أعلنت القوات العراقية أمس تحرير الرمادي من «داعش» الذي كان يسيطر عليها منذ أيار (مايو) الماضي، والبدء بإزالة العبوات الناسفة والمتفجرات من شوارع وأبنية كبرى مدن محافظة الأنبار، غرب بغداد. ونقلت قناة «العراقية» لقطات مباشرة من المجمع الحكومي لجنود مكافحة الإرهاب وهم يرددون الأهازيج في باحة المجمع، احتفالاً بتحرير المدينة، بينما بدت آثار الدمار في أنحاء المكان. وما زالت هناك جيوب للدواعش في أنحاء متفرقة في المدينة، لكن الجيش يؤكد أنه لا يواجه أي مقاومة منذ فرار المقاتلين من آخر معاقلهم. وكان المجمع الحكومي في الرمادي المعقل الرئيسي للمعارك، لكن القوات الحكومية تريثت في الدخول إليه بعد انسحاب التنظيم بسبب تفخيخ مبانيه. وقال الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحي رسول في بيان بثته قناة «العراقية» الحكومية: «نعم تحررت مدينة الرمادي ورفعت القوات المسلحة من رجال جهاز مكافحة الإرهاب الأبطال العلم فوق المجمع الحكومي». وأفادت مصادر محلية بأن عناصر «داعش» الفارين استخدموا المدنيين دروعاً بشرية أثناء هروبهم باتجاه الأطراف الشرقية، خصوصاً بعدما أدركوا أن انهيار قواتهم مؤكد. وقال ضابط رفيع المستوى أن «قواته تواصل اجتياح ضواحي المدينة بحثاً عن جيوب التنظيم». وقدر مسؤولون عراقيون قبل أسبوع عدد عناصر التنظيم في الرمادي ب440 مسلحاً. ولم يتضح بعد عدد الذين قتلوا أو انسحبوا إلى مواقع أخرى خارج المدينة خلال جولة المعارك الأخيرة. إلى ذلك، لم تعلن السلطات العراقية الخسائر في صفوف قواتها. لكن مصادر طبية أفادت بأن نحو مئة جندي أصيبوا وتم نقلهم إلى مستشفيات في بغداد. ورجحت مصادر طبية أن يكون هناك شهداء من قوات الأمن، مشيرة إلى انهم نقلوا إلى مستشفى عسكري خاص. وأثنى التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة على الإنجاز الذي حققته القوات العراقية، فقد لعب دوراً كبيراً في العملية من خلال تدريب وتسليح المقاتلين المحليين وتقديم إسناد جوي نفذ خلاله حوالى 600 غارة منذ تموز (يوليو) في المنطقة. وهنأ رئيس مجلس النواب سليم الجبوري العراقيين بالانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات بالتعاون مع «الحشد العشائري» والتي «تكللت بتحرير الرمادي من دنس الإرهاب»، على ما قال في بيان. وأضاف أن «العراقيين تلقوا اليوم بشرى عظيمة بتحرير مدينة الرمادي»، مؤكداً انه «انتصار كبير يمثل انكساراً لشوكة داعش الارهابي ونقطة انطلاق لتحرير نينوى». ومحافظة نينوى، كبرى مدنها الموصل ثاني مدن البلاد، هي أهم معاقل «داعش» الذي أعلن زعيمه أبو بكر البغدادي «دولة الخلافة» في مناطق سيطرة التنظيم التي تمتد من بين العراق وسورية. واحتفل عراقيون مساء الأحد في شوارع مدن عدة، فيما هنأ المسؤولون القوات الأمنية عبنصرهم الكبير على التنظيم الذي استولى على مساحات شاسعة في البلاد منذ حزيران (يونيو) العام الماضي. من جهة أخرى، يشكل النازحون من محافظة الأنبار ثلث العدد الإجمالي للنازحين في العراق (3,2 مليون). وقد هجروا خلال هجوم الإرهابيين منتصف العام الماضي على مناطقهم. ويقيم امنهم في اقليم كردستان. وقد احتفل كثيرون منهم بسيطرة القوات الأمنية على الرمادي التي بدت آثار الدمار والمعارك واضحة على أبنيتها وشوارعها. وبين النازحين (أ ف ب) صهيب علي (27 سنة) الذي هرب مع أطفاله الثلاثة وآخرين من عائلته إلى اقليم كردستان عند انطلاق أعمال العنف منذ حواإلى عامين في الرمادي. وقال: «فرحتنا وسعادتنا كبيرة «. وأضاف «ليس في نيتنا العودة إلى الرمادي حالياً بعدما شهدنا الدمار الكبير ولا نعتقد بأن الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء ستعود اليها بسرعة ولا حتى الأمان». وصرح وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي الأسبوع الماضي بأن القوات العراقية استعادت اكثر من نصف المساحات التي فقدت السيطرة عليها العام الماضي. ويأتي انتصار القوات العراقية وتحريرها الرمادي بعد استعادتها مدينة بيجي (شمال بغداد) ومنطقة سنجار، معقل الأقلية الإيزيدية في شمال شرقي البلاد. واستعادت القوات الأمنية الحكومية المتمثلة بقوات مكافحة الارهاب والجيش والشرطة الرمادي من دون مشاركة «الحشد الشعبي» المكون من فصائل مسلحة شيعية مدعومة من إيران. وأثارت استراتيجية رئيس الوزراء حيدر العبادي التي قضت باستثناء الحشد والاعتماد على الائتلاف الدولي، جدلاً وانتقادات. وقال الأستاذ في كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد احسان الشمري ان النصر الذي تحقق في الرمادي «في كل الأحوال هو استعادة لهيبة المؤسسة العسكرية العراقية». وأوضح «للمرة الاولى بعد اجتياح داعش يتحقق انتصار من دون الحشد الشعبي»، معتبراً ذلك «نجاحاً للقائد العام للقوات والحكومة». أهم المناطق التي سيطر عليها «داعش» أو خسرها في ما يأتي لائحة بالمدن الرئيسية الخاضعة لسيطرة «داعش» أو تلك التي تمت استعادتها منه في العراق وسورية: - الرمادي، مدينة سنية تبعد مسافة 100 كلم الى الغرب من بغداد، وهي كبرى مدن محافظة الأنبار المحاذية لسورية والسعودية والأردن. وكان التنظيم الإرهابي سيطر عليها في 17 أيار (مايو) خلال هجوم واسع النطاق، وانسحاب فوضوي للقوات العراقية التي استعادت في 8 كانون الاول (ديسمبر) حياً مهماً فيها قبل دخولها في 22 منه الى وسط المدينة. وفي 28 كانون الاول (ديسمبر) أعلنت قيادة الجيش تحرير المدينة بالكامل غداة تأكيد رسمي ان «جميع مسلحي داعش فروا ولم يعد هناك اي مقاومة». - تكريت، تبعد هذه المدينة ذات الغالبية السنية مسافة 160 كلم شمال بغداد وقد استعادت القوات الحكومية السيطرة عليها في آذار (مارس) الماضي خلال عملية عسكرية ضد «داعش» الذي بسط سيطرته عليها قرابة عشرة اشهر. وشكل نزوح غالبية سكان تكريت، معقل الرئيس الراحل صدام حسين، والبالغ عددهم 200 الف نسمة عاملاً مساعداً في المعركة. - سنجار، تمكنت قوات «البيشمركة» الكردية في 13 تشرين الثاني (نوفمبر)، بدعم من التحالف الدولي من استعادة السيطرة على المدينة الشمالية، قاطعة بذلك طريقاً استراتيجياً يستخدمه الإرهابيون بين العراق وسورية. وسيطر «داعش» على سنجار في آب (أغسطس) 2014 وأقدم على ارتكاب فظائع بحق الأقلية الإيزيدية التي تشكل غالبية السكان. - الموصل، ثاني مدن العراق، على بعد 350 كيلومتراً الى الشمال من بغداد، وعاصمة محافظة نينوى. سقطت المدينة في 10 حزيران (يونيو) 2014 في يد التنظيم الذي أعلن «الخلافة». كان عدد سكانها نحو مليوني نسمة قبل سيطرة الإرهابيين عليها ونزوح مئات الآلاف منها. - الرقة، مدينة سورية يسكنها حوالى 300 الف نسمة، باتت معقلاً للإرهابيين منذ كانون الثاني (يناير) 2014 بحكم الأمر الواقع. وتعتبر المدينة أحد الأهداف الرئيسية لقوات التحالف الذي تقوده واشنطن، وكذلك لقوات النظام السوري وحليفه الروسي. وتضاعفت الغارات الجوية عليها منذ اعلان «داعش» مسؤوليته عن اعتداءات باريس في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) حيث سقط 130 قتيلاً، وبعد تفجير طائرة روسية في مصر في 31 تشرين الأول (اكتوبر) حيث سقط 224 قتيلاً. - تدمر، مدينة أثرية تعتبر مدخلاً الى بادية الشام، تبعد مسافة 205 كلم شرق دمشق، سيطر عليها التنظيم في 21 أيار (مايو) 2015. ودمر التراث الاثري الغني للمدينة التي ادرجتها اليونيسكو ضمن التراث العالمي للإنسانية. - كوباني (عين العرب)، مدينة كردية في شمال سورية على الحدود التركية، ينظر اليها باعتبارها رمزاً للكفاح ضد الإرهابيين الذين تم طردهم منها في 26 كانون الثاني (يناير) 2015 بعد أكثر من اربعة أشهر من معارك عنيفة قادتها قوات كردية بدعم من الضربات الجوية للتحالف الدولي. كما ان كوباني هي أحد أكبر ثلاثة «كانتونات» في المنطقة حيث أنشأ الاكراد نوعاً من الحكم الذاتي بعد اندلاع الأزمة السورية. - تل ابيض، مدينة حدودية محاذية لتركيا، استعادتها القوات الكردية في 16 حزيران (يونيو) 2015. كان عدد سكانها 130 الف نسمة قبل بدء النزاع السوري في آذار (مارس) 2011، وتعتبر مدينة رئيسية لتزويد الرقة بالامدادات كما انها احدى نقطتي عبور غير رسميتين مع تركيا لتمرير الأسلحة إلى الإرهابيين.