أعادت الحرائق التي أشعلها متظاهرون إيرانيون في السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد أحداثاً عدة، تفاوتت خطورتها، وكانت السفارة مسرحاً لها في أعوام سابقة. وكان أول اعتداء على السفارة عام 1987 عندما تم احتلالها على خلفية شغب حجاج إيرانيين في مكة، وهوجمت من جانب آلاف المحتجين الإيرانيين واحتجزوا الدبلوماسيين السعوديين بداخلها واعتدوا عليهم، متسببين في وفاة أحدهم وإصابة آخرين، كما هرع نحو 700 شخص في 2001 نحو القنصلية السعودية في إيران رمياً بالحجارة في مدينة مشهد (شمال غربي إيران) بسبب أحداث البحرين. ورأى الخبير العسكري اللواء محمد الغامدي في اقتحام المتظاهرين الإيرانيين القنصلية السعودية وحرقها تواطؤاً من السلطات الإيرانية، يشكل انتهاكاً لاتفاق فيينا للعلاقات الدبلوماسية، وأن تهاون السلطات الإيرانية التي لم تقم بتوفير الحماية التي أقرها الاتفاق وأكدتها الأعراف والقواعد الدولية، جعلها تتحمل مسؤولية الحدث المستفز. وأشار اللواء الغامدي إلى أن «مباني البعثات الدبلوماسية تتمتع بالحرمة، وليس لممثلي الحكومة المعتمد لديها الحق في دخول مباني البعثة إلا إذا وافق على ذلك رئيس البعثة، وعلى الدولة المعتمد لديها التزام خاص باتخاذ الوسائل اللازمة كافة لمنع اقتحام أو الإضرار بمباني البعثة وصيانة أمن البعثة من الاضطراب، أو الحطّ من كرامتها»، مضيفاً أنه بحسب القانون الدولي «لا يجوز أن تكون مباني البعثة أو مفروشاتها أو كل ما يوجد فيها من أشياء أو وسائل نقل، عرضة للاستيلاء أو التفتيش أو الحجز تحت أي إجراء تنفيذي». واعتبر أن «جميع الأماكن والمقرات الدبلوماسية، سواء أكانت مملوكة أم مستأجرة، تشملها الحصانة التامة، والحرمة الشخصية الكبيرة، التي تهدف إلى ضمان الأداء الفعال لوظائف البعثة الدبلوماسية، وتأمين استقلال عمل الموظفين الدبلوماسيين واحترام سيادة الدولة المعتمدة». ولفت إلى أن «الدولة المضيفة بموجب اتفاق فيينا في 1961 غدت ملزمة باتخاذ إجراءات خاصة لحماية مقر البعثة الدبلوماسية، خلاف ما تتخذه عادة عند قيامها بواجبها العام في المحافظة علي الأمن والنظام، كما أن هذا الالتزام يفرض على السلطات المحلية في الدولة المضيفة لهذه السفارات أن تبادر إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف حالات الاعتداء التي قد تحدث على دور البعثات الدبلوماسية من دون انتظار الاستدعاء من رئيس البعثة، وكذلك معاقبة مرتكبي الاعتداء». مؤكداً أن أي إهمال من الدولة المستضيفة للقيام بواجبها، «يترتب عليه تعويض الخسائر الناجمة عن الإهمال. وحمّل الخبير الأمني علي الأسمري السلطات الإيرانية مسؤولية الهجوم على السفارة السعودية، واعتبر ذلك انتهاكاً للأعراف الدولية في الحفاظ على المقار الدبلوماسية، مشيراً إلى أن «الانتهاك والاعتداء على السفارة، يعكس فشل القوات الأمنية الإيرانية في المحافظة على أمن الدبلوماسيين»، موضحاً أن تكرار الاعتداء على الممثليات الدبلوماسية في إيران «يثير الشبه حول تواطؤ قوات الأمن مع المتظاهرين».