ينص قرار مجلس الوزراء صراحة على ألا تزيد نسبة الاستقطاع من راتب الموظف على الثلث، أي 33.33 في المئة. وهو النظام المعمول به والمتبع في المملكة منذ سنوات طويلة. ومهما كان مقدار القرض أو عدد سنوات سداده فإنه لا يجوز لأية جهة مخالفة هذا النظام واستقطاع نسبة أعلى من الثلث. كما أن البنوك أصبحت في السنوات الأخيرة، وبناء على تعليمات مؤسسة النقد تحتسب قسط سداد بطاقات الائتمان ضمن هذا الثلث، بمعنى أنه لو كان قسط البطاقة الائتمانية يعادل 5 في المئة من الراتب، فإن المصرف لا يستقطع أكثر من 28 في المئة في مقابل القرض، وبحيث لا يتعدى مجموع القسطين ثلث الراتب. كما أنه النظام الذي تعمل به المحاكم الشرعية في المملكة. فالمحاكم لا تقضي باستقطاع أكثر من ثلث راتب الموظف المدين، حتى لو كثر الدين أو كثر الغرماء. ونظام استقطاع الثلث الذي ينص عليه نظام مجلس الوزراء شبه عالمي ومعمول به في كثير من الدول، وهو نظام عادل ومنطقي بحيث يستبقي ثلثي الراتب لاستهلاك الموظف والتزامات أسرته وأطفاله. وبناءً على ما سبق، لم أصدق عيني وأنا اقرأ ما نشرته صحيفة «المدينة» يوم الجمعة الماضي بعنوان «رفع نسب الاستقطاع إلى 50 في المئة ومنح الفرصة لحديثي التعيين للحصول على قروض مساكن». ويقول الخبر: «قررت المؤسسة العامة للتقاعد إجراء تعديلات على نظام «مساكن» بهدف التخفيف عن الموظفين ودفعهم للالتحاق بالبرنامج من أجل تملكهم الفلل والشقق السكنية، وتحقيقاً لرغبة الكثير في الحصول على أقصى تمويل ممكن لمواجهة التسارع في ارتفاع أسعار العقارات السكنية أتاح البرنامج الفرصة للحصول على تمويل في حدود نسبة استقطاع شهرية تصل ما بين 45 في المئة، من الدخل الشهري، إلى 50 المئة بموافقة المقترض الخطية على النسبة المحددة». ولأن استقطاع هذه النسبة مخالف لنظام مجلس الوزراء الصريح في هذا الخصوص، وظالم للمقترضين، فقد شككت في الموضوع، وعدت إلى موقع المؤسسة، فوجدت الكلام نفسه على لسان مدير إدارة تسويق وتشغيل الأملاك العقارية في المؤسسة الدكتور فهد الحصين في لقاء له مع مجلة «التقاعد» التي تصدرها المؤسسة في عددها لشهر نيسان (أبريل) الجاري. إن هذا الإجراء يجب أن يوقف لأمور عدة أهمها: أولاً: إنه مخالف لنظام مجلس الوزراء الصريح الذي ينظم هذا الجانب. كما أنه لا يجوز نظاماً توقيع المشتري تعهداً بأن يدفع أكثر من ثلث راتبه. ولو عادت الأمور إلى الشرع لما حكمت المحكمة للمؤسسة باستقطاع أكثر من ثلث الراتب كما ذكرنا آنفاً. ثانياً: إن استقطاع أكثر من ثلث الراتب فيه ظلم كبير للمشترين عن طريق المؤسسة، ولأن المؤسسة تقرض من بلغ راتبه أربعة آلاف ريال، فلو أخذت نصف هذا المبلغ، فإن المشتري لن يستطيع أن يعيش بكرامة بألفي ريال فقط بعد استقطاع مثلها للمؤسسة. ثالثاً: إن هذا الإجراء غير عادل وظالم للمنافسين الآخرين، فالبنوك ومؤسسات الإقراض السكني الأخرى لا تستطيع استقطاع أكثر من ثلث الراتب، بينما تستقطع المؤسسة نصف الراتب وفي هذا تأثير على العدالة والمنافسة في سوق العقار. رابعاً: إن مخالفة المؤسسة للنظام وتمرير هذه الخطوة سيكون بداية للآخرين لكسر الأنظمة الصريحة وتخطيها، بما ينقل سوق العقار من التنظيم إلى العشوائية، ومنطق القوي يبتلع الضعيف. لهذه الأسباب أدعو رئيس مجلس إدارة المؤسسة الدكتور إبراهيم العساف لإيقاف هذه الخطوة فوراً، وفتح ملف أسباب فشل برنامج «مساكن»، وتعديل النسبة على القروض بما يحقق للمؤسسة ربحية معقولة، ويسهم في حل أزمة الإسكان التي يعاني منها السعوديون. * اقتصادي سعودي - بريطانيا www.rubbian.com