قضى مقيم سوري الأشهر التسعة الأخيرة من حياته من دون أي مصدر للرزق، بعد أن استغنت عنه الشركة التي يعمل فيها، بزعم أن مشكلته مع نظام العمل «معقدة». ثلاثة أعوام قضاها المقيم عبدالله خالد حشاش في البحث عن أية جهة، لتنصفه وتعيد حياته إلى طبيعتها، فكان قراره التوجه إلى هيئة حقوق الإنسان في منطقة مكة، شجعه على ذلك إعلان وزارة العمل الأخير، الذي كان دافعاً «لرفع ثقته بعدالة المملكة واهتمامها بساكنيها، مواطنين ومقيمين». ورحبت الهيئة في منطقة مكة بالمقيم، وسمعت إفادته عبر مستشارها أنس الحازمي، ومن ثم أحالت معاملته إلى مقرها في الرياض، وتسلم المقيم السوري رقم إحالة المعاملة إلى الرياض، وسيتوجه إليها لمتابعة إجراءاته. وزاد تفاؤل المقيم حشاش باقتراب انتهاء معاناته مع إعلان وزارة العمل الذي قرأه في الصحف أخيراً، موضحاً أنه تكبد الكثير من الخسائر، وهو يرزح تحت ثقل الديون، ويعول أسرة مكونة من زوجة وابنتين وولد، إحداهما مريضة مرضاً مزمناً، وتحتاج علاجاً لم يستطع دفع كلفته، فتركها طريحة الفراش. وتقدم المقيم السوري بشكوى رسمية إلى فرع هيئة حقوق الإنسان في منطقة مكةالمكرمة، مطالباً بوضع حد للمعاناة التي يعيشها منذ ثلاث سنوات بين كفيله السعودي، والمديرية العامة للجوازات في منطقة الرياض. وفيما استقبل فرع هيئة حقوق الإنسان السعودية في منطقة مكة شكوى المقيم نهاية الأسبوع الماضي، وتسلم منه الأوراق والمستندات التي تتضمنها بموجب تذكرة مراجعة (تحتفظ «الحياة» بنسخة منها)، أكد حشاش ل«الحياة»، أنه تشجع على تقديم الشكوى، والمطالبة بإنهاء معاناته بإعلان وزارة العمل الأخير الذي ينصف العاملين في السعودية، ويشدّد على أن «المملكة لن تألو جهداً في القضاء على مثل هذه السلوكيات إن وجدت تحت أي ظرف أو مسمى». وسرد تفاصيل معاناته قائلاً: «بدأت مشكلتي التي لا ذنب لي فيها، عندما أردت نقل كفالتي من كفيلي الحالي إلى إحدى الشركات قبل ثلاث سنوات تقريباً، إذ تم إرسال أوراقي من منطقة عسير، حيث أعمل، إلى جوازات منطقة الرياض، فكشفت الأخيرة وجود تزوير في أختام نقل كفالتي الأولى قبل ثماني سنوات من كفيلي الأول إلى كفيلي الحالي، (لمدة خمس سنوات استمر في التنقل والعمل وسافر مرتين بأوراق مزوّرة)، وأحالت أوراقي إلى إدارة مكافحة التزوير في الجوازات، فباشرت بدورها استدعاء طرفي القضية (المقيم وكفيله الحالي) لكشف ملابسات التزوير في نقل الكفالة». وأضاف حشاش: «سافرت إلى الرياض، وجرى التحقيق معي، وأخذ أقوالي في مديرية الجوازات، وبعد مشوار طويل من التنقل بين الإدارات لم تثبت علي أية مخالفة، إذ أخبرتهم بأن نقل كفالتي تم بواسطة كفيلي الحالي، فيما ظل استدعاء الأخير قائماً، لأنه لم يحضر التحقيقات». وتابع: «خاطبت إدارة مكافحة التزوير في جوازات منطقة الرياض جوازات منطقة عسير لاستدعاء كفيلي الحالي والتحقيق معه وأخذ أقواله، ومن ثم إعادة كامل الأوراق إليها، إلا أنها لم تحصل على أي رد، فوجهت إدارة مكافحة التزوير خطاباً (تحتفظ «الحياة» بنسخة منه) إلى مديرية جوازات الرياض مرفقة فيه أوراقي، مطالبة فيه بالتوجيه حيال تجديد إقامتي ونقل خدماتي تلافياً للغرامة، وضم أوراق التحقيق مع المتسبب في نقل خدماتي (كفيلي الحالي بحسب التحقيقات) في الحاسب الآلي، ومن ثم إعادتها ليتسنى للإدارة إكمال اللازم». وزاد: «ردت جوازات الرياض على طلب إدارة مكافحة التزوير نقل خدماتي بالرفض (في خطاب لدى «الحياة» صورة منه)، مشيرة إلى أنه تم عرض المعاملة على شعبة الشؤون القانونية في الجوازات، التي رأت عدم التجديد لي أو نقل خدماتي حتى انتهاء قضيتي، وطالبت من إدارة مكافحة التزوير استكمال إجراءات التحقيق مع جميع أطراف القضية». ويعاني حشاش من هذه الورطة التي قلبت حياته رأساً على عقب، وضاع بين مديرية الجوازات التي ترفض إنهاء معاناته أو اتخاذ إجراء صارم لإحضار رب عمله الحالي الذي وضع الختم المزور على جواز سفره وبين كفيله الحالي الذي يرفض المثول أمام الجهات الرسمية، موضحاً أن كفيله الأول أبدى استعداده لإرجاعه إلى كفالته بطريقة نظامية، رغبة منه في إنهاء معاناته». وكانت وزارة العمل السعودية أعلنت أن المملكة تحرّم تحريماً قاطعاً لا لبس فيه الاتجار بالبشر أو التعرض لهم بالضرر تحت أي ظرف أو مسمى، لكنها أقرت بأنه لا يمكن إنكار وجود بعض التجاوزات التي تحدث من بعض أصحاب العمل وكذلك من العاملين، مؤكدة أنها تبذل جهودها لحماية العمالة من دون تفريق من سوء المعاملة أو الاستغلال أو انتهاك حقوقهم. وجاء بيان الوزارة رداً على وسائل إعلام أوردت تقارير عن جمعيات تتحدث عن وقوع الأخطاء والتجاوزات بحق العمالة الأجنبية.