تتجه المصارف الإسلامية العراقية نحو تكريس جانب مهم من نشاطها لتعزيز المنتجات المصرفية الإسلامية، عبر الشمول المالي الذي تعده منطلقاً لأعمالها ولإعطاء دفع للأفراد والمشاريع الصغيرة والمتوسطة الذين يفضلون العمليات المصرفية المتوافقة مع الشريعة. رئيس «جمعية المصارف الإسلامية العراقية» عضو «الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب» صادق الشمري، تحدث إلى «الحياة» وقال إن نمو الودائع لدى المصارف الإسلامية في العراق ورؤوس أموالها التي تجاوز بليوني دولار، ساعدا في بلورة فكرة اجتماع مشترك لعشرة مصارف إسلامية يُكرّس لتناول موضوع الشمول المالي لصلته في تمكين الأفراد والمجتمعات من العمل وتحويل الطاقات الكامنة إلى منتجة في مختلف الاختصاصات، إلى جانب مساهمته في الحد من نسب الفقر من خلال دوره في تعزيز النمو الاقتصادي، مشيراً إلى أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة في العراق تعتبر بيئة مشجعة لحصول شرائح المجتمع على التمويل والخدمات المالية، التي تعد أساسية لتعزيزه في المنطقة. وعزا الشمري تزايد الاهتمام العالمي بموضوع الشمول المالي إلى أسباب في مقدمها عدم امتلاك أعداد كبيرة من السكان، خصوصاً في آسيا وأفريقيا، حسابات مصرفية، وانخفاض معدل الاقتراض، والأمية المصرفية، لافتاً إلى أن تقدماً كبيراً سُجّل في توسيع نطاق هذا المفهوم. فقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يملكون حساباً مصرفياً بنحو 700 مليون شخص بين عامي 2011 و2014. وتوجد فوارق إقليمية واسعة في ملكية الحسابات حيث امتلك 94 في المئة من البالغين في دول «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» حسابا مصرفياً عام 2014 مقارنة ب54 في المئة في دول الاقتصادات النامية. كما أن في العالم نحو بليوني شخص أو 38 في المئة من البالغين لا يحصلون على خدمات مالية رسمية أو لا يتعاملون مع المصارف بسبب ارتفاع التكاليف وبُعد المسافات والمتطلبات المرهقة عادة لفتح حساب. فجوة بين الجنسين وتشير بيانات إلى وجود فجوة واسعة في ملكية الحسابات المصرفية بين الذكور والإناث، بلغت 7 في المئة عالمياً و 9 في المئة في البلدان النامية. ويُذكر أن النساء يشكلن 55 في المئة من البالغين الذين لا يتعاملون مع المصارف. ولفت الشمري إلى أهمية اعتماد مبادئ الحوكمة في الحفاظ على حقوق المساهمين، وإذكاء دور أصحاب المصالح، وتعزيز ثقافة الشفافية والإفصاح، وتحديد نسب من الائتمان الممنوح في المصارف للمشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، مشدداً على ابتكار خدمات جديدة وتطوير المنتجات والخدمات المالية في المنطقة بهدف تقديم خدمات مبتكرة وذات كلفة منخفضة مخصصة لشرائح المجتمع بغض النظر عن النوع والجنس. وشدد على أهمية اعتماد المنتجات التي تقدمها المصارف الإسلامية لإعطاء دفع للشمول المالي عبر السماح للأفراد والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، الذين يفضلون التعامل بالعمليات المالية المتوافقة مع الشريعة، بالتعامل مع النظام المصرفي. واعتبر الشمري صدور قانون ينظم عمل المصارف الإسلامية في العراق أخيراً، مساهمة جادة لتفعيل منتجات الصيرفة الإسلامية مع ضرورة ابتكار منتجات تتلاءم والشريعة وكذلك حاجات المجتمعات التي أصبحت تتجه إلى هذا النوع من الخدمات المصرفية. وأشار الشمري أيضاً إلى أن المؤتمر المصرفي العربي الذي اختتم أعماله في بيروت الأسبوع الماضي وشاركت فيه المصارف الإسلامية العراقية، خصص وقتاً لتدارس تطوير واقع الصيرفة الإسلامية ودور الشمول المالي في تحقيق الجدوى الاقتصادية. وشهد مشاركة نوعية تمثلت بأكثر من 800 شخصية قيادية مالية ومصرفية عربية ودولية وبحضور وزراء وحكام مصارف مركزية من 24 دولة. وأضاف أن توصيات المؤتمر ركزت على إدراج الشمول المالي كهدف إستراتيجي جديد للحكومات والجهات الرقابية، وتحقيق التكامل بين الشمول والاستقرار الماليين والنزاهة والحماية المالية للمستهلك.