يسعى المغرب من خلال مفاوضات مع مجموعة البنك الدولي في واشنطن، إلى إبرام اتفاق جديد لبرنامج «الدعم القطري الاستراتيجي» (كاس) الذي سيغطي الفترة بين عامي 2014 و2017، والذي يتوقع أن تتجاوز قيمة قروضه ثلاثة بلايين دولار. وأفادت مصادر من البنك الدولي بأن إطار الدعم الجديد يتضمن ثلاث ركائز إستراتيجية، تشمل تحسين تنافسية الاقتصاد المغربي بما يضمن نمواً سريعاً وشاملاً تستفيد منه كل الفئات الاجتماعية، وتحسين الخدمات الأساس، خصوصاً للسكان القرويين، وتطوير التعامل مع قضايا الشباب والمساواة بين الجنسين والمسؤولية، باعتبارها مواضيع عامة مشتركة تحدد ركائز إطار الشراكة المستقبلية مع الرباط. ويهدف إطار الشراكة الإستراتيجية الجديد إلى تعزيز مشاركة مجموعة البنك في القضايا المتعددة القطاعات، مثل القدرة التنافسية للاقتصاد والحكم الرشيد والحماية الاجتماعية وإصلاح نظام دعم الأسعار، وخلق مزيد من فرص العمل للشباب، ودعم المشاريع الإنمائية مثل «المخطط الأخضر» لتطوير الزراعة، وبرامج استخدام المياه العذبة، وتمويل إنشاء الشركات الصغرى والمتوسطة، وتحسين مناخ الأعمال وزيادة التدفقات الاستثمارية. وأشرك البنك الدولي في جولة مفاوضاته مع الرباط ممثلين عن المجتمع المدني، والمرأة والشباب واتحاد رجال الأعمال والقضاة والباحثين والإعلاميين ومنظمات حقوق الإنسان. وكان البنك ساهم في مجموعة برامج إستراتيجية مع المغرب منذ العام 1997، كما حصلت الرباط في السنوات الثلاث الماضية على مجموعة قروض قدرت ب 1.9 بليون دولار، بمعدل 650 مليون دولار سنوياً، لتجاوز الصعوبات الاقتصادية التي رافقت «الربيع العربي» والأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو. وكان البنك منح المغرب قروضاً قُدرت قيمتها بنحو 13.5 بليون دولار، سدد منها نحو سبعة بلايين دولار، إضافة إلى قرض ب 300 مليون دولار لبرامج «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية» و200 مليون دولار لدعم مشاريع إصلاح الإدارة المالية والشفافية لاعتماد نظام جديد للموازنة. وأكد البنك في مذكرة أول من أمس أن «الرباط حققت أداء جيداً على رغم الأزمات الإقليمية والدولية، بفضل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والحقوقية والدستورية التي قادها الملك محمد السادس، والتي ضمنت الاستقرار والتنمية، على رغم أن السكان يحتاجون إلى مزيد من الإصلاحات الاجتماعية والمؤسساتية، ومنها توافر حوكمة أفضل. ويعتقد البنك أن معدل النمو في المغرب بلغ خمسة في المئة في المتوسط خلال السنوات الماضية، على رغم الهزات الخارجية مثل الأزمة الأوروبية والصراعات الإقليمية، وتمكن من خفض معدلات الفقر، ولكن 13 في المئة من السكان لا يزالون على حدود خط الفقر. وبما أن ثلثي السكان الفقراء يعتاشون من الزراعة والصيد البحري، فإن هذه الفئة تبقى رهينة الأمطار والتغيرات المناخية وحجم الإنتاج الغذائي، بينما تعاني فئة الشباب من بطالة طويلة الأمد. وعلى رغم تقدير الحكومة نسبتها بنحو تسعة في المئة، إلا أن 35 في المئة من شباب المدن المتعلمين يصنفون في خانة العاطلين من العمل، ما يجعل المغرب من بين أضعف أسواق العمل ضمن الاقتصادات الناشئة. وتعتقد المؤسسات المالية الدولية أن الإصلاحات التي نفذتها الحكومات المتعاقبة في المغرب منذ تسعينات القرن الماضي، وفرت للبلد بيئة أفضل جعلته أقل تأثراً بتداعيات «الربيع العربي»، على رغم تشابه مطالب الشباب. ويحتاج المغرب إلى زيادة معدلات النمو بنقطتين لتسريع التنمية الشاملة، والتغلب على بطالة الشباب وفقر الأرياف حيث 70 في المئة من إجمالي فقراء المغرب. ويرغب البنك الدولي في مواكبة إصلاحات صعبة وغير متفق عليها تشمل أساساً صناديق التقاعد والتحوط الاجتماعي، وصندوق المقاصة لدعم أسعار المواد الاستهلاكية الرئيسة، ومنها المحروقات. وأكد أن الرباط تتطلع إلى وضع اقتصادي وإقليمي أفضل لما بعد «الربيع العربي»، الذي خرج منه المغرب أكثر أمناً واستقراراً على رغم الصعوبات المالية المرحلية التي أبطأت النمو وسرّعت الإصلاحات.