يوجد شيء في الدستور والقانون ولا توجد جهة لديها صلاحية التأجيل، لذلك أخشى أن نذهب في إثارة المشكلة، ما يضطر المفوضية نتيجة الضغط غير القانوني إلى الاستقالة، وسيصبح هناك أمر واقع هو تأجيل الانتخابات وبعثرة الجهد السياسي وجهد الدولة والدخول في نفق قد لا نستطيع الخروج منه مطلقاً». وقال إن «البعض قد يرى مسألة استقالة المفوضية أمراً سهلاً، لذلك أكرر تحذيري ورجائي لكل المشاركين في العملية السياسية وفي المفوضية ضرورة العودة عن هذا القرار، وعلى مجلس النواب ترك طريقة التعامل هذه مع المفوضية والذهاب إلى تشريع القانون، ونتمنى خلال اليومين المقبلين عودة أعضاء المفوضية عن قرارهم وعودة من البرلمان عن عمليات الضغط التي يسلطها عليهم، كي تسير العملية وفق السياقات القانونية التي ينبغي علينا أن نقبلها». وقال عضو مجلس المفوضين كاطع الزوبعي ل «الحياة»، إن «رئيس المفوضية التقى اليوم (امس) رئيس البرلمان أسامة النجيفي وناقش معه قرار الاستقالة»، مشيراً إلى أن «الاستقالة كانت بسبب قرار البرلمان إعادة مرشحين استبعدتهم المفوضية بموجب القانون النافذ». وكان البرلمان وافق الأسبوع الماضي على إلزام المفوضية عدم استبعاد أي مرشح، باستثناء المحكومين قضائياً، بعد سلسة قرارات اتخذتها باستبعاد نواب حاليين بموجب الفقرة 3 من المادة 8 من قانون الانتخابات. وأوضح الزوبعي أن «النجيفي وعد بإلغاء قرار البرلمان مقابل طلب تعديل قانون الانتخابات رقم 45 لسنة 2014، وتحديداً المادة الثامنة التي تنص على أن يكون المرشح للانتخابات حسن السيرة والسلوك وغير محكوم بجريمة مخلة بالشرف». وأضاف: «نعلم أن هذا الأمر يتطلب بعض الوقت حتى يتمكن البرلمان من إتمام مراحل تعديل القانون، ونأمل في أن يكون بأسرع وقت ممكن». وزاد: «ندرس العدول عن قرار الاستقالة حالياً، بانتظار خطوة ملموسة من السلطة التشريعية لوقف تدخلها في عمل المفوضية». إلى ذلك، قال رئيس كتلة «دولة القانون» خالد العطية، إن «المفوضية تتعرض لضغوط ومحاولات للتأثير في قراراتها وسياقات عملها». وأضاف في بيان: «شدد على إجراء الانتخابات في موعدها فهذا استحقاق دستوري لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال، والتأخير سيعرض العملية السياسية برمتها إلى الخطر، وسيمثل انتكاسة لمسيرة الديموقراطية في العراق». وتابع: «إننا نعتبر الضغوط التي تمارس على مجلس المفوضين انتهاكاً» لاستقلاليته وانتقاصاً من قدرته على اتخاذ القرارات الصائبة وفق القانون والتعليمات النافذة من أجل التأثير لصالح جهات سياسية معينة، ومن هذه الضغوط ما تمارسه رئاسة مجلس النواب وبعض الكتل السياسية من محاولة لاتخاذ قرارات تلزم المفوضية وتكبل عملها. واتهم رئيس كتلة «الأحرار» مشرق ناجي بعض أعضاء «ائتلاف دولة القانون» بالتدخل في عمل مجلس المفوضين. وقال في بيان: «نحن نرفض التدخل في عمل مجلس المفوضين، وندين تدخل بعض أعضاء دولة القانون في عملها وعمل الهيئة القضائية».