تتنافس مدن مكةالمكرمةوالمدينةالمنورةوجدة في إظهار تراث الحجاز وثقافته وحضارته، وتثقيف الجيل الجديد بتاريخه على مر العصور، وذلك من خلال تدشين مهرجانات في كل مدينة، تزامناً مع بدء إجازة منتصف العام الدراسي. ويستهدف التنافس بين المدن الثلاث جوانب ثقافية وتاريخية عدة لحضارة الحجاز، إذ تتشارك هذه المدن في كثير من العادات والتقاليد وطرق العيش وأساليب الحياة القديمة بكل تفاصيلها، فيما أطلقت كل مدينة عنواناً على مهرجانها، ففي جدة تم اختيار عنوان «كنا زمان كذا» لمهرجانها التراثي الذي تم تدشين نسخته الثالثة أول من أمس في منطقة جدة التاريخية، في حين شملت الاستعدادات تهيئة عدد من البيوت التاريخية التي اشتهرت بها هذه المدينة وتميزت في تصاميمها، إذ تم ترميم عدد منها وتحويلها إلى متاحف، منها «بيت سلوم» الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1301ه، كما تزيّنت واجهة المتاحف بالزخارف والنقوش التي اشتهر بها الطراز المعماري الإسلامي، بجانب الإرث الحجازي، ولا سيما المداخل الرئيسة لها، المصممة بطريقة فنية باستخدام الأخشاب، ولم تغب أساليب الحياة في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة عن مهرجان جدة الذي خصّص لها أركاناً تحكي تاريخها مثل جناح «الحارة المكّية»، التي تستهدف توثيق التراث المكي وإظهاره للأجيال ليكون عالقاً في الأذهان. وأشار أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار، إلى أن الأمانة تحرص على استمرار مثل هذه الفعاليات التي تظهر لأهالي المنطقة وزوارها، من داخل وخارج المملكة، التراث الحجازي، وإبراز طابع الحياة لدى مكةالمكرمةوالمدينةالمنورةوجدة خلال فترات زمنية مضت. وقالت رئيسة رواق أدبيات ومثقفات المدينةالمنورة جمال السعدي: «إن مهرجان حي التراثي يحوي عدداً من الفعاليات الثقافية والأدبية، إضافة إلى تجهيز ركن خاص يحوي جميع المقتنيات التراثية والأدوات المستخدمة في العصور الماضية، بهدف التعريف بالعادات والتقاليد القديمة لأهل الحجاز». ويعد البيت الحجازي، الذي تميزت به بيوت المنطقة، تحفة معمارية يعكس ثقافة سكان تلك المباني ويصف شيئاً من الحياة المجتمعية التي عاشوها إلى جانب عاداتهم وتقاليدهم، إذ تمتاز واجهة البيوت الحجازية بالنوافذ الخشبية المسماة ب«الروشان»، وهي التغطية الخشبية البارزة للنوافذ والفتحات الخارجية التي تُصنع من الخشب الفاخر والنقوش الإسلامية والألوان الترابية الهادئة، إلى جانب وجود ما يُسمّى «قلاب» وكان يغني عما كان يوضع قديماً على النوافذ، الذي يسمى باللهجة الحجازية «الطيق»، فيما كانت الأبواب تجلب غالباً من الهند، وتكون مخرّمة على شكل نقوش وأزهار تعطيها شيئاً من الزخرف والجمال، وهي مسقوفة في الغالب من أعواد شجر الدوم. واتفقت واجهات مباني جدة التاريخية على طراز واحد أو اثنين على الأكثر، ويحدد ذلك حجم وعدد الرواشين بكل بيت، كما أنه من المعروف أن الشبابيك تعد منفذاً للهواء وفرصة للفرجة، إضافة إلى أن السكان كانوا يضعون فيها ماء الشرب داخل «القلل»، على قاعدة خشبية مخصصة تُسمّى «المرفع»، ما يساعد على تبريده، كما كان أول ما يجده الزائر للبيت الحجازي «الدهليز»، وهو على شكل غرفة أو صالون مفروش بالرمل. أما في البيوت الصغيرة فيوضع فيه كرسيان من الخشب، وهنا يستقبل صاحب البيت الضيوف، ويبدو هذا «الدهليز» ضخماً وتفرش الغرف الجانبية له بالسجاد على جوانب الحائط، ويتزين البيت الحجازي بالمفارش والمساند المكسوة بالقطيفة، وفيه يتم استقبال الضيوف، وبجواره حُجر صغيرة تستخدم مكتباً أو غرفاً للضيوف أو للطعام، وكذلك توجد البركة وهي عبارة عن خزان ماء يتسع لمئات القرب من المياه للاستخدام المنزلي.