لا مكان في قاموس الممثل السوري جمال سليمان للمجاملات ولا استعداد لديه لإطلاق أجوبة جاهزة ومعلّبة تسود الوسط الفني لدواعٍ جماهيرية أو تسطح قضايا الوطن على قاعدة «الله يفرّج أحسن شي». هو جاهز دائماً لتشريح أي قضية أمامه بدقة، والرد بالوتيرة ذاتها. ينفي سليمان ل «الحياة» تصنيف السياسة لكل ما فعله حيال وطنه، مصراً على صفة الوطنية. قائلاً: «عندما أذهب الى سورية وأؤسس حزباً وأخوض الانتخابات حينها أعمل سياسة، لكن الآن وطننا يضيع من أيدينا والخيارات أمامنا إما أن نصمت ونعتبر أننا من ماليزيا مثلاً وإما ان نكون شهود زور». وأضاف: «أنا مواطن قبل كل شيء، كل مواقفي بعيدة من العمل السياسي، لكنني عكس غيري لا أكتفي بالتعبير عن رأيي على مواقع التواصل الاجتماعي، بل أحاول تقديم كل ما أراه مناسباً لخير القضية التي أدعمها». وأردف: «من واجبي أن يكون لديّ رأي، أنا لست ببغاءً بل مواطن يعبّر عن رأيه قبل ان أكون فناناً». ورداً على سؤال حول تأثير مواقفه على جماهيريته، يبتسم كمحارب لن يغمد قضيته: «للأسف الشديد استغرب أن من يتغنون ويتفلسفون عن الوطن، عندما يقع وطنهم في مأزق، يخافون ان يعبّروا عن رأيهم كي لا يخسروا جزءاً من جمهورهم، هذا الشيء في منتهى الأنانية والإنتهازية، الوطن أغلى من أي شيء، فليحزن من يريد وليرضَ من يريد». ويبدو أن باع الأزمة الطويل أصاب سليمان شيئاً منه، فلا تغرر به المستجدات الإقليمية والدولية. يتابع: «نحن السوريين يجب ان نتعلّم ألاّ نبني اوهاماً كلما صدر قرار او تصريح، لكن يجب ان نكون منفتحين على ما يجري دولياً، ربما النية أصبحت أكثر جدية لحل الأزمة السورية، لكنها غير نابعة من حرص الآخرين علينا، بل بسبب تفجر الأوضاع من خلال اللاجئين واتساع رقعة التهديدات الإرهابية. لم يعد الأمر مجرد قضية معارضين أو نظام متمسك بالحكم». وحول رأيه تجاه إمكان الوصول إلى حل وسط، يؤكد سليمان أن المطلوب هو الحل العادل، لأن الحل الوسطي عبارة مخادعة، كل الحلول غير العادلة لا تعيش طويلاً، نحن نريد فقط تغييراً ديموقراطياً، لسنا داعش ولا النصرة ولا إرهابيين، لسنا دعاة فوضى وتقسيم الدولة وأجهزتها، بل نحن حريصون جداً على الوطن، ننشد فقط الحرية والكرامة ودولة القانون». ولسليمان أيضاً نظرته الخاصّة إلى ما تمر به الدراما السوريّة في الأزمة أيضاً. يرى أن «ما نشهده أخيراً هو مجرد أعمال لا ترتقي إلى المشروع الفني، هناك ميل للأعمال الأكثر سطحية والنصوص غير المهمة وتركيز كبير على الصورة»، لافتاً إلى أنّ الدراما الحقيقية «توازن بين الهدف التجاري والهدف الرسالي». ويشير إلى أن الدراما السورية مقبلة مستقبلاً «على تضييق أكبر في طرحها لمواضيع اشكالية، بسبب رفض المحطات لذلك، إلاّ إذا أصبح للسوريين فضائياتهم الخاصة». وانتهى سليمان أخيراً من تصوير مشاهد بطولته في خماسية «طبيب جرّاح» من إخراج حاتم علي وكتابة إيّاد أبو الشامات، ضمن الجزء الثالث من «أهل الغرام». يكشف ملامح الشخصية التي يجسدها: «رفيق، دكتور التجميل ينتقل الى لبنان بعد بداية الحرب السورية، يعيش لمهنته إن أحبها أم لا، له علاقات كثيرة، ينجح بسهولة في الخروج منها وتحويلها الى صداقات، ويخاف من الارتباط الرسميّ، الى حين يلتقي فنانة تشكيلية سورية (كندة علوش بشخصية سما)، فيقع في حبها لتولد بينهما حالة غريبة»، موضحاً أن «رفيق إنسان ذاتي يمتلك بعض الأنانية، ويريد أن يعيش هذه الحياة كما يحلو له، لأنه سيعيشها مرة واحدة». وشدّد على أن «رفيق لا توجد لديه فلسفة خاصة بموضوع الزواج، لكنه مثل الكثير من الرجال الذين تأخروا ليتزوجوا، حوّلوا خوفهم الى فلسفة». وعلى رغم ارتباط قصة الخماسية بإحدى زوايا الحرب السوريّة بشرط الواقعية، إلا أنها تمرّ عليها مرور الكرام. وهو ما يؤكده سليمان: «إذا تغاضينا عما يحصل في سورية تصبح الشخصيات غير مفهومة وغير حقيقية، وفي النهاية أيّ قصة حب او قصة كراهية هي وليدة زمان ومكان محدد». وإضافة الى خماسية «طبيب جرّاح»، يؤكد سليمان تأجيل البدء بتصوير الجزء الثاني من المسلسل المصري «حدائق الشيطان» لأسباب انتاجية فقط، نافياً كل الاشاعات التي تحدثت عن خلافات مع مخرج العمل حسني صالح. يقول: «علاقتي مع المخرج جيدة جداً، نحن نعرف حدود بعضنا بعضاً ونحترمها، وذلك نابع من الحرص على مستوى العمل». إلى ذلك يعود سليمان إلى السينما بعد غياب 7 سنوات، بفيلم «كتابة على الثلج»، عن القضية الفلسطينية للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي. وتدور أحداثه في غزة أثناء العدوان الاسرائيلي الأخير عليها، علماً أن النجم السوري قصي خولي من بين أبطال الفيلم.