تدخل الحرب السورية بعد نحو ثلاثة أشهر عامها الخامس، من دون أن تبرز على الأرض مؤشرات توحي بقرب انتهائها. وعلى رغم أن الحرب السورية حصدت أرواح مئات ألوف السوريين ودمرت مدناً بأكملها، وأدت إلى ظهور أزمات عدة منها أزمة اللاجئين التي صنفت على أنها واحدة من أكبر أزمات اللجوء في العالم، إلا أنها لا تختلف عن تجارب دول أنهكتها الحروب ثم قامت من كبوتها لتصبح دولاً كبرى تعج بالحياة. فهل بإمكان سورية أن تصبح دولة عظيمة مثل هذه الدول التي تنطبق عليها القاعدة التاريخية: «لكل أمة عظيمة... حربها الأهلية». ومن هذه الدول: الولاياتالمتحدة عانت أميركا من الحرب الأهلية أو الحرب بين الولايات، ويصنفها البعض بالحرب العالمية الأولى في قارة أميركا الشمالية نظراً إلى المعارك الدموية التي شهدتها، إذ أدت الحرب إلى مقتل 620 ألف جندي، إضافة إلى عدد غير معروف من الضحايا المدنيين. وتعتبر هذه الحرب من أقدم الحروب وأكثرها دموية في التاريخ الأميركي، استخدمت فيها كميات كبيرة من الأسلحة. وبعد انتهاء الحرب تم إنهاء مشكلة الرق واستعادة الاتحاد وتعزيز دور الحكومة الفيديرالية، وساعدت مجموعة من القضايا ظهرت أثناء الحرب على تشكيل توجهات أميركية نحو التكاتف والوحدة، وأحداث وتغيرات ساعدت في جعل أميركا قوة عظمى في ما بعد. روسيا كانت الثورة البلشفية في روسيا في العام 1917، من أكثر الأحداث لإثارة للجدل في القرن ال20. إذ قامت بها الجماهير الروسية الجائعة لتنهي الحكم القيصري، وأثناء الثورة التي استمرت نحو خمس سنوات وصلت ديون روسيا إلى 50 بليون روبل وواجه البلد خطر الإفلاس، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة وتكاليف المعيشة في الوقت نفسه. وخلفت أكثر من 13 مليون قتيل وأكثر من مليون مهاجر روسي. ونتج من الثورة تكوين الإتحاد السوفياتي دولة عظمى حققت إنجازات إقتصادية وعلمية وزراعية وصناعية وعسكرية. إسبانيا عانت إسبانيا من الحرب الأهلية في العام 1936، واستمرت ثلاثة أعوام نتيجة الإنقلاب على الشرعية الجمهورية الإسبانية، ما أدى إلى انقسام البلاد قومياً. ونشب صراع الحاد بين القوميين والفوضويين والوطنيين والمحافظين، وتدخلت فيه عناصر خارجية وداخلية، وخلف أكثر من مليون قتيل ودمار كبير، ونزح بسببه الكثير من الإسبان، وعانوا من الاستبداد. لكن مع نهاية الحرب شهدت البلاد تطوراً اقتصادياً وديموقراطياً، وتحولت إسبانيا إلى واحدة من أقوى دول المجموعة الأوروبية. الصين اندلعت في الصين حرب أهلية استمرت نحو 14 عاماً، وتواصلت من دون انقطاع حتى مجيء اليابانيين الذين اوقفوا الحرب حين قاموا بغزو الصين العام 1941، ثم عادت من جديد إلى حربها التي استمرت من العام 1945 إلى 1950. ووصل عدد القتلى في الحرب إلى حوالي 4 ملايين قتيل وملايين الجرحى. ومع نهاية الحرب تغيرت الأوضاع في الصين بشكل جذري، إذ أصبحت الصين إحدى أعظم وأقوى دول العالم لجهة القوة العسكرية والتصنيع والابتكار والتكنولوجيا.