حقق مقاتلو المعارضة السورية مكسباً على الأرض في محافظة اللاذقية التي تعتبر معقلاً لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بسيطرتهم أمس الإثنين على بلدة كسب ومعبرها الحدودي مع تركيا، وذلك غداة إسقاط تركيا طائرة حربية سورية كانت تشارك في معارك كسب. وبالسيطرة على معبر كسب، لم يتبقَّ سوى معبر حدودي واحد مع تركيا تحت سيطرة قوات النظام هو معبر القامشلي في محافظة الحسكة (شمال شرقي سورية) المقفل من جانب السلطات التركية التي تعتمد موقفاً مناهضاً لنظام الأسد منذ بدء الأزمة في سورية قبل ثلاث سنوات. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان (مقره بريطانيا) في تقرير ميداني عن التطورات في محافظة اللاذقية، بأن «الطيران الحربي نفّذ غارات جوية عدة على مناطق قرب معبر كسب الذي تسيطر عليه جبهة «النصرة» وكتائب إسلامية مقاتلة عدة، ومناطق في بلدتي سلمى وناحية ربيعة، ترافق مع قصف عنيف من جانب القوات النظامية على مناطق في جبل التركمان، ومناطق على طريق اللاذقية - حلب، ما أدى إلى اشتعال النيران في بعض الأحراش بمنطقة قسطل معاف، في حين تستمر الاشتباكات العنيفة بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني و (المقاومة السورية لتحرير لواء اسكندرون) من جهة ومقاتلي جبهة «النصرة» وكتائب إسلامية مقاتلة عدة من جهة أخرى في جبل شالما وطريق السمرا وبلدة كسب وسط إحراق القوات النظامية أحراشاً عدة في المنطقة». وتابع: «تبيّن أن الانفجار الذي هز معبر كسب ناجم عن انفجار صاروخ من نوع أرض - أرض أطلقته القوات النظامية على منطقة المعبر». وقال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس»: «وصل مقاتلو الكتائب المعارضة إلى الساحة الرئيسية في بلدة كسب التي سيطروا على معظمها، ولا تزال المعارك جارية على أطرافها». وأكد «سيطرة مقاتلي الكتائب الكاملة بالتالي» على معبر كسب الذي كانوا دخلوه السبت. وتسببت المعركة في محيط كسب التي توسعت إلى قرى مجاورة أيضاً، بمقتل حوالى 130 عنصراً في الجانبين المتقاتلين يومي السبت والأحد فقط. وبين القتلى من جهة النظام، قائد جيش الدفاع الوطني هلال الأسد، وهو أحد أقارب الرئيس السوري، والذي قتل مع سبعة عناصر كانوا برفقته. ونفى مصدر أمني في دمشق، رداً على سؤال ل «فرانس برس»، سقوط كسب. وقال إن «المعارك مستمرة، والموقف غير واضح». لكن «الحياة» اطلعت على تقارير مصورة وزعها ناشطون على شبكة الإنترنت تُظهر ثواراً داخل كسب حيث تم تدمير تمثال للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، كما كانت تُسمع تكبيرات تهليلاً بالثوار. لكن شوارع كسب بدت خالية من المواطنين، علماً أن تقارير أفادت بأن الجنود النظاميين كانوا أخلوها من سكانها بعد بدء هجوم المعارضة، انطلاقاً من مناطق حدودية مع تركيا الأسبوع الماضي. وتشارك في المعارك من جهة المعارضة، وفق «المرصد»، جبهة «النصرة» وكتائب إسلامية عدة. وذكرت «فرانس برس» أن شريط فيديو تم بثه على موقع «يوتيوب» على الإنترنت يوم الأحد أظهر مسلحين بعضهم ملثم داخل المبنى الرئيسي لمعبر كسب، وقد حمل أحدهم علماً أسود كتب عليه «كتائب أنصار الشام». وقام آخرون بتحطيم صور للرئيس السوري بشار الأسد والدوس عليها. وأشار «المرصد» إلى استقدام تعزيزات عسكرية للقوات النظامية إلى المنطقة. في المقابل، قصفت الكتائب المقاتلة مدينة اللاذقية بصواريخ. وأعلنت جبهة «النصرة» و «حركة شام الإسلام» و «كتائب أنصار الشام» في 18 آذار (مارس) بدء «معركة الأنفال» في الساحل السوري. وقال الناشط عمر الجبلاوي من منطقة اللاذقية ل «فرانس برس» في اتصال هاتفي: «إن معبر كسب الحدودي وحوالى 90 في المئة من البلدة» تحت سيطرة المعارضة، مشيراً إلى أن المعركة انتقلت إلى محيطها. وقال: «إن النظام يحاول جاهداً منع تقدم الثوار إلى البحر»، معتبراً أن إسقاط تركيا مقاتلة سورية الأحد «يعني أن المقاتلين مدعومون هذه المرة من تركيا وليس كما المرات السابقة». وأسقطت مقاتلة تركية من طراز إف - 16 الأحد طائرة حربية سورية كانت تشارك في قصف منطقة كسب. وهنأ المسؤولون الأتراك هيئة الأركان على إسقاط الطائرة، وأدرجوه في إطار «حماية الحدود» التركية بعد انتهاك الطائرة هذه الحدود. في المقابل، اتهمت سورية الأحد جارتها الشمالية بارتكاب «اعتداء سافر يؤكد تورط (رئيس الوزراء التركي رجب طيب) أردوغان في دعم العصابات الإرهابية». وتتهم دمشقتركيا بالتورط في معركة كسب ومساندة المجموعات المسلحة، مشيرة إلى أن هذه المجموعات دخلت المدينة من الأراضي التركية. وأشار «المرصد» إلى أن معظم سكان كسب ذات الغالبية الأرمنية، فروا من منازلهم بسبب المعارك. ووفق الخبير في الشؤون السورية والمختص في علم الجغرافيا الفرنسي فابريس بالانش، تعتبر كسب آخر بلدة أرمنية في الشرق الأوسط. وقد نجت من المجازر التركية عام 1915، على الأرجح بسبب عزلتها. وفي عام 1939، فصلت فرنسا كسب عن إقليم اسكندرون التركي خوفاً من طرد سكانها كما حصل مع سكان المناطق الأرمنية الأخرى. ويرى بالانش أن مقاتلي المعارضة اجتازوا الحدود التركية ودخلوا كسب من جهتي الغرب والجنوب الشرقي من أجل تطويق البلدة وقطعها عن اللاذقية. ويأتي هذا التقدم في وقت سجل مقاتلو المعارضة نقاطاً خلال الأيام الماضية في مدينة حلب (شمال) ومحيطها، وفي ريف إدلب (شمال غرب) وفي حماة (وسط). وأفاد «المرصد» أمس في تقرير ميداني من محافظة ريف دمشق، بأن الطيران المروحي جدّد قصفه بالبراميل المتفجرة على مناطق في مدينة داريا التي تعرضت أحياؤها الجنوبية الغربية لقصف مدفعي. وتابع: «أن الكتائب الإسلامية المقاتلة أسقطت طائرة استطلاع أثناء تصويرها في سماء مدينة داريا». وأشار إلى أن «طائرة حربية قصفت 7 مرات متتالية مناطق في بلدة الرحيبة ومحيطها، ومعلومات عن استشهاد 4 مواطنين بينهم طفل وسيدة». وفي محافظة دمشق وقع انفجار في ساحة الهدى بحي المزة. وبث ناشطون صوراً تُظهر سيارة تحترق في أحد شوارع هذا الحي الذي يقطن فيه موالون للنظام. وفي محافظة دير الزور، أشار «المرصد» إلى مقتل عنصر في الكتائب المقاتلة خلال اشتباكات مع «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في منطقة التبني بالريف الغربي لمدينة دير الزور. وذكر «المرصد» أيضاً أنه «عُثر على جثمان فتاة في ال20 من عمرها على أطراف بلدة مراط بريف دير الزور الشرقي مقتولة بطلقتين بالرأس وعليها ورقة كتب فيها: هذا جزاء من يتعامل مع الجيش الوطني». وفي محافظة حلب، قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في حي مساكن هنانو ومحيط مخيم حندرات، فيما وردت معلومات عن استشهاد رجل وسقوط جرحى نتيجة سقوط قذيفتي هاون على مناطق في حي بستان القصر وسقطت قذائف صاروخية عدة على مناطق في حي الخالدية التي تسيطر القوات النظامية على أجزاء واسعة منه، كما تعرضت مناطق على طريق حي الجندول ومنطقة جبلة عرب قرب تلة الشيخ يوسف لقصف من القوات النظامية، وألقى الطيران المروحي براميل متفجرة عدة على مناطق في قرية باشكوي بريف حلب الشمالي، وفق ما أورد «المرصد» الذي أفاد ب «قصف الطيران الحربي منطقتي الشيخ سعيد والفردوس في وقت كانت تدور اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني وضباط من «حزب الله» اللبناني من جهة، ومقاتلي كتائب إسلامية مقاتلة في منطقة النقارين ما أدى إلى إعطاب دبابة للقوات النظامية وخسائر بشرية في صفوفها. كما دارت مواجهات في منطقة الشيخ نجار، في حين قصف الطيران المروحي ببراميل متفجرة أماكن في منطقتي جبل عزان ومحطة عبطين». وفي محافظة حمص، أعلن «المرصد» وقوع «اشتباكات عنيفة بين مقاتلي جبهة «النصرة» وكتائب إسلامية مقاتلة عدة من جهة، والقوات النظامية من جهة أخرى على أطراف مدينة تدمر ومعلومات عن أسر 16 عنصراً من القوات النظامية».