تكررت محاولات الانتحار حرقاً في تونس بشكل لافت منذ حادثة محمد البوعزيزي في 17 كانون الاول (ديسمبر) في العام 2010، الذي أضرم النار بجسده، وأطلقت بعد ذلك "انتفاضة الياسمين" في تونس ومنها إلى دول الربيع العربي. وتسببت هذه الحادثة في إندلاع إحتجاجات شعبية واسعة إنتهت بسقوط نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني (يناير) في العام2011. وبعد مرور 10 ايام على حادث البوعزيزي، أقدم مراهق تونسي على حرق نفسه، والتي اعتبرت هي الرابعة من نوعها والثانية في أقل من يومين. وسُجلت هذه الحادثة بجزيرة جربة السياحية في جنوب شرقي البلاد. وأشارت اذاعة «شمس أف أم» التونسية إلى أن الشاب أضرم النار في جسده أمام مركز للشرطة، وأن السلطات المعنية فتحت تحقيقاً لمعرفة الأسباب التي دفعت هذا الشاب لحرق نفسه. وتحول هذا الشكل الإحتجاجي إلى ما يشبه الظاهرة في تونس، إذ تم تسجيل أكثر من 270 حالة انتحار بعد الإطاحة بنظام بن علي، منها أكثر من 90 حالة حرقاً، 30 منها سجلت خلال العام 2013. واللافت هنا، أن المزيد من الشباب لا يزالون يضرمون النار في أنفسهم حتى بعد انتهاء غالبية هذه الثورات في دليل على أن الحق في حياة أفضل لم يتحقق بعد. إذ أضرم سائق أجرة لبناني النار في جسده وسيارته بشارع سليم سلام في العاصمة اللبنانية بيروت، عندما أوفقه شرطي مرور وحرر بحقه مخالفة مرورية، لكن السائق صرخ بعدم قدرته على دفع قيمتها ما أدى إلى أشعال النار بجسده وسيارته. واُنقذ السائق ونُقل للمستشفى بعد تعرضة لحروق طفيفة. وأصيب رجل يحمل الجنسية المغربية بعد حرق نفسه محاولاً الانتحار في أحد شوارع المانيا، بعد رُفض المانيا طلب لجوءه السياسي. وحاول الناس في المنطقة المحيطة بالحادثة إخماد النار المشتعله في جسد المغربي البالغ (36 عاماً)، ونُقل إلى وحدة الحروق المتخصصة في مدينة غيلسنكيرشين الواقعة شامل الراين وستفاليا. كما وأقدم شابٌ من قرية مداغ الواقعة بضواحي إقليم بركان في المغرب على حرق نفسه محاولاً الانتحار ما أدى إلى إصابته بجروح بالغة بعد تدخل مجموعة من المواطنين وإخماد الحريق. وذكرت مصادر مغربية أن الشاب يبلغ من العمر 30 عاماً نُقل إلى المستشفى الإقليمي لبركان لتلقي العلاجات الضرورية. وارتفعت حالات الأنتحار على هذه الوتيره في المغرب العربي عندما أصيب شاب بحروق من الدرجة الثالثة بعد اضرام النار في جسدة على طريقة مُفجر «الثورة التونسية» وسط شارع أحمد الهيبة في مدينة دشيرة الجهادية. وأقدم الشاب على فعلته بعد طرده من عملة أخيراً. وتدخلت السلطات الأمنية والحاضرون لكي يتمكنوا من إخماد النيران التي تآكل جسده. ولفظ أنفاسه الاخيرة بعد نقله للمستشفى لتلقي العلاج اللازم لكن من دون جدوى. وفي بيروت أحرق الشاب محمد حرز (25 عاما) نفسه امام المحكمة العسكرية. قرابة الخامسة عصرا، وغطى نفسه بالبنزين ورمى بعضا منه على يوسف الجردي، الشاب الذي كان واقفا بالقرب منه، واضرم النار في جسده وبدأ بالركض مشتعلا، فيما نجح الجردي بالهروب وتفادي النار، ليقترب اياد (16 عاما) من حرز محاولا اخماد صديقه فأصيب بحروق متوسطة في يديه. ونقل حرز بعد ذلك إلى مستشفى الجعيتاوي، وكان يعاني حروقاً متوسطة الى خطيرة، بحسب ما نقل بعض زائريه على ألسنة الاطباء هناك. يذكر أنه وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن هناك حوالى ألفان شخص يقررون إنهاء حياتهم بإرادتهم بسبب الدمار الذي وصلوا إليه نتيجة الصراعات الداخلية والحروب الأهلية. وأكّدت المظمة أنّ الأشخاص العرضة للانتحار هم النازحين، اللاجئين، المشردين، الجنود والمحاربين القدامى والمضطهدين.