يعترف الكثير من المشتغلين في حقل تكنولوجيا الإعلام والاتصال بأن من بين الدوافع لصناعة أجهزة التلفزة الرقمية ذات البعد الثالث ليس ملاحقة أدخنة البركان الآيسلندي ولا بقعة النفط الأميركية ولا حتى الاستمتاع بمشاهد أفلام هوليوود... ولا متابعة أخبار أوباما وأزمة اليونان، وإنما الدافع هو ليونيل ميسي ومن يأتي بعده من نجوم يمكنهم أن يجعلوا مونديال مانديلا مختلفاً عن مونديال 34 الذي لم نر منه سوى صور لكهول لا يختلفون عن شارلي شابلن، ومونديال 38 الذي احتفظ فيه اللاعبون بوقارهم، ومونديال 50 الذي تخلى فيه البرازيليون عن بعض وقارهم، ومونديال 54 الذي عاد فيه اللاعبون إلى شيء من وقارهم، ومونديال 58 الذي اكتشف فيه العالم أن هناك ما هو أكثر جاذبية من هوليوود «الصغير» بيليه، ومونديال 62 الذي أثبت أن الكرة يمكنها أن تغطي على أزمة الصواريخ بخليج الخنازير، ومونديال 66 الذي شاهد فيه العالم مباريات بالألوان وهدفاً مثيراً للجدل، ومونديال 70 الذي يعده الخبراء الأفضل خلال ثمانين عاماً، ومونديال 74 الذي أنسى الألمان ما حدث بأولمبياد ميونيخ قبل عامين، ومونديال 78 الذي بدأ فيه العالم يتنفس أوكسجيناً من بلاد التانغو، ومونديال 82 الذي نال فيه الألمان جائزة نوبل للكرة غير النظيفة بعد التآمر على الجزائر، ومونديال 86 الذي كرس مقولة أن الكرة بمثابة الشعر بأميركا اللاتينية والنثر بأوروبا، ومونديال 90 الذي رد الاعتبار للقارة العجوز، ومونديال 94 الذي جعل الأميركان يكتشفون الجلد المنفوخ، ومونديال 98 الذي صفق فيه العالم لزيدان، ومونديال 2002 الذي صفر فيه العالم على زيدان، ومونديال 2006 الذي ودّع فيه العالم زيدان، ومونديال 2010 الذي سينسى فيه العالم بيليه وأوزيبيو وياشين وكرويف ومارادونا وباجيو وزيدان ليشاهد بالبعد الثالث ليونيل ميسي القادم من الزمن الرقمي المتسم بالإبداع والإمتاع. فالاتفاق الذي وقعه «الفيفا» مع شركة سوني القاضي ببث 25 مباراة من المونديال باستخدام تقنية البعد الثالث، الثورة الجديدة في الصورة، أي يمكن أن يشاهد المرء المباراة في بيته وكأنه حاضر في جنوب أفريقيا. من الزاوية التي يريد! ومن دون شك فإن مونديال أفريقيا 2010 سيكون لحظة فارقة بين مونديال روما الذي شوهد في صور محمضة. ومونديال لندن الذي شوهد بالألوان، ومونديال جوهانسبورغ الذي تزاوج فيه الإبداع التكنولوجي والإبداع الكروي، وكلما تألق ميسي ومن هم في ظله من أصحاب القامات القصيرة، إلا وازدادت تكنولوجيا ذوي العيون الضيقة تألقاً. [email protected]