يتكلم رجلان يضعان نظارات سوداء كبيرة بسرعة فائقة، مستهزئين بالجهات المنخرطة في الأزمة السياسية في بانكوك في إطار برنامج هزلي يحمل اسم «المعلومات السطحية المعمقة» يخرج عن التقاليد السائدة في القطاع المرئي والمسموع في تايلاند. ويسأل وينيو وونغسوراوات بكل جدية: «كم مرة ينبغي أن أقدم لك التعازي؟»، في إشارة إلى الحصيلة المتزايدة لقتلى الاحتجاجات المطالبة بإطاحة رئيسة الوزراء ينغلوك شيناوترا. ويبث برنامج «جوو كوو توين» (المعلومات السطحية المعمقة) على الانترنت. ويعود الفضل في نجاحه إلى الأزمة السياسية التي بدأت قبل أربعة أشهر. وتستقطب حلقته الشهرية أكثر من 200 ألف مستخدم انترنت. وصرح المعلّق السياسي فيرابات باريياونغ أن «البرنامج ممتاز بالفعل. وقد شاهدنا برامج هزلية في السابق، لكنها لم تكن غنية المضمون. وجوو كوو توين هو من مستوى آخر»، من دون أن يكنّ الضغينة للمقدمين الفكاهيين اللذين استهزآ في حلقتهما الأخيرة بوتيرة تكلمه السريعة. وقد تبدو هذه المسألة سخيفة في الغرب حيث تتعدد البرامج الهزلية، من «دايلي شو» مع جون ستيورت في الولاياتالمتحدة إلى «لو بوتي جورنال» في فرنسا مروراً ب «علي جي» في بريطانيا. لكنها بعيدة كل بعد من التلفزيون التايلاندي الذي يعرض بعض البرامج السياسية لكن من دون أي طابع فكاهي. وفي الحلقة الأخيرة من البرنامج المتوافرة على «يوتيوب»، يلقب رئيس اللجنة الانتخابية الذي يشتبه بأنه يسعى إلى إفشال العملية الانتخابية بناء على طلب المحتجين ب «ذلك الذي يعجز عن التصويت». وتظهر صور لرئيسة الوزراء وهي تؤكد شاحبة الوجه أن الفساد غير مستشرٍ في برنامج دعم مزارعي الرز. وقال وينيو وهو ابن أميركية وأستاذ تايلاندي يحاضر في العلوم السياسية: «إذا قرأتم الصحف أو تتبعتم الأخبار على تويتر أو التلفزيون، تبدو لكم الأمور كلها جدية. لكن الأمور كلها ضبابية في الواقع ونحن نريد تبديد هذا الضباب». وأشادت صحيفة «بانكوك بوست» الصادرة بالإنكليزية بهذا البرنامج الهزلي مذكرة «بأننا جميعنا نغرق في محيط الجنون السياسي الحالي». ويجاهر معدّو هذا البرنامج الذي يبث على الانترنت باستقلاليتهم. وقد قدم وينيو مقابلة عاري الصدر، للاستهزاء بمؤيدي الحكومة المعروفين بذوي «القمصان الحمر» ومعارضي تاكسين الملقبين بذوي «القمصان الصفر». وما من انعكاسات سلبية حتى الآن لهذا البرنامج، لكنه لم يتطرق الى مسألة العائلة الملكية التي تعد من المحرّمات والمحمية بموجب قانون مشدد خاص بالمس بالذات الملكية باتت تايلاند بسببه في المرتبة 130 من أصل 180 في قائمة حرية الصحافة التي تعدّها منظمة «مراسلون بلا حدود».