كشف مقاولون سعوديون عن خروج أكثر من 50 في المئة من شركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة من السوق بعد انتهاء مهلة تصحيح أوضاع العمالة الأجنبية في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، واصفين تلك الفترة بأنها الأصعب على شركات المقاولات، خصوصاً مع شح العمالة المؤهلة في السوق، ما ضاعف أجر العمالة ليصل أجر العامل إلى 200 ريال يومياً. وأكدوا عدم جاهزية الشركات المتخصصة في تأجير العمالة للوفاء بحاجة الشركات من العمالة، ما تسبب في خسائر غير متوقعة لشركات المقاولات، مطالبين في الوقت ذاته وزارة العمل بمنح المقاولين بعض الاستثناءات في الاستقدام من خلال إصدار تأشيرات موقتة للعمالة، حتى تستطيع الشركات الانتهاء من المشاريع التي تعاقدت عليها، ولضمان عدم تعثر الشركات والمشاريع. وقال رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في مجلس الغرف السعودية فهد الحمادي ل«الحياة»: «إن نقص العمالة المدربة والماهرة، إضافة إلى تضاعف أجورها إلى 200 ريال للعامل في اليوم، يعد أكبر المعوقات التي تواجه قطاع المقاولات حالياً». وأضاف أن «ارتفاع أجور العمالة وندرتها في السوق أسهما في تعثر الكثير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وخروج الكثير منها من السوق خلال الأشهر الأربعة الماضية بسبب تكبدها خسائر كبيرة، وعدم قدرتها على مواصلة تنفيد المشاريع». وأشار إلى أن 60 في المئة من الشركات التي كانت تنفذ المشاريع من الباطن متوسطة وصغيرة، وأصبحت غالبية تلك الشركات غير قادرة على تنفيذ عملها، ما تسبب في تعثر المشاريع، مطالباً وزارة العمل بمنح قطاع المقاولات بعض الاستثناءات حالياً فيما يخص الاستقدام، بغض النظر عن نسب السعودة، بما يضمن للشركات الاستمرار في السوق. من جهته، أشار رئيس لجنة المقاولات في الغرفة التجارية الصناعية بجدة عبدالله رضوان خلال حديثه إلى «الحياة» إلى أن قطاع المقاولات يعاني إشكالات عدة منذ انتهاء فترة تصحيح أوضاع العمالة، وبدء حملات التفتيش على العمالة المخالفة، خصوصاً من ندرة العمالة المدربة في السوق. وأوضح أن العمل في قطاع المقاولات يعد موسمياً ومرتبطاً بالمشاريع التي تنفذها الشركات، ومع ندرة العمالة في السوق وارتفاع أسعارها أصبح من الصعب تنفيذ المشاريع، بل خرج أكثر من 50 في المئة من الشركات الصغيرة العاملة في المقاولات من السوق. ولفت إلى أن وزارة العمل صرحت لشركات توفير العمالة البالغ عددها 11 شركة، تحت بوابة «أجير» بالعمل، ولكن تلك الشركات لم تعمل بشكل فعلي في السوق، إضافة إلى أن عملها وتسويقها يحتاج إلى وقت. وتابع: «كان من المفترض على وزارة العمل أن تتأكد من جاهزية تلك الشركة وتفعيل عملها بنسبة 100 في المئة قبل بدء تطبيق حملات التفتيش، بما يضمن الاستمرار في تنفيذ المشاريع». وأكد رضوان أن مقاولي المشاريع الحكومية لا إشكال لديهم مثل بقيه المقاولين، لاسيما أن لديهم استثناءات باستخراج تأشيرات موقتة لمشاريعهم، ونأمل من وزارة العمل أن تساوي بين المقاولين في هذا الخصوص، وتمنح شركات المقاولات التي لا تعمل في مشاريع حكومية تأشيرات موقتة بحسب عقودها التي أبرمتها في وقت سابق، قبل بدء تنفيذ القرارات الجديدة. أما عضو لجنة المقاولات في الغرفة التجارية الصناعية في جدة رائد العقيلي، فرأى أن قطاع المقاولات يمر بمرحلة حرجة في الوقت الراهن بعد مضى أكثر من أربعة أشهر على انتهاء فترة تصحيح أوضاع العمالة، وبدء حملات التفتيش على العمالة. وقال العقيلي في حديثه إلى «الحياة»: «إن شركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة في وضع خطر، لاسيما بعد خروج ما يقارب نصفها من السوق خلال الأشهر الأربعة الماضية»، مضيفاً أن نسب السعودة المفروضة على شركات المقاولات من الصعب تطبيقها في الشركات الصغيرة حتى تخرج من النطاقين الأصفر أو الأحمر، ما يضمن لها استقدام عمالة مؤهلة في ظل ارتفاع أجور العمالة الحالية في السوق التي ارتفعت بشكل رهيب، ووصل سعر أجر العامل في اليوم 200 ريال». واعتبر أن الأنظمة الجديدة لوزارة العمل لم تراع إمكانات الشركات، ما جعل أكثر من نصف شركات المقاولات الصغيرة تخرج من السوق. وكان وكيل وزارة العمل للتفتيش وتطوير بيئة العمل عبدالله أبو ثنين، قال ل«الحياة» في وقت سابق، إن قطاع التشييد والبناء احتل مركز الصدارة من حيث العمليات التي تمت لتغيير المهن ونقل الكفالات وإصدار رخص العمل، مشيراً إلى أن «إحصاءات المهلة التصحيحية أظهرت أن قطاع التشييد والبناء حاز النصيب الأكبر من التصحيح، إذ تم تنفيذ 1.081 مليون عملية تغيير مهنة من أصل 2.408 مليون، و1.227 مليون عملية نقل خدمة من أصل 2.497 مليون، و1.860 مليون عملية إصدار رخصة عمل من أصل 3.782 مليون عملية». وأكد أن القطاع يحتل مركز الصدارة من حيث نسب العاملين فيه من العمالة الأجنبية، والتي تقدر نسبتهم ب45 في المئة من إجمالي العمالة الوافدة.