من لم يعان يوماً من القلاع الذي يعرف بالعامية باسم «الحمو»، فهو آفة موضعية تظهر على شكل تقرح صغير مدور أو بيضاوي ذي حواف محمرة قرمزية، ويكون مغطى في الوسط بغشاء متموج أبيض اللون يميل الى الصفار. والقلاع قد يكون وحيداً أو متعدداً، يشاهد في كل أنحاء الفم بدءاً من اللسان، مروراً بسقف الحنك، وانتهاء بباطن الخدين والشفتين، ولكن من النادر جداً مشاهدته على اللثة. والقلاع مؤلم للغاية، والألم الناتج عنه قد يكون عفوياً أو مثاراً من طريق تناول بعض أنواع المأكولات. والقلاع لا يرحم أحداً، وهو يشاهد في كل الأعمار من دون استثناء، ونصف حالاته تشاهد عند الشباب والمراهقين خصوصاً في فترة الامتحانات. وحوالى 20 في المئة من القلاع تطاول الأطفال قبل سن الخامسة. وهو يصيب كل الأعمار من الذكور والإناث لكنه يميل اكثر الى الرجال، والبعض يعيد الأمر الى الهرمونات النسائية التي تؤمن بعض الحماية. وقد يصاحب الآفة القلاعية تضخم في العقد اللمفاوية المجاورة. ويقل تواتر القلاع كلما توغل الشخص في العمر. ولكن ما هي أسباب القلاع؟ أسباب القلاع ما زالت مجهولة أو غير معروفة، وقد طرحت على بساط البحث مجموعة من الفرضيات والنظريات لتعليل الإصابة بالقلاع، ومنها: دور الوراثة في ظهور القلاع. الفيروسات، وربما الجراثيم والطفيليات. نقص بعض الفيتامينات والمعادن مثل ب1، ب2، ب6، ب12، الفيتامين سي، حامض الفوليك، الحديد، الكلس والزنك. الهرمونات. جهاز المناعة حيثُ صنف القلاع كأحد أمراض المناعة الذاتية. نمط من أنماط فرط الحساسية المتأخرة تجاه جراثيم المكورات العقدية. كل العوامل المذكورة هي في قفص الاتهام لأنها تخلق في الجسم نوعاً من الضعف العام العابر الذي يعبد الطريق أمام ظهور الآفة القلاعية. ومن بين العوامل التي تساعد على التعجيل في ظهور القلاع: - الآفات الرضية الفموية خصوصاً السنية منها. - داء بهجت، وهو من أمراض المناعة الذاتية. - الاضطرابات الهضمية. - التحسس الغذائي أو الدوائي. - داء الهربس. - العادة الشهرية. - التعب الشديد. - الشدة النفسية. - بعض الأطعمة، مثل الجوز، اللوز، البندق، البهارات، التوابل، الخردل، الحمضيات، العسل. - استعمال فراشي الأسنان القاسية. - الأسنان الاصطناعية وبدلات الأسنان. يتطور القلاع على مراحل، هي الآتية : المرحلة الأولى، وتمتد على مدى 24 ساعة يشكو فيها المريض من حس الوخز والحرقان في المنطقة التي سيظهر فيها القلاع. والمرحلة الثانية، وتستغرق من 18 ساعة الى ثلاثة أيام، وتتصف ببروز تقرح أبيض محاط بهالة محمرة، وهنا يمكن للآفة القلاعية إما ان تشفى، أو بالعكس قد تميل الى الاستيطان لتمتد في الطول والعرض. والمرحلة الثالثة، وفيها ينتشر القلاع في الجسم. والمرحلة الرابعة، وهنا يتلاشى الألم القلاعي تدريجياً ليختفي كلياً في غضون 5 الى 7 أيام. أما التقرحات القلاعية فتأخذ أنماطاً مختلفة : النمط الأول يكون فيه قطر التقرحات أقل من 4 مليمترات، وهو يشكل أكثر من 80 في المئة من حالات القلاع. النمط الثاني، يصل فيه قطر التقرحات الى أكثر من سنتمتر واحد، وهذه قد تخلف وراءها ندبة واضحة، وغالباً ما يظهر هذا النمط في أعلى الحنك وظهر اللسان. النمط الثالث، وفيه تكون التقرحات متعددة وصغيرة تراوح من 2 الى 10، وأحياناً قد يصل عددها الى المئة. كيف يمكن مواجهة داء القلاع ؟ لا يتوافر حتى الآن علاج ناجع لهذا الداء، ويهدف العلاج في الدرجة الأولى الى التخفيف من وطأة الألم الذي يعتبر العرض البارز فيه. ان الخطوات الآتية مفيدة على هذا الصعيد : - العناية بصحة الفم واللسان والأسنان. - استعمال المطهرات الفمية اللطيفة غير المخرشة. - تحاشي الأطعمة المخرشة ومعاجين الأسنان الحادة وفراشي الأسنان القاسية. - غرغرة الفم مطولا بشراب مالوكس المضاد للحموضة. - استعمال مضادات الالتهاب الموضعية. - وضع ظرف من الشاي المرطب على الآفة القلاعية مباشرة فهو يعطي نتيجو طيبة نظراً الى احتواء الشاي على مادة العفصين المهدئة. - دهن التقرحات القلاعية بعصير التوت الشامي الأسود. - تناول أحد المسكنات. - وضع كبسولة من الفيتامين ي على القرحة القلاعية مرات عدة يومياً. - استعمال مركب اسيكلوفير المضاد للفيروس. - استخدام بعض المراهم المخدرة موضعياً للجم الألم والتمكن من الأكل. - غرغرة الفم بالماء الحاوي على مركب دوكسي سيكلين (مضاد حيوي) لدقائق مرتين يومياً. - يمكن الاستفادة من الكورتزونات في حال الإصابة بالقلاع المعند والناكس. هل يمكن الوقاية من القلاع؟ أهم نقطة في الوقاية من القلاع تتمثل في تعزيز قدرات الجسم المناعية عن طريق التغذية الجيدة، والنوم الكافي، وممارسة الرياضة البدنية، والاستقرار النفسي. أيضاً هناك من يوصي بتناول اللبن يومياً لأنه يساعد على تحقيق التوازن الطبيعي بين جراثيم الفم المختلفة المتعايشة فيه. ويفيد أيضاً تناول جرعات من فيتامين ب المركب. وإذا كانت الآفة القلاعية آتية لا محالة فيمكن تناول جرعة عالية من الفيتامين سي الى جانب أحد المركبات الحاوية الفلافونيدات ثلاث مرات في اليوم. وفي النهاية مرض القلاع ليس خطيراً ولا ينتقل من شخص الى آخر. وأغلب حالات القلاع تزول تلقائياً، وكل ما في الأمر أنه مزعج، وعلى ما يبدو فإن أمضى سلاح لمواجهة هذا الداء هو عدم التفكير به. [email protected]