التقى رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح ورئيس «المؤتمر الوطني العام» (البرلمان الموازي في طرابلس) نوري أبو سهمين في مالطا الثلثاء، في أول اجتماع بينهما منذ انقسام السلطة السياسية في هذا البلد قبل سنة ونصف السنة. وأبدى رئيسا المجلسين تحفظهما عن «تسرع» الأممالمتحدة في توقيع اتفاق الصخيرات للسلام في ليبيا، نظراً إلى «معضلات» في الاتفاق يتوجب حلها. وأتى الاجتماع بين رئيس البرلمان الذي يتخذ من طبرق مقراً له والمعترف به دولياً ورئيس «المؤتمر» الذي يتمركز في طرابلس، عشية التوقيع المفترض لاتفاق الصخيرات. وفي مؤتمر صحافي أعقب اللقاء في مقر الحكومة المالطية في فاليتا برعاية رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات، عمد المسؤولان الليبيان إلى التقليل من أهمية قيام أعضاء من البرلمانين بالتوقيع على اتفاق سلام برعاية الأممالمتحدة، إذ أكدا أن هؤلاء الأعضاء ليسوا منتدبين عن طرفي النزاع. وبثت وسائل إعلام ليبية من بينها قناة «النبأ»، مشاهد لعقيلة صالح ونوري أبو سهمين وهما يتصافحان إلى جانب أعضاء في المجلسين. واللقاء الذي عقد في العاصمة المالطية فاليتا الثلثاء، وهو الأول من نوعه بين صالح وأبو سهمين منذ الاشتباكات التي شهدتها طرابلس صيف العام 2014 وتمكن على أثرها تحالف «فجر ليبيا» من السيطرة على العاصمة الليبية وطرد السلطة المعترف بها دولياً إلى شرق البلاد. وقال أبو سهمين في المؤتمر الصحافي: «لا أحد يختلف مع الآخر داخل ليبيا على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع وأن كل ما يخالفها يعد باطلاً، ولا أحد يتردد في معالجة التطرف والإرهاب والغلو، ولا أحد منا يتردد في مكافحة الهجرة غير الشرعية». وأعلن أنه توصل مع صالح خلال اجتماع بينهما إلى «آلية سريعة لعقد اجتماعات من خلال لجان، لمعالجة أوجه الخلاف والاختلافات»، مشدداً على أنهما «حريصان على الإسراع والاستعجال في تشكيل حكومة توافق وطني بإرادة الليبيين». وكان يفترض أن يوقع أعضاء في البرلمان المعترف به وأعضاء في المؤتمر الوطني العام، اتفاق سلام برعاية الأممالمتحدة في مدينة الصخيرات المغربية أمس، لكن الموعد تأجل مبدئياً إلى اليوم، وسط تكهنات بمزيد من التأجيل. وقال مصدر ديبلوماسي في الرباط أمس، أنه «تم الاتفاق عقب اجتماع مع السفراء العرب في وزارة الخارجية المغربية، على إقامة حفل التوقيع صباح الخميس (اليوم)، في حضور عدد من وزراء الخارجية». وأوضح ناطق باسم البعثة الدولية من أجل الدعم في ليبيا (أونسميل) أن التأجيل «مرتبط بأمور لوجستية تتعلق بالنقل ووصول الوفود كلها» إلى الصخيرات. وينص الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية تقود مرحلة انتقالية تمتد لسنتين وتنتهي بإجراء انتخابات اشتراعية. وكانت بعثة الأممالمتحدة قررت المضي بتوقيع الاتفاق على رغم معارضة أبو سهمين وأعضاء آخرين في المؤتمر العام، إضافة إلى نواب قريبين من عقيلة صالح. وفي هذا السياق، قال صالح في المؤتمر الصحافي: «لا يوجد شخص مخول بالتوقيع نيابة عن مجلس النواب وأيضاً عن المؤتمر الوطني العام حتى هذه اللحظة». وأضاف: «نحن نطلب من بعثة الأممالمتحدة أن تؤجل النظر في أسماء الحكومة» التي اقترحتها البعثة السابقة «حتى يكون هناك توافق حقيقي بين أفراد الشعب الليبي ولتكون الحكومة نابعة من إرادة الشعب الليبي». كما رأى أبوسهمين أن «الاستعجال بالإعلان عن حكومة وتحديد رئيسها من دون مراعاتها التمثيل الصحيح والفاعل يجعل من ذلك سبباً في تفاقم المشاكل». ويدعو المعارضون إلى اتفاق الأممالمتحدة وفي مقدمهم صالح وأبوسهمين إلى اعتماد «إعلان مبادئ» بديل توصل إليه وفدان من البرلمانين في تونس قبل عشرة أيام، ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال أسبوعين من تاريخ اعتماده في البرلمانين بعد إخضاعه للتصويت. لكن الأممالمتحدة ومعها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول عربية اجتمعت في روما الأحد، تصر على أن الاتفاق الذي ترعاه المنظمة الدولية هو «السبيل الوحيد» لإنهاء النزاع في ليبيا. وقالت عائشة العقوري عضو البرلمان المعترف به إن لقاء أبوسهمين وصالح «يهدف إلى إيجاد حل توافقي بعيداً عن الضغوط غير النزيهة من قبل بعثة الأممالمتحدة». وأضافت: «سيكون هناك اتفاق بين الرئيسين على تشكيل جسم مشترك بين البرلمانين يعد لانتخابات برلمانية. أما من ذهبوا إلى الصخيرات، فهم إما أصحاب مصالح شخصية وإما نواب من غرب وجنوب ليبيا يريدون العودة إلى بيوتهم وعائلاتهم بأي ثمن». وتابعت أن «البعثة الدولية لا يهمها حكومة تحارب الإرهاب، بل حكومة في منطقة خضراء (في إشارة إلى المنطقة المحصنة في بغداد) تسهل عودة الشركات الأجنبية وتزيد» معدلات إنتاج النفط. وتشهد ليبيا فوضى أمنية ونزاعاً على السلطة تسببا بانقسام البلاد قبل نحو سنة ونصف السنة بين السلطتين اللتين تتقاسمان الحكم. ويتطلع المجتمع الدولي إلى إنهاء النزاع في ليبيا عبر توحيد السلطتين في حكومة واحدة تلقى مساندة دولية في مهمتين رئيسيتين: مواجهة خطر التطرف الذي وجد موطئ قدم له في الفوضى الليبية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية. ويسيطر تنظيم «داعش» على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس)، ويسعى إلى التمدد في المناطق المحيطة بها.