ترسَّخت توقعات بأن مصر مقبلة على أجواء ساخنة تحت قبة البرلمان، المتوقع التئامه قبل نهاية الشهر الجاري، ليس على خلفية خلافات حول السياسات الحكومية ومشاريع القوانين، وإنما مواجهات بين الكتل والتيارات السياسية الممثلة، فبينما أثار الإعلان عن تشكيل تحالف نيابي يحمل اسم «دعم مصر»، جدلاً واسعاً بين الأوساط السياسية المصرية وتساؤلات حوله، ظهر أن الانخراط في هذا التحالف الموالي للرئيس عبدالفتاح السيسي، سيسبب انقسامات داخل الأحزاب، في الوقت الذي تواصلت الحرب الكلامية بين حزبي «الوفد» و «المصريين الأحرار» والتي كانت قد اشتعلت خلال المعركة الانتخابية. ويتوقع أن يحسم الرئيس السيسي خلال أيام حصة قوامها 28 نائباً، سيتم تعيينها داخل البرلمان، وفقاً لنص الدستور المصري، ويرجح أن يختار أعضاء، من بينهم رئيس البرلمان. وكان أعلن مساء أول من أمس تدشين تحالف نيابي تحت شعار «دعم مصر»، يضم غالبية من المستقلين، مع تمثيل لثمانية أحزاب، وسمى التحالف الجديد اللواء السابق في جهاز الاستخبارات النائب سامح سيف اليزل، زعيماً له، كما اختار الرئيس السابق لحزب المصريين الأحرار أحمد سعيد ناطقاً باسمه، لكن التحالف الجديد أثار اعتراضات من قوى سياسية ترى فيه «محاولة لإعادة إنتاج هيمنة الحزب الوطني «المنحل»، كما أثار تساؤلات حول التزام ممثلي الأحزاب المنخرطة فيه بقرارات أحزابهم حال مخالفتها قرارات التحالف، الأمر الذي رد عليه سيف اليزل بالتأكيد أن تشكيل هذا الائتلاف «ليس اختراعاً مصرياً، وإنما معمول به في جميع برلمانات العالم التي إما أن تشهد غالبية حزبية أو يتم تشكيل ائتلافات نيابية، بدأنا المشاورات مع المستقلين قبل أن ينضم إلينا 8 أحزاب برغبة كاملة ومن دون أي ضغوط»، وأوضح أن المكتب السياسي للائتلاف سيتشكل «من 10 مستقلين سيتم اختيارهم بالانتخاب، إضافة إلى تعيين رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب الثمانية المنضمة إلينا... وليس هناك إلزام للممثلين عن الأحزاب سواء بالانضمام أو الخروج من الائتلاف». وفي أثناء بلورة هذا التحالف، بدا أن الانخراط فيه سيسبب انقسامات داخل الأحزاب الممثلة داخل البرلمان، فبينما أكد سيف اليزل أن حزب «الوفد» الذي حصل على ثالث كتلة حزبية نيابية، «انضم إلينا»، نفى نائب رئيس حزب الوفد حسام الخولي «حسم موقف» حزبه، مشيراً إلى أن الأمر «بيد الهيئة العليا للوفد التي ستجتمع اليوم (الأحد) للتصويت على القرار»، لكن الخولي لفت إلى أن الوفد «لديه ثمة تساؤلات عدة حول هذا الائتلاف، كما إننا نرى ضرورة في اختلاف الآراء حول القرارات والسياسات أسفل قبة البرلمان، وطالما أن الجميع سيكون مجمعاً في القضايا القومية وأمن البلد، فما الضرورة لتشكيل هذا التحالف؟ كما أننا لا نرى مبرراً للمخاوف من ما يسمى الثلث المعطل». كما أثار حضور نواب عن حزب «المصريين الأحرار» اجتماع تشكيل تحالف «دعم مصر» تحفظ قادة الحزب، الذي جاء في صدارة ترتيب الأحزاب الممثلة أسفل قبة البرلمان، فسارع مؤسس «المصريين الأحرار» نجيب ساويرس إلى إعلان أن هؤلاء «سيخضعون للتحقيق داخل الحزب»، متوعداً نواب الحزب المنضمين إلى التحالف ب «الفصل». وكانت النقاشات في البداية تتجه إلى تسمية هذا التحالف ب «دعم الدولة المصرية»، قبل أن يخلص اجتماع أول من أمس إلى تغيير الاسم إلى «دعم مصر» الأمر الذي عزاه زعيم التحالف سامح سيف اليزل إلى «كثير من التعليقات التي حصلت على الاسم الأول، فأجرينا تصويتاً داخلياً على عدد من الأسماء فحصل «دعم مصر» على الغالبية. الاسم الأول فُهِم على أنه دعم الحكومة وهذا غير صحيح. حصل خلط بين الدولة والحكومة، والفارق كبير». كما تم خلال الاجتماع الذي عقد في أحد فنادق القاهرة، توزيع مشروع لائحة الائتلاف، والتي من أبرز بنودها أن يتمتع كل نائب بصفته الحزبية، وأن يتمكن من المشاركة وأن يكون عضواً فعالاً في الهيئة البرلمانية لحزبه داخل المجلس، وأوضح سيف اليزل أنهم وزعوا هذا المشروع لكي يدرسه النواب، ويقوموا بالموافقة عليه. وأضاف أنه تم توزيع استمارات طلب الانضمام إلى الائتلاف، يكتب فيها النائب اسمه ومحافظته وصفته ورقم العضوية النيابية ورقم هاتفه، وطلب من النواب اقتراح رئيس للمجلس ووكيلين له حتى يتم الإعلان عن أسماء المعينين. وأكد أن الائتلاف لا يعني دعم الحكومة وإنما سيتم معارضتها واستجوابها وتوجيه اللوم أو الإشادة بها إذا تطلب الأمر، وأضاف: «سنقف خلف الرئيس عبدالفتاح السيسي لدعم استقرار الدولة والنهوض بها وتحقيق مطالب المواطنين». وكانت اللجنة العليا المشرفة على الاستحقاق التشريعي أعلنت مساء أول من أمس الانتهاء من كل مراحل الانتخابات البرلمانية في شكل نهائي، وذلك عقب إعلان نتائج مرحلة الإعادة في الدوائر الأربع التي أعيد الاقتراع عليها وفقاً لأحكام قضائية. وقال رئيس اللجنة المستشار أيمن عباس إن نتائج مرحلة الإعادة في الدوائر المؤجلة أسفر عن فوز 13 مرشحاً بينهم 9 مستقلين و4 حزبيين، مشيراً إلى أن عدد الذين أدلوا بأصواتهم في تلك الجولة 293 ألفاً بنسبة 16.7 في المئة من إجمالي من لهم حق التصويت في تلك الدوائر. والدوائر المؤجلة بناء على أحكام قضائية هي، أول الرمل في الإسكندرية، ودمنهور في البحيرة، والدائرة الأولى بني سويف (بندر ومركز بني سويف)، والدائرة الثانية بني سويف (الواسطى). وبتلك النتائج بلغ إجمالي عدد الأعضاء المستقلين في مجلس النواب 325 عضواً بنسبة 52.2 في المئة، بينما بلغ عدد الأعضاء الحزبيين 243 عضواً بنسبة 42.8 في المئة. وأوضح رئيس اللجنة أن عدد الحاصلين على مؤهلات عليا من النواب المنتخبين بلغ 455 نائباً بنسبة 80.1 في المئة، وبلغ عدد النواب الحاصلين على مؤهلات متوسطة 82 نائباً بنسبة 14.4 في المئة، فيما بلغ عدد الحاصلين على مؤهلات أقل من المتوسط 31 نائباً بنسبة 5.5 في المئة، مشيراً إلى أن متوسط أعمار النواب يبلغ 50 عاماً. من جانبه، نبه الأمين العام لمجلس النواب المستشار أحمد سعد الدين إلى إن المجلس الحالي سيكون مختلفاً عن المجالس السابقة، وأن جميع النواب حريصون على مصلحة مصر قبل أي شيء، معتبراً أن نتائج الانتخابات كانت مبهرة بالنسبة الى المرأة. وأضاف سعد الدين، في كلمة أثناء افتتاح أعمال البرنامج التعريفي للنواب، أن المفاجأة بالنسبة إليه في نتائج الانتخابات كانت عدد السيدات اللاتي فزن بمقاعد برلمانية خاصة في الدوائر الفردية والتي وصل عددهن فيها إلى 17 امرأة. وأشار إلى أن الأمانة ستقدم الدعم لجميع النواب، لافتاً إلى استحداث إدارة جديدة للدعم الفني لتوفير كل سبل الدعم البحثي أو الدراسات لمن يرغب من النواب في مساعدته قبل أي مناقشات داخل اللجان أو الجلسات العامة. وأوضح أن الأمانة العامة تواصلت مع إحدى الشركات لدعم البرلمان من طريق توفير جميع المواد التشريعية حتى يتمكن النائب من الحصول على أي تشريع يساعده في عمله.