يظهر أن الدلال الذي عاشه ولا يزال يعيشه السواد الأعظم من الشباب والمراهقين في السعودية والخليج قد ذهب بهم إلى حد لا يحتمل من الإرهاب الشخصي للآخرين، سواء في حياتهم العامة أو في علاقاتهم بأصدقائهم أو المحيطين بهم أو فيمن يقابلونهم في الشارع أو حتى في علاقاتهم داخل بيوتهم ومدارسهم ومقار أعمالهم. لقد بدأنا نلاحظ ردود الفعل العنيفة التي تصدر عن هذا الشباب «المدلل» على مستوى دول الخليج العربي، إذ انك ببساطة قد تتعرض للأذى الجسدي أو اللفظي من أي منهم لأسباب أتفه من أن تذكر، ولكن لو ذكرت سبباً واحداً بسيطاً فمن المؤكد أن القراء من الذكور تحديداً البالغين وغير البالغين قد واجهوه في حياتهم وهم يقودون مركباتهم، إذ ان من أصغر وأبسط خلاف بينك وبين أي قائد مركبة أخرى من هؤلاء الشباب والمراهقين تجده مستعداً على الفور للنزول من مركبته للتفاهم معك وعلى طريقته «الخاصة» وفي يده ما يغنيه عن استخدام لسانه الذي لا يتورع في الكثير من الأحيان في إمطارك بالكثير من الألفاظ «النابية»، بل ومنهم من يجبرك على النزول من سيارتك. هذا السلوك دليل مؤسف جداً على ما وصل إليه الحوار الذي هو من أهم وأبرز العلامات الحضارية لأي مجتمع أو حضارة منذ وجود البشرية، والذي لم يصل إلى ذروة سنامه إلا في عصر الدول الإسلامية «المزدهرة». وها نحن وقد وصلنا إلى مستوى قريب جداً من «الحضيض»، اذ انعدم الحوار الذي حثنا عليه ديننا الإسلامي بآيات عدة في القرآن الكريم وأحاديث نبوية كثيرة. قبل عامين من الآن شاهدنا نزول جمهور نادي الجزيرة الإماراتي في مباراته النهائية أمام نادي الاتفاق السعودي في نهائي كأس الخليج، وكيف تصرف هذا الجمهور بطريقة عنيفة تجاه الكثير من أعضاء البعثة الاتفاقية آنذاك، ورأينا قبل ليال قليلة كيف هبط مشجعو نادي الوصل الإماراتي إلى أرض الملعب خلال المباراة وليس قبل نهايتها، ونالوا من بعض أعضاء البعثة النصراوية، وعلى رغم أنني لا أنكر أن ظاهرة نزول الجماهير إلى أرض الملعب لا تزال موجودة حتى في الملاعب السعودية، إلا أن هذه الظاهرة في السعودية لا تتعدى كونها حب ظهور من بعض المراهقين على شاشات التلفزيون وهم يركضون في طول الملعب وعرضه، ومن ثم يسلمون أنفسهم «طائعين» إلى رجال الأمن، أو يهربون من فوق الأسوار، أما ما يحدث في الملاعب الإماراتية فهو أمر يدعو للاستغراب في مجتمع كنا نحسبه ولا نزال من أهدأ الشعوب وأكثرها اتزاناً، خصوصاً في ما يخص التعامل مع ضيوفهم وأشقائهم، ولكن ما يؤسف له أن هذه الظاهرة ما زالت موجودة منذ سنوات وهي تمر بمنحنى تصاعدي خطر، متمنياً من الأشقاء الإماراتيين أن يتخذوا الإجراءات الأمنية المناسبة في المستقبل لحماية جماهيرهم ورياضييهم، بل وأعضاء البعثات التي من المفترض أن تكون في «ضيافتهم». [email protected]