لم تعد تطبيقات المحادثة الإلكترونية وسيلة للتواصل مع الأصدقاء والأهل فقط، بل تحولت إلى ساحة صراع استخباراتي، وأداة تواصل بين حركات سياسية معارضة تتعرض لقمع السلطة، أو مجموعات إرهابية تخطط لتنفيذ هجمات. «تيليغرام» هو أحد التطبيقات المثيرة للجدل بعد ربطه باعتداءات باريس التي وقعت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، باعتباره وسيلة استخدمها تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) للتخطيط والتنسيق. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أنها حصلت على معلومات نشرت بعد الهجمات الإرهابية في باريس تفيد بأن المسؤولين الفرنسيين حصلوا على معلومات تشير إلى اتصالات مشفرة بين أشخاص من سورية ومنفذي الاعتداءات من تنظيم «داعش». وبحسب الصحيفة، قال النائب السابق في «سي آي ايه» مايكل موريل في مقابلة مع شبكة «سي بي اس» إن «الحصول على الرسائل أمر صعب، لأن هذا التطبيق التجاري صعب الإختراق، ولا يوجد قانون يتيح قراءة هذه الرسائل». واستخدم التنظيم خدمة الرسائل المشفرة الموقتة (تختفي بعد زمن محدد) التي أنشأتها الشركة الروسية «فكونتاكتي» والتي تسمح بإنشاء قنوات يمكن استخدامها لبث الرسائل المشفرة وإجراء المحادثات الجماعية مع ما يصل الى 200 متلقٍ. وذكر معهد «بحوث إعلام الشرق الاوسط» (ميمر) في تشرين الثاني (أكتوبر) الماضي أن تنظيمي «القاعدة» و«داعش» دشنوا عدداً من القنوات لتبادل الملفات في شكل آمن، بما في ذلك دروس تصنيع الأسلحة والتخطيط للهجمات. وتم القبض على مجموعات متشددة شيشانية عاملة في بلجيكا في حزيران (يونيو) الماضي بعد استخدامها لبرنامج التراسل الفوري «واتس آب». ويمكن للاستخبارات استخدام تقنيات لتحليل حركة المرور بين المتراسلين ومحاولة التعرف على المشاركين في محادثة مشفرة. وأعلن تطبيق «تيليغرام» وقف 78 قناة ناطقة ب12 لغة خلال أسبوع، بعدما رأت الشركة أنه من الممكن أن تستخدم لصالح «داعش». ويبلغ عدد الرسائل المتداولة بين المستخدمين البالغ عددهم 60 مليون مستخدم على تطبيق «تيليغرام» نحو 12 بليون رسالة يومية، مقابل 30 بليوناً على تطبيق «واتس آب» بين 700 مليون مستتخدم. يذكر أن وكالة الأمن القومي الأميركية حاولت تجنيد جواسيس وسط العاملين على التطبيق. إذ كتب مؤسس «تيليغرام» على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» تعليقاً قال فيه إن «وكالة الأمن القومي حاولت في مناسبات عدة، وخلال زيارات لأعضاء فريق تيليغرام الى الولاياتالمتحدة، التواصل وتجنيد مطورين من الفريق للعمل لصالح الوكالة».