رويترز، أ ف ب - وافق المسؤولون السياسيون والأمنيون في إندونيسيا، خلال اجتماع عقِد في القصر الرئاسي أمس، على إجراء تعديلات في قوانين مكافحة الإرهاب التي تسمح للمواطنين الذين قاتلوا في صفوف تنظيم «داعش» وجماعات اسلامية في الشرق الأوسط بالعودة الى البلاد. وتخشى أجهزة الأمن أن يشن جهاديون عائدون هجوماً أخطر من اعتداءات جاكرتا الخميس الماضي التي استخدم فيها 4 متشددين محليين مسدسين و11 قنبلة بدائية الصنع ذات تأثير محدود، وقتلوا 4 اشخاص قبل ان ترديهم الشرطة. وأعلن رئيس البرلمان ذو الكفل حسن ان المسؤولين وافقوا على مراجعة قانون الإرهاب للتركيز على المنع، موضحاً أن القانون الحالي «لا يورد أي شيء يتعلق بالتدريب على الإرهاب، وبالمقاتلين الذين يسافرون إلى الخارج للالتحاق بجماعات متطرفة ثم يعودون، ما يتطلب تعديلات ستشدد أيضاً أحكام السجن للمدانين بارتكاب جرائم إرهاب. وقال الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو ان مناقشات القانون الجديد «لا تزال في مرحلة مبكرة، لكنها ملحة جداً، لأن كثيرين سافروا إلى سورية ثم عادوا»، علماً ان السلطات تعتقد بأن 500 إندونيسي سافروا الى الشرق الأوسط، وعاد حوالى مئة منهم من دون أن يشارك معظمهم في القتال. وأول من أمس الإثنين، صرّح رئيس الشرطة الإندونيسية بدر الدين حياتي بأن السلطات تتحسب لعودة مقاتلين أكثر حنكة ويملكون قدرة اكبر على شن هجمات أعنف من اعتداءات جاكرتا التي لم يسقط فيها ضحايا كثيرين بسبب نقص الخبرة وضعف التسليح. وحتى إذا أقرت التعديلات المقترحة ستظل قوانين مكافحة الإرهاب في إندونيسيا أقل تشدداً منها في دول مجاورة بينها ماليزيا التي أصدرت في نيسان (ابريل) الماضي قانوناً يسمح مجدداً باعتقال مشبوهين بلا محاكمة، وذلك بعد ثلاث سنوات على إلغاء إجراء مماثل. كما أصدرت استراليا في السنوات الأخيرة إجراءات تحظر عودة مواطنيها من مناطق الحروب في دول الشرق الأوسط، وخففت القيود على مراقبة الاتصالات في الداخل. الى ذلك، رأى محللون ان مشاركة سجينين سابقين احدهما يدعى عفيف في اعتداءات جاكرتا، والتي قتِل فيها، يسلط الضوء على نظام السجون الذي سمح باختلاط المتطرفين بسبب نقص العاملين وازدحام الزنازين والفساد، ثم الخروج منها عازمين على القتل. ونفذ عفيف، المعروف أيضاً باسم سوناكيم، عقوبة السجن 7 سنوات في معتقل سيبينانغ لمشاركته في معسكر لتدريب متطرفين في إقليم آتشيه، ورفض اتباع برامج توعية تهدف الى إبعاده عن الفكر المتطرف. وامتنع أكبر هادي، الناطق باسم وزارة القانون وحقوق الإنسان، عن تأكيد إخضاع نشاطات عفيف لمراقبة بعد إطلاقه في آب (أغسطس) الماضي، علماً ان خبراء يقولون ان السلطات علمت بتأثره مع حوالى 20 مداناً بزميلهم الداعية الإسلامي أمان عبد الرحمن الذي تلهب خطبه مشاعر أتباعه. وقال توفيق آندري، المدير التنفيذي لمعهد بناء السلام الدولي في جاكرتا: «مكثوا في السجن ذاته وصلّوا وطهوا طعامهم معاً»، قبل ان يُنقل عبد الرحمن إلى سجن يخضع لحراسة مشددة في نوساكامبانجان وسط جاوا عام 2013، لكنه ظل على اتصال بعفيف ومجموعة متنامية تضم حوالى 200 فرد يستخدمون أشخاصاً وهواتف خليوية للتواصل. وهو نجح ايضاً في توزيع خطب عبر نسخ ورقية والبريد الإلكتروني وموقع «فايسبوك»، وأعلن عام 2014 ولاءه عبر الإنترنت ل «داعش». وكان سعود عثمان، رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في إندونيسيا، قال في تشرين الثاني (نوفمبر) إن «مسؤولي السجون عجزوا عن وقف هذه الاتصالات بسبب مشكلة الازدحام». وتعتقد الشرطة بأن العقل المدبر لهجوم جاكرتا هو إندونيسي يدعى بحرون نعيم الذي يقاتل في صفوف «داعش» في سورية، مشيرة الى أنه استخدم وسائل التواصل الاجتماعي في نقل الأفكار المتشددة إلى أنصاره في اندونيسيا، وحوّل آلاف الدولارات الى حساباتهم. ومنذ الاعتداءات حجبت إندونيسيا مواقع، وطالبت شبكات التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» و«فايسبوك» و«تليغرام» برفع المحتوى الذي يتضمن أفكاراً متطرفة. في استراليا، اعلنت الشرطة ان إطلاق نار استهدف مركزاً لها في حي كواكرز هيل الذي يبعد 40 كيلومتراً من وسط سيدني، ما اسفر عن جرح شخص واحد على الأقل. والبلاد في حال تأهب مرتفعة تحسباً لهجمات قد يشنها مواطنون متشددون. وتقول السلطات إنها أحبطت هجمات محتملة على رغم ان مهاجمين «منفردين» نفذوا بضعة اعتداءات في الأشهر القليلة الماضية. هجوم بوركينا فاسو على صعيد آخر، اعلنت السفارة المغربية في واغادوغو وفاة المواطنة ليلى علوي اثر اصابتها بذبحة قلبية خلال الهجوم الذي شنه «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» على مطعم وفندق وسط واغاداغو، ما رفع عدد القتلى الى 30. وأوضحت السفارة ان علوي التي تعمل مصورة قدِمت الى واغادوغو لالتقاط صور فوتوغرافية لمصلحة منظمة العفو الدولية، تواجدت في مقهى «كابوتشينو»، وأصيبت برصاصتين في الذراع والساق، ما حتم نقلها الى عيادة حيث أجريت لها عملية جراحية. وغداة اعتقال الرباط بلجيكياً مغربي الأصل على صلة بمنفذي اعتداءات باريس، كشفت وزارة الداخلية المغربية أن الموقوف ج. ع. سافر إلى سورية انطلاقاً من بروكسيل برفقة أحد انتحاريي الاعتداءات وانضم إلى «جبهة النصرة» التابع لتنظيم «القاعدة»، ثم «داعش». وأشارت الى انه تدرب على استخدام أسلحة وصنع متفجرات وخوض حرب عصابات داخل المدن، قبل ان يلتحق بجبهة قتال، وأنه كان على صلة بقادة ميدانيين في «داعش» بينهم عبد الحميد أباعود العقل المدبر لاعتداءات باريس والذي قتلته الشرطة الفرنسية بعد ايام داخل شقة في ضاحية سان دوني الباريسية. وتوجه الموقوف من سورية الى تركيا ثم ألمانيا وبلجيكا، قبل أن يقرر العودة إلى المغرب انطلاقاً من هولندا. وجرى رصد تحركاته بهذا الصدد، ما يشير إلى تزايد مستويات التنسيق بين أجهزة الاستخبارات المغربية ونظيراتها الأوروبية. حملة «فايسبوك» الى ذلك، بدأت «فايسبوك» حملة في انحاء اوروبا لإحباط التدوينات المتطرفة في وسائل التواصل الاجتماعي، بعدما أثار سياسيون ألمان مخاوف من تصاعد التعليقات التي تحض على كراهية الأجانب والمرتبطة بتدفق اللاجئين. ورصد الموقع أكثر من مليون يورو لدعم «المبادرة من أجل الشجاعة المدنية على الإنترنت». وقالت شيريل ساندبرغ الرئيسة التنفيذي للعمليات في «فايسبوك» إن «لا مكان لخطاب الكراهية في مجتمعنا، وشبكة الإنترنت». والجمعة الماضي، اعلنت «فايسبوك» إنها استأجرت وحدة تابعة لمجموعة «بيرتلسمان» للنشر لمراقبة وحذف التدوينات العنصرية على منصتها في ألمانيا. وجاء ذلك بعدما فتح ممثلو الادعاء في هامبورغ تحقيقاً في شأن «فايسبوك» للاشتباه بأنها لا تتخذ خطوات كافية لمنع نشر خطاب الكراهية.