أقام مجلس العلاقات العربية الدولية أمس في الكويت حفلة تكريم لوزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل، وذلك بعنوان: «سعود الفيصل.. السياسة في حضرة الأخلاق» بحضور رئيس مجلس الوزراء بالإنابة وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ورئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، وعدد من الوزراء والمسؤولين في الكويت، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى الكويت الدكتور عبدالعزيز بن إبراهيم الفايز، وعدد من السفراء العرب والأجانب. ونوه رئيس الحكومة الكويتية بدور الأمير سعود الفيصل - رحمه الله - في خدمة قضايا الوطن والأمتين العربية والإسلامية وإسهامه في حفظ السلام العالمي. وقال: إن مجلس الوزراء قرر إطلاق اسم الفقيد على أحد المعالم الرئيسة في الكويت تقديراً وتخليداً للمسيرة العطرة لهذا الرجل وإسهاماته المشهودة على الأصعدة كافة، وعرفاناً بمواقفه البطولية تجاه الكويت وشعبها، مشيراً إلى أن وزارة الخارجية تعكف على تحديد واختيار أنسب هذه المعالم الرئيسة لتلبي وتعبر عن مكانة هذه القامة العالية. وأوضح أن الحديث عن الأمير سعود الفيصل هو استحضار للحنكة السياسية ولكريم الأخلاق، إذ كان الفقيد سياسياً محنكاً، جمع بين الحكمة والرأي السديد في مختلف مراحل قيادته للسياسة الخارجية لبلاده ولأربعة عقود متواصلة. وقال: إنه تشرف بالتعامل المباشر مع الأمير سعود الفيصل ولمس كم كان أصيلاً بمناقبه وأخلاقه، سخياً ببذله وعطائه، عظيماً بمواقفه وآرائه، متفرداً بديبلوماسيته وريادته، مشيراً إلى أن الفقيد أسس بموسوعية علمه وثقافته وسداد حكمته وذكائه مدرسة راسخة في السياسة والديبلوماسية. وأكد أن الفقيد أفنى جل حياته الغنية في خدمة الدين والوطن وقضايا الأمتين العربية والإسلامية والإسهام في تعزيز السلام العالمي، وقال: «إنه منذ أن تشرف بثقة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وزيراً للخارجية وجد من الفقيد كامل الدعم ووافر النصح والمشورة، وكان ذا مواقف واضحة وصلبة، يقول ما يملي عليه ضميره ومصلحة بلاده وأمته». ورأى الشيخ صباح الخالد أن الراحل «كان من بين الدعاة الكبار للتلاحم الخليجي كونه يمثل رافداً أساسياً للعمل العربي المشترك، وكان من دعاة تطوير الإمكانات الدفاعية الخليجية وعدم الركون فقط إلى التحالفات الدولية من منطلق قراءته الثاقبة للسياسة الدولية وتقلباتها». من جهته، وصف رئيس مجلس العلاقات العربية الدولية محمد الصقر، الأمير سعود الفيصل بفارس الديبلوماسية السعودية الذي ترجل بعد 40 عاماً من العمل اجتمعت له فيها عبقرية الموهبة وكفاءة الجهد. وقال في كلمة له: «إن القائمين على المجلس شعروا بأنهم أول من يجب عليهم تكريم الأمير سعود الفيصل، فالفقيد رحل من دون أن نقول له ما لا يجهل عن إعجابنا بكفاءته، واحترامنا لشمائله، وعرفاننا بفضله، عاداً مبادرة تكريم الأمير سعود الفيصل مبادرة وفاء لأمير عز مثل وفائه لوطنه وأمته ودينه، وتظاهرة احتفاء بالقيمة التي يمثلها الفقيد بسيرته ومسيرته». قال رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية تركي الفيصل في كلمته أمس: «إن سعودُ الفيصل كان صادق الكلمة، واضح التعبير، لا يوارب ولا يدلس، تعلم من والده، رحمه الله، أن السياسة لا تعني الدسيسة والنفاق، بل هي قول الحق في موضعه لكي يعرف العدو موقعك ولا يغلط في حقك، ولكي يَرْكَن إليك الصديق ويعرف ما مداك». واستذكر الأمير تركي الفيصل موقف الأمير سعود الفيصل، عندما عاد إلى الرياض وطلب منه رئيس مجلس الشورى أن يلقي بياناً سياسياً عن الأوضاع في المنطقة، وفي أثناء كلمته أمام المجلس عَرَّجَ على حاله الصحية بعد أن كان أجرى آخر جراحة من سلسلة الجراحات التي أُجريت له، فقال: «إن وضع عالمنا العربي ليس ببعيد عن وضع حالي الصحية»، وفي الخطاب نفسه، وبعد أن شرح أسباب قيام التحالف لنصرة الشعب اليمني لكي يعودَ الحقُّ إلى نصابه، قال رحمه الله: «نحن لسنا دعاة حربٍ، ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها». السنيورة: اللبنانيون لن ينسوا مواقف سعود الفيصل شدد رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة على أن «ما قام به الأمير سعود الفيصل في عام 1976 في مؤتمر بيت الدين، وما قام به إبّان العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، حين جاء على رأس وزراء الخارجية العرب وبيروت تحت القصف الإسرائيلي، وقال يومها، إنه لا بُد من إيقاف العدوان الغاشم، لن ينساه الشعب اللبناني لأنه حمل إلى بيروت وخلال فترة العدوان الإسرائيلي موقف القوة والعزة العربية وأدوات الصمود وإرادة الحياة». وقال السنيورة في كلمة تأبين في احتفال أقامه مجلس العلاقات العربية والدولية في الكويت في حضور حشد من المسؤولين الكويتيين تكريماً للأمير الراحل: «الوزير الفيصل أتى مع زملائه العرب إلى لبنان المحاصر بالحديد والنار الإسرائيلية في تموز (يوليو) من العام 2006 ليقول باسمه وباسمهم لا، قوية للعدوان الإسرائيلي على لبنان، ولا للغدر ولا للإجرام. وليقول العرب جميعاً وبصوت واحد نحن إلى جانبكم في مواجهة العدوان وسنعيد معاً إعادة بناء ما دمّره هذا العدوان الإسرائيلي وسنساعد لبنان في إعادة الإعمار السياسي والعُمراني. وهذا هو الموقف الثابت الذي ما فتئت تلتزم به المملكة العربية السعودية التي أسهمت بالديبلوماسية القوية والقادرة في دفع العدوان هي ودولة الكويت ودولة قطر وسلطنة عمان. والمملكة قدَّمت بمفردها قرابة البليون دولار لإعادة الإعمار بعد عدوان 2006. هذا فضلاً عن الجهد الكبير الذي بذله الأمير سعود الفيصل، والملك سلمان بن عبد العزيز حين صار ولياً للعهد ووزيراً للدفاع، في تصحيح العلاقات مع سورية بعد خروج جيشها من لبنان. وبعد ذلك واستمراراً على النهج ذاته مع الملك سلمان في مساعدة الجيش اللبناني لكي يستطيع حماية الحدود، وكذلك مساعدة القوى الأمنية اللبنانية من أجل صون الأمن في الداخل وإقداراً لهما من أجل استعادة سلطة الدولة وحدها على كامل الأراضي اللبنانية».