ما زال شبح الإغلاق يخيم على المسرح الوطني «الحكواتي» في القدسالشرقيةالمحتلة على رغم نجاح إدارته في إنقاذه موقتاً، بتأمين المبلغ المطلوب لدفع مستحقات مالية بقيمة 140 ألف شيكل (نحو 36 ألف دولار) إلى شركة تأمين إسرائيلية قامت بالحجز عليه. وواجه «الحكواتي»، وهو المسرح الوحيد في القدس الذي يؤرخ للحركة الثقافية والسياسية فيها تحت الاحتلال، سلسلة أزمات مالية متراكمة بلغت أخيراً 650 ألف شيكل (نحو 167 ألف دولار) جراء عجزه عن توفير المصاريف الجارية، إضافة إلى رسوم التأمين ومكافأة نهاية الخدمة للمدير السابق، ما هدد بإغلاقه والحجز عليه. وقال إبراهيم دعيبس، عضو الهيئة الإدارية للمسرح ل «الحياة»، إن «أفراداً ومؤسسات تداعوا لإنقاذ المسرح قبل يومين فقط من الموعد الذي حددته المحكمة لوضع يدها عليه لمصلحة شركة التأمين الإسرائيلية»، موضحاً أن بعض التبرعات كانت شخصية بقيمة ألف أو ألفي دولار، وتبرعات المؤسسات أكبر من ذلك، فيما تكفلت السلطة الفلسطينية بدفع المبلغ المتبقي لإنقاذ المسرح الذي يرتبط اسمه بالنشاط الثقافي والنضال الوطني الفلسطيني في المدينة المقدسة التي ضمتها إسرائيل واعتبرتها «عاصمة أبدية» لها. وافتتح مسرح «الحكواتي» في القدس في 9 أيار (مايو) 1984، كأول مسرح فلسطيني متخصص، بمبادرة من «فرقة الحكواتي المسرحي». وشكل حتى أوائل التسعينات من القرن الماضي مسرحاً وطنياً للشعب الفلسطيني، إلى أن قامت السلطات الإسرائيلية بفصل مدينة القدس عن الأراضي المحتلة عام 1991 حيث بقي مركزاً ثقافياً لأهالي القدس البالغ عددهم حوالى 300 ألف نسمة. ويقدم المسرح عروضاً لمختلف الفرق المسرحية والغنائية، وأنشطة للمدارس ومعارض للإنتاج الفني على اختلاف أنواعه، إضافة إلى المحاضرات والاجتماعات العامة. وتتعرض المباني من بيوت وعقارات في القدس لعملية تهويد منظمة، حيث تقوم السلطات الإسرائيلية بإحالة أي مبنى تستولي عليه، لأي سبب كان، إلى مؤسسات أو عائلات يهودية. وتقوم جماعات استيطانية مدعومة من جمعيات وأثرياء يهود حول العالم بعملية تهويد لكل جزء من القدس تنجح في الوصول إليه بوسائل مختلفة، منها ما يعرف بقانون أملاك الغائبين وغيرها. وأغلقت السلطات الإسرائيلية في العقدين الماضيين عشرات المؤسسات الفلسطينية في القدس بذريعة تلقي مساعدات تصفها ب «السياسية» وهي المساعدات التي تقدمها السلطة الفلسطينية، ومنها «بيت الشرق» الذي كان بمثابة مقر لمنظمة التحرير الفلسطينية في المدينة. وفي ظل القيود الشديدة على إقامة المؤسسات الفلسطينية في القدس، بقي مسرح الحكواتي منصة وطنية لاحتواء النشاطات الثقافية والفنية في المدينة، وساهم في خلق الطاقات الإبداعية الجديدة واحتضانها والحفاظ على الهوية الثقافية الفلسطينية في المدينة المقدسة. وتعرض المسرح منذ إقامته للإغلاق لفترات طويلة من قبل السلطات الإسرائيلية على خلفية أنشطة وطنية اعتبرتها «معادية»، فيما تراجعت إيراداته في الشهرين الأخيرين جراء توقف الكثير من العروض الممولة من مؤسسات وبعثات ديبلوماسية أجنبية، جراء الهبة الشعبية المتواصلة. وقال دعيبس إن «التبرعات التي تلقيناها أخيراً أخرجتنا من التهديد بالحجز، لكن يبقى الهم الأكبر للمسرح هو الحصول على دعم مالي يغطي النفقات الجارية التي تبلغ 70 ألف شيكل في الشهر (18 ألف دولار)».