سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تهدئة مخاوف مواطنيه حيال تداعيات الوضع الاقتصادي على ظروفهم المعيشية، معتبراً أن بلاده تجاوزت «ذروة الأزمة» في النصف الأول من العام. وباستثناء لهجته المتشددة ضد تركيا، أبدى بوتين «مرونة» في ملفات السياسة الخارجية، قائلاً إن بلاده منفتحة على تسوية مشكلاتها مع الآخرين، وترحب بالتعاون مع أي رئيس ينتخبه الشعب الأميركي، واصفاً المرشح الجمهوري دونالد ترامب بأنه «متوهج جداً». وسيطرت الملفات السياسية وعلاقات روسيا مع الأطراف الإقليميين والدوليين، على جزء مهم من المؤتمر الصحافي السنوي للرئيس الروسي، عكس السنوات السابقة حين كانت تطغى الملفات الداخلية. وأجاب بوتين على عدد كبير من الأسئلة حول العمليات العسكرية في سورية، والعلاقة مع تركيا، والوضع في أوكرانيا وفي الفضاء السوفياتي السابق، إضافة إلى العلاقة مع واشنطن وقضايا الأمن الدولي ومكافحة الإرهاب. وقال إن موسكو مهتمة بإنهاء أزمة أوكرانيا والتوصل إلى تسوية في اسرع وقت، مقرّاً بأن لروسيا هناك «أناساً ينفذون مهمات معينة تشمل المجال العسكري». واستدرك: «ذلك لا يعني أن هناك قوات روسية (نظامية)». ولفت إلى أن بلاده لا تعتزم فرض عقوبات على كييف، ولا تفكر بوقف إمدادها الغاز. لكنه دافع عن انسحاب روسيا من اتفاقات تجارية مع أوكرانيا، محملاً إياها المسؤولية، بسبب انسحابها من نظام التجارة الحرة في رابطة الدول المستقلة، والذي اعتبر انه «سيؤثر سلباً في الوضع الاقتصادي الأوكراني». وأشار إلى أن قادة الاتحاد الأوروبي طلبوا من روسيا «عدم إبعاد أوكرانيا عن منطقة التجارة الحرة، وعدم حرمانها من الأفضليات التجارية مع روسيا»، مستدركاً أن موسكو «اضطرت إلى اتخاذ قرار، بعدما فشلت جهودها في عقد لقاء ثلاثي مع الأوروبيين والأوكرانيين». وأعلن بوتين تأييده جهوداً لإجراء تبادل لأسرى بين كييف والانفصاليين الموالين لموسكو في أقاليم الشرق، مشدداً على أن أي تبادل يجب أن يتم وفق مبدأ «الجميع مقابل الجميع»، لا في شكل انتقائي، مؤيداً بذلك فكرة الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، وأضاف: «لدينا خلافات كثيرة مع القيادة الأوكرانية، ولكن، هنا لدينا موقف مشترك». وتوقف بوتين عند الوضع الأمني الداخلي، لافتاً إلى أن الحرب على الإرهاب في روسيا ما زالت مستمرة، لكن تم «كسر عمودها الفقري». وكرر اتهامه تركيا باستقبال مسلحين من شمال القوقاز وعلاجهم ومساعدتهم، ثم منحهم تسهيلات ليتسلّلوا مجدداً إلى أراضي روسيا بجوازات سفر تركية. وأجاب بوتين على سؤال حول مستقبل العلاقات مع واشنطن بعد الانتخابات الرئاسية، مؤكداً أن بلاده «لا تتدخل في العمليات السياسية الداخلية لبلدان أخرى، وهي مستعدة للتعاون مع أي رئيس ينتخبه الشعب الأميركي». ورحب بتصريحات أدلى بها المرشح الجمهوري دونالد ترامب، أشار فيها إلى رغبته في تعزيز العلاقات مع موسكو. وأضاف: «(ترامب) رجل متوهج جداً وموهوب جداً، لا شك في ذلك. يقول إنه يريد الانتقال إلى مستوى آخر من العلاقات مع روسيا. كيف لا نرحب بذلك»؟ وبدا بوتين متشائماً في شأن الوضع الاقتصادي، مشيراً إلى خيبة أمل بلاده بسبب التطورات التي رافقت التراجع السريع لأسعار النفط، ما انعكس على الوضع الاقتصادي في روسيا، لأن الحكومة كانت وضعت استراتيجياتها على أساس سعر 100 دولار لبرميل النفط. لكنه سعى إلى طمأنة الروس بأن الحكومة لن تتراجع عن برامج اجتماعية وصحية، قائلاً إن الحكومة الروسية يجب أن تكون مستعدة لأي تطور قد يطاول الأوضاع الاقتصادية، في ظل تقلب أسعار النفط العالمية. ولفت إلى أن الانخفاض الأخير لن يؤثر في موازنة العام 2016 التي وُضعت على أساس سعر 50 دولاراً للبرميل. وأعلن أن المستوى المتوقع لعجز الموازنة في نهاية العام يصل إلى أقل من 3 في المئة من الناتج الإجمالي. وأشار بوتين إلى أن ابنتيه ماريا وكاترينا «تعيشان في روسيا»، لافتاً إلى أنهما «لم تتعلّما في الخارج». وأعرب عن «فخره بهما»، مضيفاً انهما «تواصلان تعليمهما وتعملان». وذكر أنهما تتحدثان ثلاث لغات أوروبية، رافضاً الكشف عن مزيد من التفاصيل ل «أسباب أمنية».