أثار قرب إعلان تشكيل تحالف نيابي موالٍ للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، يضم أكثر من ثلثي أعضاء البرلمان المتوقع التئامه قبل نهاية الشهر، مخاوف من تكرار هيمنة السلطة التنفيذية على القرار النيابي، على غرار تجارب برلمانات ما قبل الثورة. ويتوقع أن يتم الإعلان الرسمي عن التحالف الذي سيحمل اسم «ائتلاف دعم الدولة» نهاية الأسبوع المقبل، على أن يغلب على تشكيلته المستقلون، إضافة إلى مشاركة عدد من الأحزاب في مقدمها حزبا «مستقبل وطن» المحسوب على أجهزة رسمية و «الوفد». ويرجح عدم انضمام حزب «المصريين الأحرار» الذي حصل على أكبر حصة نيابية حزبية، بعدما وجه قادته انتقادات إلى القائمين على التحالف ل «سعيهم إلى الهيمنة». وعلى رغم التوقعات بإجراء التحالف الجديد تعديلات على الدستور الذي كان الرئيس السيسي انتقده قبل فترة «لأنه كتب بحسن نية، والدول لا تدار بالنوايا الحسنة»، إلا أن مؤسس التحالف اللواء السابق في الاستخبارات سامح سيف اليزل أكد أن مسألة التعديلات «مؤجلة». وقال سيف اليزل الذي انتخب نائباً بعد خوضه الانتخابات على رأس قائمة «في حب مصر» التي شكلها مسؤولون عسكريون وأمنيون سابقون: «لن تتم المطالبة بتعديل الدستور قبل عامين من بدء البرلمان... علينا تطبيق هذا الدستور الذي صوّت عليه أكثر من 90 في المئة وتنفيذ مواده. وفي حال ظهور عوار في بعض المواد خلال عام أو عامين، يمكن حينها إجراء تعديلات على تلك المواد أو إلغائها». ودافع القيادي في التحالف النائب مصطفى بكري عن الكيان الجديد، نافياً في شدة اتهامات السعي إلى الهيمنة على البرلمان. وقال ل «الحياة»: «هذا ائتلاف وطني مبني على التوافق بين المنخرطين فيه الذين تجمعهم قواسم مشتركة، أبرزها حماية الدولة في مواجهة أوضاع وظروف صعبة، والتعبير عن مصالح الشعب، وهذا لا يغني عن أن كل حزب ستكون لديه هيئته البرلمانية». وأشار إلى أن التحالف الجديد «لن يعبر عن صوت واحد، فمن الممكن أن يحصل توافق في الآراء في موضوع، وتباين في موضوع آخر. لكن بلا شك ستكون هناك اجتماعات ومحاولات لحصول تنسيق وتوافق قبل مناقشة أي موضوع أسفل قبة البرلمان. هذا الائتلاف لا يعني دعم الحكومة وإنما ستتم مناقشة تفاصيل برنامجها قبل تمريره أو رفضه، كما سنعارضها إذا تطلب الأمر ذلك، ونوجه إليها الإشادة إذا أجادت». وتوقع بكري إعلان تشكيل التحالف رسمياً «أواخر الأسبوع»، مشيراً إلى أنه «يضم حتى الآن 400 نائب، وكانت هناك (أول من) أمس جلسة مع رئيس حزب الوفد السيد البدوي، وحصل توافق على انخراط نواب الوفد في هذا التحالف». وأكد أن «الحوار مستمر مع حزب المصريين الأحرار للانضمام إلينا... الاتصالات لا تزال جارية ولم تنقطع». لكن الحزب الذي حصل على أكبر حصة نيابية بين الأحزاب استبعد الانضمام إلى ذلك التحالف. فبعدما شن عدد من قادته هجوماً عنيفاً على القائمين على «ائتلاف دعم الدولة» لسعيهم إلى الهيمنة على مفاصل البرلمان وإعادة إنتاج تجربة الحزب الوطني المنحل، تعهد الناطق باسم «المصريين الأحرار» شهاب وجيه في مؤتمر صحافي أمس بأن حزبه «سيكون كتلة مؤثرة جداً داخل البرلمان المقبل، ولن نكون مجرد حزب الأكثرية، لكن سيكون لنا تأثير كبير في تحقيق الوعود التي قطعناها للناخبين، وفي مقدمها هزيمة الفقر». وحين سُئل عن تشكيل التحالفات، أجاب شهاب بأن «المصريين الأحرار خاض الانتخابات ببرنامج يسعى إلى تحقيقه. لذلك يجب أن تكون لدينا كتلة نيابية مستقلة. أما الحديث عن المستقلين، فنحن بالقطع ندعم الدولة المصرية، لكن يجب عليهم أن يتحدثوا معنا عن ماهية المواضيع التي سيتم التنسيق عليها. أعرضوا علينا برنامجكم، وحتى هذه اللحظة لم يتم تقديم برنامج سياسي حتى نبدي موقفاً منه. برنامجنا واضح ورأينا في الاقتصاد أو السياسة واضح. أي طرف لديه رأي يتماشى مع مواقفنا فليخاطبنا، وفي كل الأحوال سنتواصل مع كل القوى السياسية وسنقوم بدورنا كحزب أول أسفل قبة البرلمان، وهذا التواصل ستكون له نتائج شديدة الإيجابية». وأضاف: «نعلم جيداً أننا إذا لم نتمكن من تلبية طموحات المصريين فسيكون هذا بمثابة نهاية الحزب». ولفت إلى أن «لجان الحزب تعقد اجتماعات لوضع السياسات التي سيتبناها نوابنا أسفل قبة البرلمان والتي ستسهم في حل مشاكل المصريين. لم نخض الانتخابات بهدف الحصول على كتلة نيابية فقط، وإنما حتى نقدم رؤية وبرامج عمل لحل أزمات مصر». وتوقع «أن ينضم عدد من النواب الآخرين إلى مواقفنا أسفل قبة البرلمان». وواصل رئيس الحكومة شريف إسماعيل مع وزرائه مناقشة تفاصيل برنامج حكومته الذي ستعرضه على البرلمان، وعقد اجتماعاً أمس مع وزير التخطيط أشرف العربي «لوضع الإطار النهائي للبرنامج الحكومي»، وفقاً لبيان عن مجلس الوزراء أشار إلى أن الحكومة ستناقش هذا الإطار النهائي في اجتماعها المقبل غداً، قبل أن ترسله إلى الرئيس تمهيداً لعرضه على مجلس النواب عقب جلساته الإجرائية الأولى. ووفقاً للبيان الحكومي، فإن إسماعيل «طالب بوضع سياسات اقتصادية تحفيزية للمناطق الاقتصادية الأقل نمواً، ووضع حلول جذرية لمواجهة المشاكل كافة من دون انتظار، مع أهمية الاستغلال الأمثل للأصول المملوكة للدولة والاستمرار في تطوير الهيئات الاقتصادية وتحويلها إلى كيانات اقتصادية مستقلة بهدف تخفيف العبء عن موازنة الدولة».