عندما يكون اسم البرنامج التلفزيوني الوثائقي «ما لا يقال»، تقفز الى الذهن مباشرة سلسلة من المحرمات العربية الأساسية والفرعية. ويؤكد اللوغو الخاص بالبرنامج ذلك الاحساس وهو يضع دائرة حمراء حول كلمة لا، لتبدو مثل علامة المرور، مع فارق انها في قواعد المرور تمنع، وفي الوثائقيات الجديدة لقناة «بي بي سي العربية» تكشف الغطاء عن المستور وتسمح بآراء «صريحة وغير مثيرة»، كما تؤكد مديرة القناة ليليان لاندور رئيسة قطاع الشرق الأوسط في خدمة «بي بي سي العالمية» في لقائها مع صحافيين عرب، بمناسبة إطلاق البرنامج. الفيلم الأول ضمن السلسلة «دبي هي العالم» عُرض السبت الماضي، وكان اختباراً ناجحاً لما ستكون عليه بقية الأفلام التي ستتناول قضايا مثل، ترقيع غشاء البكارة، التحول من دين لآخر، والشذوذ. وكما ان الأفلام لا تبحث عن الإثارة، فإنها لا تسعى لتقديم أجوبة جاهزة للمشاهد، بل تكتفي بطرح أسئلة وإثارة الجدل، على حد تعبير الإعلامية نجلاء العمري المشرفة على السلسلة. ولا شك في ان «بي بي سي العربية» بفتحها باب السجال الهادئ على حرية التعبير الموضوعية، تضع قدمها على خط التميز، ك «علامة تجارية فارقة» - ان صح التعبير - بعد سنتين على انطلاقتها، بدت فيها وكأنها تكرر سواها من المحطات. في قضية الأزمة المالية لدبي، تحاشى كثر من العرب وسواهم الحديث بصراحة عن الأزمة، بل وحاول بعضهم نفي حدوثها. وفي الفيلم لم يسع صانعوه إلى قول ما لا يقال فقط، بل أنصفوا دبي وصانعي الاحلام فيها، ليذكرونا بأن والد الشيخ محمد بن راشد كان يحمل بذرة ذلك الحلم بأن تحل دبي محل «هونغ كونغ» بعد أن تعود هذه الى الصين. وفي الأحلام قد ينجح المرء هنا وقد يصاب بانكسار هناك، وربما ان في ما بعض لا يقال من آراء، كلام يريد أن يسمعه الحاكم ويستفيد منه، ولا يجرؤ من حوله على قوله. وفي «ما لا يقال» البرنامج، تستفيد القناة العربية من تراث «بي بي سي» الأم العريق في انتاج الوثائقيات، وتنهل من أرشيفها النادر، كما رأينا في اللقطات النادرة لآل مكتوم ولمنطقة الخليج التي تعود إلى القرن التاسع عشر الميلادي. كما تستفيد من علاقة بريطانيا تاريخياً بكثير من دول المنطقة من حيث توافر الأفراد الشهود والوثائق. وبدا هذا في اللقاء مع مسؤولين بريطانيين عاصروا تلك المرحلة، وأشرف بعضهم على رسم الحدود بين الإمارات المكونة لدولة الإمارات. يخصص البرنامج ساعتين لكل قضية يناقشها. الأولى يعرض فيها الفيلم الوثائقي، أما الثانية فيتم فيها النقاش حول القضية المطروحة، بين الجمهور والضيوف وفريق العمل في الفيلم الذي تديره مقدمة البرنامج ليليان داود. وهذا الجزء يضيف الى محتوى الوثائقي، ويعرف الجمهور «بما لم يقل» في الفيلم، بسبب المونتاج وضيق الوقت، خصوصاً عندما يتحدث الأشخاص الذين عملوا في الفيلم عن الظروف التي واجهتهم وعن كيفية توصلهم للأشخاص الذين تم اختيارهم للفيلم. يذكر ان البرنامج يعرض على الوسائط الثلاثة ل «بي بي سي عربي» في وقت واحد: تلفزيون، راديو وإنترنت. وستتناول كل حلقة موضوعاً مستقلاً، يعدها وينفذها فريق مختلف عن فريق الحلقة الأخرى، كما أن القنوات الاخرى المتفرعة عن «بي بي سي» الأم، ستعيد عرض هذه الحلقات مترجمة. وتؤكد نجلاء العمري أن هذه هي المرة الأولى التي تعرض فيها «بي بي سي» الانكليزية برامج وثائقية منتجة أصلاً باللغة العربية، وليس العكس كما جرت العادة. فالحلقات تنفذ من خلال فريق عمل عربي، وبإنتاج من المنطقة العربية، وعن موضوعات تتعلق بالمجتمعات العربية.