سعى «ائتلاف دعم مصر» البرلماني الذي يقوده مسؤولون عسكريون وأمنيون سابقون، إلى إنقاذ وجوده بعد انسحاب أكبر حزبين فيه، وهما «مستقبل وطن» و «الوفد»، اعتراضاً على اللائحة الداخلية للائتلاف يحسب ما أعلنا. وحزب «مستقبل وطن» حل ثانياً في الانتخابات البرلمانية ب53 نائباً، و «الوفد» ثالثاً ب44 نائباً. أما حزب الأكثرية «المصريين الأحرار»، فحسم موقفه من البداية برفض الانضمام إلى الائتلاف الذي يقوده اللواء السابق في الاستخبارات سامح سيف اليزل، وبات قوامه الرئيس من المستقلين. ولوّح الائتلاف للمنسحبين بعصا وجزرة، إذ حذر من إمكان حل البرلمان الذي لم ينعقد بعد ويُنتظر أن تُعقد أولى جلساته الأسبوع المقبل، في حال عدم الوصول إلى تشكيل كتلة برلمانية كبيرة لمواجهة بعض الاستحقاقات الدستورية لتمرير القوانين، مبدياً الاستعداد في الوقت نفسه إلى «إزالة الشكوك» لدى الحزبين المنسحبين في ما يخص التضارب بين الانضمام إلى الائتلاف والانتماء الحزبي. وانسحب «مستقبل وطن» و «الوفد» من الائتلاف، بعدما اعتبرا أن لائحته «تضع وصاية» على نواب الحزبين، وتجعل الالتزام بقراراته في مرتبة أعلى من الالتزام بقرارات الحزب. وأثار انسحاب نحو 100 نائب من الائتلاف الذي دُشن تحت لافتة دعم سياسات الرئيس عبدالفتاح السيسي داخل البرلمان، مخاوف من انفراطه، خصوصاً في ظل اتصالات بين المنسحبين و «المصريين الأحرار» ونواب مستقلين لتشكيل تكتلات منافسة في البرلمان الذي سبقت صراعاته جلسة انعقاده الأولى. واجتمع مسؤول الائتلاف سامح سيف اليزل مع رؤساء أحزاب عدة منضوية فيه، وعدد من النواب المستقلين مساء أول من أمس، للبحث في الموقف بعد انسحاب أكبر حزبين. وأصدر الائتلاف بياناً أمس دعا فيه الحزبين المنسحبين إلى «إعادة النظر في موقفهما والعودة مرة أخرى إلى الائتلاف». وحذر من «خطورة الموقف نظراً إلى التحديات الدستورية التي تواجه المجلس وتنذر بحله». وفي محاولة لطمأنة الحزبين، قال الائتلاف في بيانه إن «الانضمام لا يعني بأي حال من الأحوال التجرد من الهوية الحزبية للمشاركين كما حاول البعض الترويج، لكن الائتلاف يحترم كل الأحزاب المشاركة ويحترم برامج هذه الأحزاب ولا يتدخل في المواقف الحزبية على الإطلاق». وأكد أن «النواب اتفقوا على أن الائتلاف ليس قيداً على أي من المشاركين فيه، سواء من المستقلين أو أعضاء الأحزاب المنضمين إليه أو المشاركين فيه... المرحلة التاريخية التي مرت بها مصر والتي لا تزال مستمرة تقتضي من الجميع إنكار الذات والتكاتف من أجل مصلحة الوطن وإنجاح البرلمان، خصوصاً أن هناك قوانين لن تُقر إذا لم يتوافر لها التأييد بنسبة ثلثي الأعضاء على الأقل، وهو ما ينذر بأزمات دستورية قد تنتهي بحل مجلس النواب». وأعرب عن الأسف لانسحاب الحزبين «في شكل مفاجئ ومن دون إخطار»، ودعاهما إلى «إعادة النظر في القرار الذي يأتي في توقيت غير مناسب لطبيعة المرحلة». وأكد أنه «مستمر في مهمته ويضمن الاستقلال الكامل لكل الهيئات البرلمانية للأحزاب المشاركة فيه، وللمستقلين أيضاً نفس الضمانات». وقال ل «الحياة» رئيس حزب «الحرية» صلاح حسب الله الذي شارك في الاجتماع، إن «اللقاء ناقش التعديلات التي طلبتها الأحزاب المنضوية في الائتلاف وبعض المستقلين على مشروع اللائحة». وأوضح أن «ما أثير خلال الأيام الماضية فيه لغط كبير. الائتلاف لم يقر لائحة، لكن عرض مشروع لائحة لتشكيله، وأمهل الأحزاب اربعة أيام لدراستها وتقديم مقترحاتها في شأنها، لكن فوجئنا بالانسحابات، وكأن اللائحة باتت نهائية وفُرضت على الأعضاء، وهذا غير صحيح». وأضاف: «ناقشنا التعديلات المطلوبة، ومنها أن تكون لكل حزب هيئته البرلمانية المستقلة، على أن تكون للائتلاف هيئة عامة، كما تم النص صراحة على أن الانضمام إلى الائتلاف لا يُلغي الهيئات البرلمانية للأحزاب، علماً أنه لم تكن هناك نية لهذا الأمر أصلاً، لكن محترفي التفتيش في النوايا قالوا بذلك، فتم النص صراحة لإزالة الشكوك». ولفت إلى أن «مشروع اللائحة ما زال قيد الدراسة وقابلاً للتعديل، وسيتم إقرارها في شكلها النهائي في غضون 5 أيام... تلك التعديلات لا علاقة لها بالاعتراضات التي أبداها المنسحبون، لأنه كان متفقاً منذ البداية على دراسة مشروع اللائحة والتقدم بالاقتراحات في غضون 4 أيام، لكنهم استبقوا عرض آرائهم بإعلان الانسحاب من الائتلاف عبر الإعلام وحتى من دون إخطار شركائهم على الطاولة». وأكد أنه «لن يتم عرض تلك التعديلات على المنسحبين، وستعرض فقط على أعضاء الائتلاف، أما ما يخص دعوتهم إلى مراجعة قراراتهم، فلهم حرية اتخاذ القرار». لكن نواباً في حزب «مستقبل وطن» أكدوا لوسائل إعلام أن الائتلاف أرسل إلى الحزب تلك التعديلات وأنه سيدرسها، وسيرد اليوم بموقف نهائي في ضوئها. كما فتح الأمين العام لحزب «الوفد» بهاء الدين أبو شقة الباب أمام عودة حزبه إلى الائتلاف مجدداً في ضوء تلك التعديلات. وقال ل «الحياة: «كنت أول من طالب ونادى بتشكيل تحالف برلماني كبير لأن نصوص الدستور تقتضي موافقة غالبية النواب أو ثلثي النواب على بعض القوانين والقرارات، وتأمين تلك الغالبية مسألة في غاية الصعوبة، ومن ثم في ظل وجود هذه النصوص الدستورية، إذا لم يكن هناك توافق وتكتل يزيد على الثلثين، فلن يتمكن البرلمان من تأدية دوره التشريعي أو الرقابي، وبالفعل قد ينتهي الأمر بحل البرلمان». لكن أبو شقة قال إن «حماس الوفد لهذا التحالف اصطدم بلائحة ائتلاف دعم مصر التي بدت وكأنها تُقيم حزباً جديداً، يتخلى من ينتمي إليه عن انتمائه الحزبي لمصلحة الائتلاف، حتى انك لن تتمكن من خوض الانتخابات المحلية إلا من خلال الائتلاف، وبالتالي نُصبح أمام حزب جديد وليس ائتلافاً». وأوضح: «في كل الأحوال ونظراً إلى الالتزامات الدستورية، الخطوط والجذور ما زالت ممدودة والتفاهم موجود لأننا جميعاً في قارب واحد، ولن نقبل بأي صورة من الصور أن يسقط المشروع الوطني لبناء الدولة المدنية الحديثة. سنضحي بكل ما يمكن أن نضحي به من أجل الوصول إلى توافق، وندرس تشكيل تحالف باسم الأمة نضم فيه مستقلين وأحزاباً أخرى، وسننسق مع دعم مصر أو أي حزب أو ائتلاف آخر هدفه الأساس دعم المشروع الوطني». وعما إذا كانت هناك فرصة للعودة إلى «ائتلاف دعم مصر» لو أزيلت شكوك «الوفد»، قال أبو شقة: «فكرة الائتلاف جيدة، إنما التنفيذ واللائحة كانا خطأين. نتمنى أن يزول الخطأ لنكون أمام تكتيك برلماني قوي يُمثل ظهيراً للدولة الحديثة، لأنه لو لم نكن أمام توافق سيكون هناك خطر على البرلمان. وليس هناك ما يمنع دراسة العودة إلى الائتلاف. المبدأ موجود، ونتمنى أن نكون أمام برلمان توافقي وسنكون أول الداعمين لذلك، لكننا حزب مؤسسي له تقاليده ولائحته، ولا يملك أي مسؤول فيه إصدار قراره منفرداً من دون الرجوع إلى مؤسسات الحزب. لو تمت تلبية مطالبنا يمكن أن تدرس مؤسسات الحزب العودة إلى الائتلاف لأن لا أبواب مغلقة في السياسة. الأبواب دائماً مفتوحة أمام العودة، ونُعلي في المقام الأول مصلحة مصر».