أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس أنه لن يفرط «بالحقوق الوطنية الفلسطينية» وذلك في خطاب ألقاه في مقر الرئاسة الفلسطينية بعد عودته من الولاياتالمتحدة ولقائه بالرئيس الأميركي باراك أوباما. وقال عباس أمام آلاف من الفلسطينيين الذين تجمعوا لاستقباله: «أقول لكم بأن التفريط (بالحقوق) محال». وكان عباس التقى أوباما الاثنين في البيت الأبيض لبحث مفاوضات السلام مع إسرائيل التي تنتهي مهلتها في نهاية نيسان (أبريل) المقبل. وأكد المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن أوباما لم يعرض على عباس «الاتفاق الإطار» الذي يحدد الخطوط العريضة للتسوية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين ويتفاوض عليه وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع الطرفين لإقناعهما بمواصلة المفاوضات بعد 29 نيسان، الموعد المحدد أصلاً لانتهاء العملية التفاوضية. واستؤنفت مفاوضات السلام المباشرة الإسرائيلية -الفلسطينية نهاية تموز (يوليو) 2013 بإشراف وزير الخارجية الأميركي جون كيري. ومن ضمن المسائل الشائكة التي لا تزال عالقة حدود الدولة الفلسطينية ومصير القدس واللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات الإسرائيلية والأمن والاعتراف المتبادل بالدولتين. ويريد الفلسطينيون أن تكون حدود دولتهم حدود 1967 قبل أن تحتل إسرائيل الضفة الغربية وتضمها. كما يصرون على عدم وجود جنود إسرائيليين في دولتهم المستقبلية، إلا أن إسرائيل تصر على إبقاء المستوطنات التي شيدتها طيلة عقود في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما تريد إبقاء جنود منتشرين في منطقة غور الأردن على الحدود بين الضفة الغربيةوالأردن. كما وترغب إسرائيل بالاعتراف بها «كدولة يهودية» الأمر الذي يعارضه الفلسطينيون. إلى ذلك، أكد مسؤول فلسطيني بأن عباس طلب من المسؤولين الأميركيين، خلال زيارته واشنطن مطلع الأسبوع الجاري، الوساطة لدى إسرائيل للإفراج عن القيادي في حركة «فتح» الأسير مروان البرغوثي المسجون منذ عشر سنوات في شأن موجة تفجيرات انتحارية. ووافقت إسرائيل العام الماضي على إطلاق سراح 104 أسرى فلسطينيين مقابل قبول الفلسطينيين استئناف محادثات السلام المباشرة التي تدعمها الولاياتالمتحدة. وقد أفرجت تل أبيب حتى الآن عن 78 أسيراً في ثلاث دفعات، إلا أنها رفضت إطلاق البرغوثي كما رفضت محاولات سابقة لإطلاقه. وصرح المسؤول إن عباس طلب من الولاياتالمتحدة أن تساعد في الإفراج عن السجناء المرضى والنساء وكبار السن وصغار السن والمعتقلين الإداريين والقادة السياسيين، وبينهم والبرغوثي وأحمد سعدات وفؤاد الشوبكي. وقال قدورة فارس رئيس نادي الأسير الفلسطيني إن الرئيس عباس جدد خلال اجتماعاته مع المسؤولين الأميركيين في واشنطن هذا الأسبوع طلبه الإفراج عن البرغوثي. وكانت «الحياة» نقلت قبل يومين عن مسؤول فلسطيني رفيع أن الرئيس الأميركي طلب من الرئيس عباس في لقائهما في واشنطن تمديد المفاوضات حتى نهاية العام الجاري، وأن الأخير طلب مقابل ذلك وقف الاستيطان وإطلاق سراح الأسرى المرضى وكبار السن والنساء والمعتقلين الإداريين والقادة السياسيين وبينهم البرغوثي وسعدات والشوبكي. وأصدر القضاء الإسرائيلي عام 2004 خمسة أحكام بالسجن مدى الحياة على البرغوثي والسجن 40 عاماً بعد إدانته في تهم تتعلق بهجمات انتحارية أثناء الانتفاضة الفلسطينية التي كانت مشتعلة في ذلك الوقت. ونفى البرغوثي، الذي يبلغ الآن 54 سنة، هذه الاتهامات. وما زال البرغوثي يتمتع بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين، خصوصاً أنه كان ناشطاً بارزاً في الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية ضد إسرائيل. ويقول مؤيدوه إنه مثل نيلسون مانديلا، بطل مكافحة التمييز العنصري، الذي يمكنه لمّ الشمل وتوحيد الساحة السياسية التي يسودها الانقسام. وأي خطوة للإفراج عن شخصية بارزة مثل البرغوثي ربما تشعل عاصفة سياسية في إسرائيل، إلا أنها ستعزز مكانة الرئيس الفلسطيني في الداخل وتساعد في منحه غطاء محلياً لمواصلة المفاوضات مع إسرائيل التي لم تثمر حتى الآن. وأطلق سراح أكثر من 70 سجيناً ممن وافقت إسرائيل على الإفراج عنهم منذ استئناف مفاوضات السلام في تموز (يوليو) ويضغط الفلسطينيون من أجل الإفراج عن المجموعة الأخيرة بحلول نهاية هذا الشهر. ولم يرد تعليق فوري من إسرائيل على الطلب الفلسطيني. ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو معارضة سياسية في الداخل لأي عملية إفراج أخرى عن سجناء نظراً للجمود الحالي في المحادثات. ورفضت إسرائيل الإفراج عن البرغوثي في الماضي واستبعدته من تبادل للسجناء تم التوصل إليه مع حركة «حماس» في عام 2011 شمل الإفراج عن نحو 1000 سجين فلسطيني. ويرى كثير من الفلسطينيين أن البرغوثي مرشح لخلافة عباس الذي يبلغ الآن 78 سنة وليس له نائب معين. وأعرب وزراء إسرائيليون الأسبوع الماضي عن معارضتهم لإطلاق سراح دفعة جديدة من الأسرى الفلسطينيين، في حال عدم قيام الفلسطينيين بتمديد المفاوضات.