سقط مشروع قانون «تجريم الإستعمار» الذي بادر به نواب جزائريون، على خلفية تجاوز المدة القانونية (وهي شهران) لإيداعه من دون ورود أي رد من الحكومة. وعوّل أصحاب المبادرة على أن يتم بته في الدورة العادية الربيعية للبرلمان، لكن ذلك لم يحصل. ويُعتقد أن ضغوطاً ديبلوماسية قد تكون حالت دون ذلك. وكان تمرير مشروع القانون ينتظر تجاوز عقبة وحيدة وهي موافقة الحكومة الجزائرية عليه. وأشارت مصادر متعددة إلى أن الحكومة كانت إلى وقت قريب تتعلل بالتزامات ديبلوماسية وقانونية تحول دون الذهاب بعيداً بالمشروع الذي ولد باقتراح من نواب مستائين من خطوة نيابية فرنسية تهدف إلى إصدار قانون يشيد بما قام به المستعمرون الفرنسيون. وعلمت «الحياة» أن مشروع القانون أثار نقاشات كثيرة في أروقة السلطة من دون أن يتم الحسم فيه، فقررت الحكومة أن تلتزم رسمياً صمتاً مطبقاً وتبتعد من الضغوط التي يمارسها عليها بعض الأحزاب السياسية والدوائر الإعلامية. وتحاشت الحكومة في نهاية المطاف الرد القانوني على مشروع القانون في أجله القانوني المنصوص عليه وهو شهران، ما أدى إلى «سقوط مشروع القانون في الماء»، على حد وصف مصدر سياسي. وعلى رغم ذلك، فإن نائب حزب جبهة التحرير الوطني موسى عبدي، وهو أبرز المبادرين باقتراح قانون تجريم الاستعمار، يُبقي على تفاؤله بمستقبل المشروع. أما الكتلة السياسية لنواب «حركة النهضة» فقد اتهمت مكتب الغرفة السفلى في البرلمان بالتواطؤ مع الحكومة لدفن اقتراح قانون تجريم الاستعمار. وأفيد أن الحكومة أبدت ملاحظات على مشروع القانون المقدم إليها مشيرة إلى «ضعف» صياغة مواده مثل الدعوة إلى إنشاء «محكمة جنائية جزائرية خاصة». وعُلم أنه بعد أن أودع نواب البرلمان، ومعظمهم من حزب الغالبية (جبهة التحرير الوطني)، مشروع القانون لدى مكتب المجلس بعد استيفاء الشروط القانونية وجمع التوقيعات اللازمة، اطّلعت الحكومة على المشروع وأبلغت الأمين العام لجبهة التحرير عبدالعزيز بلخادم برأيها المتحفظ عليه. والمشروع هو الثاني من نوعه بعد مشروع قانون مماثل رفضه مكتب المجلس عام 2005، ويتضمن مواد تطالب فرنسا بالاعتذار وتحمّل مؤسسات الدولة الجزائرية مسؤولية تحصيل حقوق الجزائريين التاريخية والسياسية والمالية من الدولة الفرنسية. وأفيد أيضاً أن الحكومة فكّرت في حل له بُعد دولي من خلال مشاورة دول من المستعمرات السابقة كفييتنام التي حل رئيسها قبل أسبوعين في الجزائر، وأيضاً مع كوبا وبعض دول أميركا اللاتينية. ولا تبدي الحكومة الجزائرية تفاؤلاً بنهاية قريبة لبوادر الأزمة مع فرنسا، سيما بعد تصريحات وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير التي أشار فيها إلى إمكان تحسّن علاقات الجزائر بباريس بعد رحيل جيل الاستقلال. وأثارت هذه التصريحات موجة من الإستياء حكومياً ولدى الطبقة السياسية والأحزاب الكبرى - سواء القريبة من الحكومة أو المعارضة. ولم تحصل زيارة كان من المقرر أن يقوم بها للجزائر الوزير كوشنير في شباط (فبراير) الماضي.