أظهر تقرير صدر حديثاً انخفاضاً في عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر (1.25 دولار يومياً) في الدول ال57 الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، خلال العقد الأول من القرن ال21، من 396 مليوناً إلى 322 مليوناً، بمعدل خفض 18,7 في المئة (74 مليون شخص). وعلى رغم التحسّن النسبي لعدد الفقراء في دول «التعاون الإسلامي»، فإن التقرير الصادر هذا العام أشار إلى أن خط الفقر ظل مرتفعاً جداً في حصة الدول الإسلامية من مجموع الفقراء في العالم، إذ بات العالم الإسلامي موطناً ل33.1 في المئة في 2011 من مجموع الفقراء في العالم (973 مليوناً)، قياساً إلى 22 في المئة في عام 1990. فيما يخشى خبراء ارتفاعاً في عدد الفقراء بسبب التقلبات الاجتماعية التي تشهدها بعض الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. ووفقاً إلى التقرير، فإن التوزيع الجغرافي للفقر في دول «التعاون الإسلامي» لم يشهد تغيرات تُذكر خلال العقدين الماضيين، فالمجموعات الإقليمية في منظمة التعاون الإسلامي، شهدت جميعها خفضاً لمعدلات الفقر، ما عدا منطقة جنوب صحراء أفريقيا، التي سجلت أقل تقدم ضد الفقر. ودلل التقرير على ذلك بارتفاع العدد الإجمالي للأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر في منطقة جنوب صحراء أفريقيا من 137 مليوناً في 1990 إلى 192 مليوناً في عام 2011، يمثلون 46 في المئة، من مجموع سكان المنطقة (418 مليوناً) و60 في المئة (193 مليوناً) من مجموع الفقراء في دول التعاون الإسلامي. ولفت التقرير إلى الخطوات الكبيرة ضد الفقر، التي حققتها بلدان أعضاء في المنظمة، وتحديداً في منطقة شرق آسيا، إذ انخفض عدد الفقراء من 145 مليوناً عام 1990 إلى 83 مليوناً في عام 2011، مع تقلص معدل الفقر بنسبة 41 في المئة. وكشف التقرير أن نحو 59 في المئة من فقراء دول «التعاون الإسلامي» يعيشون في البلدان ذات الدخل تحت المتوسط، في حين يعيش ال41 في المئة الباقون في البلدان ذات الدخل المحدود، مشيراً إلى أن وتيرة خفض الفقر في البلدان محدودة الدخل، كانت أبطأ بكثير خلال العقدين الماضيين من نظيراتها في البلدان المتوسطة الدخل والمرتفعة، فبين عامي 1990 و 2011 شهد العدد الإجمالي للفقراء خفضاً في الدول ذات الدخل المتوسط والمرتفع بنسبة 73 في المئة، وفي دول الدخل تحت المتوسط بنسبة 26 في المئة. وعلى العكس من ذلك سجلت الدول محدودة الدخل تراجعاً في عدد الفقراء بنسبة 4 في المئة فقط. وأوضح التقرير أن العدد الإجمالي لفقراء دول «التعاون الإسلامي» يتركّز بدرجة كبيرة في مجموعة صغيرة من الدول الأعضاء، مبيناً أنه بشكل عام لا يزال الفقر عالياً جداً في بلدان جنوب صحراء أفريقيا، ومناطق جنوب شرق آسيا، ويعيش 86 في المئة من فقراء الدول الإسلامية أي نحو 276 مليون (وفقاً لأحدث التقديرات) في 10 دول أعضاء فقط، 7 منها في منطقة جنوب صحراء أفريقيا. وفرّق التقرير الذي أرجع الفقر إلى عوامل عدة، منها ما هو مسيطر عليه، ومنها ما يرجع إلى سوء إدارة العوامل الديموغرافية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية والسياسية، في رصده للفقر في بلدان التعاون الإسلامي، بين نوعين من الفقر، هما الفقر الإنساني الذي يعتمد على قياس حجم الدخل، كما تمت الإشارة إليه في الإحصاءات السابقة، والفقر متعدّد الأبعاد، وهو الذي يعتمد في رصده على عوامل مهمة، على مستوى الأسر، من التعليم إلى الصحة إلى الممتلكات والخدمات. وفي رصده لحجم هذا النوع من الفقر في بلدان المنظمة، كشف التقرير -الذي أصدره مركز الأبحاث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب للدول الإسلامية «سيسرك» وحمل عنوان «قياس الفقر في البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي»- وجود 214 مليون فقير متعدد الأبعاد، في الدول الأعضاء، يمثلون ما نسبته 68 في المئة من مجموع الفقراء في العالم الإسلامي. ولفت التقرير إلى أن الدول الأعضاء في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تمثل موطناً ل46 في المئة من الفقراء متعدّدي الأبعاد، أي نحو 98 مليون فقير، تليها منطقة جنوب آسيا التي ضمت 173 مليون فقير متعدّد الأبعاد يشكلون 37 في المئة من مجموع فقراء المنظمة، ثم شرق آسيا والمحيط الهادي، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بواقع 15 في المئة لكل منهما. فيما أشار إلى أن نحو 77 في المئة من مجموع الفقراء متعدّدي الأبعاد يتركزون في 10 دول أعضاء.