لا يكفّ الشبان التونسيون عن التعبير عن رفضهم ظاهرة الإرهاب ورغبتهم الشديدة في مقاومتها باعتماد الطرق السلمية في معاضدة جهود القوى الأمنية التي تسعى لمحاصرة المتطرفين الذين قوّضوا استقرار البلاد منذ ما يقارب السنتين. وبرعاية وزارة الثقافة التونسية أنهت تظاهرة «مبدعون من أجل الحياة» جولاتها في كل المدن التونسية للسنة الثالثة على التوالي، وعمل المشاركون فيها على إيصال رسائل سلام من خلال مختلف أنواع الفنون كالموسيقى والرقص والمسرح والسينما والنحت وغيرها. وقدمت هذه التظاهرة سلسلة من العروض الثقافية في أكثر من 300 فضاء ثقافي في كل جهات الجمهورية. ووفق منشور صدر عن وزارة الثقافة، نجحت التظاهرة في تأمين 75 عرضاً فنياً في شوارع المدن و54 معرضاً فنياً و45 عرضاً مسرحياً و30 عرضاً سينمائياً و30 لقاء شعرياً و160 ورشة لمختلف النشاطات وغيرها من العروض التي نالت استحسان الجماهير من فئتي الشباب والأطفال خصوصاً. وكانت وزيرة الثقافة التونسية لطيفة الأخضر أشرفت على افتتاح هذه التظاهرة في محافظة القصرين الشمالية وهي منطقة عانت ولا تزال تعاني من سيطرة المجموعات الإرهابية على جبالها. وعن أهمية هذه التظاهرة، أكدت الوزيرة أن «مقاومة الإرهاب تبدأ بتنوير عقول النشء من أجل توجيهها نحو الجمال والفن وقد أنشأنا بالمناسبة نواة أول مكتبة في مستشفى محافظة القصرين وفي عدد من المدارس الريفية. كما حرصنا على مشاركة أكثر من 60 مؤسسة تربوية و150 نادياً شبابياً بهذه التظاهرة.» وعرفت هذه التظاهرة مساندة شبابية وطالبية مهمة تمثلت في تطوع مئات الشبان لإنجاح مختلف العروض ومشاركتها على المواقع الاجتماعية وحض التونسيين على المشاركة فيها بكثافة رداً على محاولة المجموعات الإرهابية تكفير الفنانين والمبدعين وتهديد بعضهم بالتصفية الجسدية. واحتضنت مدينة قليبية هذه التظاهرة تحت عنوان «من البرج إلى الميناء، حضارة وحياة» في حين عنونت التظاهرة نفسها في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة ب «عصافير الشارع تغني للحرية والسلام.» وعن قدرة مثل هذه التظاهرة على الحد من ظاهرة الإرهاب، أكد الصحافي الشاب أسامة السعفي ل «الحياة» أنّ «الغزو الثقافي الشبابي للشوارع التونسية وخصوصاً في المناطق الداخلية التي تعتبر بؤراً للإرهاب هو رسالة مفادها أن تونس بلد سلمي وآمن. فمن خلال الموسيقى والنحت والفسيفساء يختار المشاركون مواضيع تتعلق برفض الحرب والقتل والدمار والوحشية وقتل الأبرياء». وأضاف أن هذه «التظاهرة ليست الأولى من نوعها فقد عرفت تونس منذ بداية الهجمات الإرهابية تظاهرات عديدة مماثلة وشهدت مشاركة مثقفين ومبدعين وأطفال ومسؤولين سياسيين بما يثبت انخراط مختلف مكونات الشعب التونسي في هذه المقاومة الفنية السلمية.» كما ذكر بأن أولى الهجمات الإرهابية التي عرفتها البلاد كانت وجهت ضد متحف فني في تونس العاصمة في رفض واضح لمدنية الدولة وانفتاحها على العالم وفي محاولات يائسة ولكن منتظمة لفرض نظام الخلافة الإسلامية فيها.