قدم الفنان التونسي العروسي الزبيدي أول عرض لمسرحيته الجديدة الموجهة إلى الأطفال على خشبة المركز الثقافي «بئر الأحجار» في قلب المدينة العتيقة لتونس العاصمة. المسرحية الجديدة تحمل عنوان «رحلة العبر» وعنها يقول الزبيدي: «اعتماداً على صندوق الدنيا الذي ترسّخ في ذهن الناس عامّة والأطفال في شكل خاص أنّه يزخر بالحكايات الطريفة المعبّرة، ارتأى فريق المسرحية الموجهة أساساً إلى الأطفال أن يقتطف من المتخيّل الجمعيّ فكرة المسرحيّة التي أسندها للصندوق». ويضيف: «من خلال عين الكاميرا التي تبثّ أحداثاً مصوّرة تجسد أهمّ الأحداث التي ستأتي على لسان الراوي لإضفاء مزيد من المتعة في عين المتلقي، سواء أكان طفلاً أم شاباً، ليعايش من خلال المرئي المصوّر أو المجسد على الخشبة من طرف الممثلين، وهم الأساس من خلال اللعب الدرامي أو الراقص، إذ يكون الاعتماد على لوحات راقصة خاصة في التحول من مكان الحدث إلى آخر أو تغير الديكور». كما وظّفت مدرسة مسرح خيال الظل في هذا العمل الذي تابعه عدد من المهتمّين بالمشهد المسرحي، ليكون بوابة بين الخيال والواقع، وهي التي تساعد على إيجاد الفضاء الخصب للبحث والتفكير والفهم لدى الطفل حتى يعيش اللعبة المسرحيّة ويجتهد في فكّ رموزها من دون الدخول في الإفصاح والتكرار. كما تعجّ المسرحية بالمؤثرات الخاصة من موسيقى وإضاءة وملابس باعتماد تقنية نصف القناع التي أضفت كلّها جواً ساعد على تطبيق الرؤية الفنيّة لهذا العمل المسرحي الجديد. «رحلة العبر» أرادها أصحابها عملاً مسرحياً جاداً حاذقاً يرتفع بمستوى الأطفال والناشئة إلى حلاوة اللغة العربيّة الفصحى وغزارة معانيها وتعدد مفرداتها، من دون النزول بهم إلى الاستسهال والتبسيط، إيماناً منهم بقدرة اللغة العربية على التبليغ أولاً، وقدرة المتلقي على الاجتهاد لفهمها ومحاولة فكّ رموزها ثانياً. أمّا قصّة المسرحي، فتدور حول شاب ثريّ يدعى نُعمان، ينعم بالراحة والرخاء، لكنه لا يعرف كيف يتصرف بماله فيضيعه جراء تبذيره. واستناداً للمثل القائل «الأولى من العسل والثانية من السمن والثالثة جلد على عظم»، فإنه يصادف من يساعده (العجوز/ الفتاة) في كل مرة عسى أن يعود إلى رشده ويتحمل المسؤولية في أن يصبح رجلاً سوياً يحافظ على المال ويعمل بكدّ وجدّ، لكن بالطبع لا يتغير. عندها تقرر العجوز أن تمتحنه وتأخذه في رحلة بدايتها الثعبان الساحر، مروراً بالمارد القوي حارس صحراء الظلام، ونهايتها إخراج الكنز من باطن الأرض، معوّلة في ذلك على الصبر وتحكيم العقل وترويض النفس على التغلب على الشهوات عملاً بالمثل التونسي المعروف «يفنى مال الجدّين وتبقى صنعة اليدين». ويفي الشاب نعمان بوعده حتى تعود الفتاة إلى طبيعتها ويزول عنها مفعول السحر الذي سلطه الثعبان عليها انتقاماً من أبيها الذي رفض تزويجها إياه. وهكذا يفوز نعمان في الأخير وينعم بالرخاء مجدداً، لكن بساعديه وعرق جبينه لا بالاتكال على الغير، لتنصبه الفتاة ملكاً على قلبها وعلى ملك أبيها. العمل ينطق باللغة العربية الفصحى وموجه أساساً إلى الأطفال والناشئة وتنتجه جمعية «مسرح الخيمة» في تونس، وهو من تأليف وإخراج وكوريغرافيا محمد العروسي الزبيدي، ومدته 60 دقيقة. أمّا القيافة والملابس والتوضيب العام فلهالة الخياري والديكور لعادل قويد، فيما وضع الموسيقى محمد العروسي الزبيدي ووسيم العياشي. ويشارك في التمثيل كلّ من فيروز بوعلي وفيصل الخماسي وأسامة العرفاوي والذهبي مباركي ومحمد العروسي الزبيدي، أمّا التوضيب الركحي فلمحمد الزياني.