شخص يشعر ب «الخيانة» وآخر يندد ب «المهزلة»، هذه هي أمس حال كل من رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) المستقيل السويسري جوزف بلاتر، ورئيس الاتحاد الأوروبي للعبة الفرنسي ميشال بلاتيني، بعد قرار غرفة الحكم في لجنة الأخلاق التابعة ل «فيفا» إيقاف كل منهما 8 أعوام عن مزاولة أي نشاط كروي، في قضية «دفع غير شرعي» من الأول إلى الثاني يصل إلى مليوني دولار عن عمل قام به الفرنسي لمصلحة «فيفا» بين 1999 و2002. وأسقط «القضاء الداخلي» للاتحاد الدولي تهم الفساد عن بلاتر وبلاتيني، لكنه دانهما ب «تضارب المصالح» و «سوء الإدارة». كما غرّم بلاتيني بنحو74 ألف يورو، وبلاتر بنحو 50 ألفاً. ولعب أشخاص الظل في «فيفا»، الألماني هانز يواكيم إيكرت والسويسري ديمينيكو سكالا والترينيدادية فانيسا ألارد والسويسري أندرياس بانتل، دوراً أساسياً في الحكم الذي أصدرته اللجنة. وأكّد بلاتر في مؤتمر صحافي عقده في المقر القديم للاتحاد الدولي في زوريخ استئناف العقوبة أمام لجنة مختصة (تابعة لفيفا) ثم أمام محكمة التحكيم الرياضي ثم أمام القضاء السويسري. ووصف بلاتيني القرار ب «مهزلة حقيقية» تهدف إلى «تلطيخ» سمعته من طرف هيئات نفى عنها «كل مشروعية ومصداقية». ويبدو أن «المعركة» طويلة ستدور في هذا الإطار، إذ أكّد الفرنسي «المرشّح» لرئاسة «فيفا» عزمه أيضاً اللجوء إلى المحاكم المدنية في الوقت المناسب، للحصول على تعويضات عن «الأضرار التي عانيت منها لأسابيع طويلة جداً بسبب هذا الحكم»، وأنه سيذهب «حتى النهاية في هذه العملية». واعتقد بلاتيني، الذي أكّد دائماً حسن نيته، أن «الحكم سبق أن أعلن في وسائل الإعلام من قبل أحد الناطقين باسم اللجنة التي «تجاهلت افتراض البراءة». وكان بانتل الناطق باسم غرفة التحقيق في لجنة الأخلاق أثار جدالاً واسعاً الجمعة الماضي بتصريحه لصحيفة «ليكيب» الفرنسية، أن بلاتيني «سيُوقف لسنوات، أما بالنسبة لبلاتر فلا فرق بين إيقافه مدة مماثلة أو مدى الحياة»! لكن بلاتر «العنيد» لم يكتفِ بتصريح أو بيان بل ذهب في معرض مؤتمره الصحافي، الذي أعلن عن عقده قبل أيام، وجرياً على عادته، عن تقديم مرافعة «عاطفية إنسانية» عن أحوال كرة القدم ونظرته إليها وعمله لرفع شأنها طوال 41 عاماً (بينها 17 عاماً رئيساً)، معلناً أنها تتعرّض ل «مؤامرة عالمية»، مبدياً أسفه الشديد لأنه أصبح موضع اتهام، من دون أي حساب ل «المعاني الإنسانية». وأضاف: «لقد تعرّضت للخيانة. طلبنا من لجنة الأخلاق الحكم على السلوك الأخلاقي لكنها أنكرت الأدلة وتحاول بناء شيء غير صحيح». وزاد: «أنا متألّم من هذه العقوبة القاسية التي يلفظها القضاء السويسري عادة بحق المجرمين. كنا نظنّ بلاتيني وأنا أننا سنحظى بحكم عادل لأننا لم نخالف القوانين، لذا أبديت تفاؤلاً كبيراً أمس (الأحد)». ويبدي بلاتر استياءه الشديد من سكالا، الذي عينه عقب استقالته بعد 4 أيام من إعادة انتخابه، ليقود الإصلاحات في «فيفا». وقد أبدى ندمه لأنه لم يستقل فوراً «بعد نجاح مونديال 2014»، وجدد تأكيد أن لجنة الحكم والأخلاق لا يمكنها إيقافه، لأنه مستمد سلطته وشرعيته من الجمعية العمومية ل «فيفا» (الكونغرس). وفضلاً عن المحاكمة الرياضية، يخضع بلاتر إلى تحقيق أمام القضاء السويسري، الذي أخذ علماً بقرار «فيفا» والذي «ليس له تأثير على الدعاوى الجنائية التي أقامتها وزارة العدل» وفق ما أوضحته ناتالي غوث الناطقة باسم المدعي العام السويسري. ووقف الاتحاد الأوروبي على خاطر رئيسه الموقوف وأعلن أنه أصيب «بخيبة أمل كبيرة»، مؤكداً «مساندته» صانع ألعاب منتخب فرنسا السابق في حصوله على «محاكمة عادلة»، وموضحاً أنه لا يزال مصراً على حق بلاتيني «في تنظيف اسمه».