تشكّل الاتفاقات التي توصلت إليها دول مجلس التعاون الخليجي خلال الأسبوع الجاري، حول جوانب تطبيق ضريبة القيمة المضافة المتوقع تنفيذها في المستقبل القريب، خطوة مهمة في ظلّ النقاش المتزايد حول الإصلاح المالي، كما توفر رؤية أوضح عن مستقبل البيئة الضريبية في دول المجلس. وأصبح تطبيق ضريبة القيمة المضافة أمراً حتمياً، أما موضوع البحث حالياً فهو توقيت التطبيق وأي دولة ستبادر أولاً بالتنفيذ. وأشار «ديلويت» في تقرير، إلى أن «ضريبة القيمة المضافة تُصنّف على أنها فاعلة، وأقل كلفة لجهة التشغيل، وأقل عرضة للاحتيال، وأقل قدرة من غيرها من الضرائب المباشرة على التأثير سلباً في تشجيع الاستثمار». وأضاف: «تهدف الاتفاقات المتعدّدة الأطراف التي كُشف عنها خلال الأسبوع الجاري، إلى ضمان الحد الأدنى من أي تأثيرات اقتصادية أو اجتماعية سلبية مرتبطة بضريبة القيمة المضافة تحديداً. ويعكس عدم شمول ضريبة أعلى على المنتجات الغذائية (وقد تم تحديد 94 سلعة معفاة) وخدمات الرعاية الصحية والتعليم، رغبة دول المجلس في عدم تأثّر هذه السلع الحيوية للأسر بالضريبة. وقال المسؤول عن خدمات الضرائب غير المباشرة في «ديلويت الشرق الأوسط» ستيوارت هالستد: «المفاوضات حول الخدمات المالية الجارية أمر متوقع، وهناك العديد من القضايا الواجب معالجتها في هذا السياق، أما القضية الأولى فهي أن من الصعب جداً تطبيق ضريبة القيمة المضافة على الخدمات المالية من منظور تقني، خصوصاً من ناحية تحديد القيمة المضافة للخدمات المالية والسلطات الضريبية المكلفة بالتحقق من أن المؤسسات حصلت على حقوقها المالية». وإضافة إلى ذلك، فإن صانعي القرار قلقون من عملية فرض ضرائب على الاستثمارات والادخار من دون داع، إذ يعتقد كثر أن مثل هذه المنتجات الاستثمارية والادخارية لا تمثل الاستهلاك في حد ذاته، بل تعمل على خلق الثروات لتمكين الاستهلاك في المستقبل. ويعتبر بعضهم أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة على أي من الأدوات المالية المستخدمة للاستهلاك فقط، مثل القروض، قد يشكّل ضرراً. وأضاف هالستد: «أخيراً، يعمل معظم أعضاء مجلس التعاون الخليجي على تنمية وجودهم في أسواق الخدمات المالية إلى حد ما، لذلك يُستبعد أن يسعوا إلى فرض ضرائب كبيرة يمكن أن تؤثر سلباً في أسواق المنطقة». وتابع: «على هذا الصعيد، هناك بعض الحلول المباشرة لمعالجة مسألة تطبيق ضريبة القيمة المضافة على الخدمات المالية، ونحن واثقون بأنها ستُدرس بتعمّق». وقال الشريك المسؤول عن خدمات الضرائب في «ديلويت الشرق الأوسط» نعمان أحمد: «أكدت وزارة المال الإماراتية التزامها جدولاً زمنياً تتراوح مدته بين 18 و24 شهراً قبل تنفيذ تطبيق القرار، وهي خطوة يجب الترحيب بها من مجتمع الأعمال والشركات». وأضاف: «تزويد الشركات بالوقت الكافي للاستعداد للمرحلة الجديدة، عامل أساس سيساهم في نجاح عملية فرض الضريبة على القيمة المضافة في دول الخليج، لا سيما في ظلّ الدور الحيوي الذي تلعبه الشركات في جمع وتحويل ضريبة القيمة المضافة إلى السلطات».