تراجعت آمال تقريب وجهات النظر بين موسكووأنقرة خلال قمة «المناخ» في باريس، بعد إعلان الكرملين عدم إدراج لقاء مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على جدول أعمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على رغم جهود أوروبية للوساطة بين الطرفين. وتأكيد موسكو أن «العقوبات المفروضة (على تركيا) ستمتد لفترة طويلة». وجاء تأكيد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو مجدداً رفض أنقرة تقديم اعتذار عن إسقاط الطيران التركي مقاتلة روسية على الحدود السورية الأسبوع الماضي، ليزيد من تشنج الموقف بالتزامن مع إعلان الحكومة الروسية تفاصيل عن التدابير العقابية التي فرضتها موسكو ضد الجانب التركي. وقال داود أوغلو بعد لقائه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في بروكسيل: «لن يعتذر أي رئيس وزراء تركي ولا أي رئيس أو أي سلطة»، بحسب ما أوردت «فرانس برس». وأضاف أنه «لا يمكن لأي دولة أن تطالبنا باعتذارات لأننا لم نقم إلا بواجبنا لحماية مجالنا الجوي وحدودنا». ودعا روسيا إلى إعادة النظر في العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على بلاده اثر هذا الحادث، ووصف تحرك الطيران التركي بأنه «كان عملاً دفاعياً». وزاد أن أنقرة تأمل في أن «تعيد روسيا النظر في العقوبات الاقتصادية التي فرضتها لأنها تتناقض مع مصالحنا المشتركة». وذكّر بأن تركيا ساندت روسيا حين فرض عليها الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية مشددة منذ صيف 2014 بسبب دورها المفترض في الأزمة الأوكرانية. وقال داود أوغلو: «في الماضي كنا جميعاً ضد العقوبات الاقتصادية، إنه موقف مبدئي لتركيا»، مضيفاً: «روسيا كانت آنذاك تعارض العقوبات الاقتصادية (...) من المفارقات استخدام الإجراءات نفسها ضد تركيا». وأكد رئيس الحكومة التركية: «نحن مستعدون للحوار مع روسيا عبر قنوات ديبلوماسية وعسكرية»، مضيفاً: «ليس لدينا أي نية للتصعيد» مع موسكو. بالتزامن، أعلن الكرملين انه لن يعقد أي لقاء بين الرئيسين الروسي والتركي على هامش المؤتمر الدولي حول المناخ المنعقد في باريس على رغم طلب رجب طيب أردوغان ذلك. وكانت بلدان أوروبية سعت إلى عقد وساطة لترتيب لقاء بين الرئيسين بهدف محاصرة الأزمة وتقريب وجهات النظر. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «من غير المرتقب عقد أي لقاء» بين الرئيسين. وبدأت الحكومة الروسية أمس تنفيذ مرسوم رئاسي بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا، وأوضح رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف أن التدابير المفروضة ستراعي «أكبر تأثير ممكن على تركيا وأقل أضرار على المواطن الروسي»، موضحاً أن الحكومة تعمل حالياً على وضع لائحة بالبلدان التي ستتعامل معها روسيا لاستيراد مواد غذائية بديلة عن الواردات من تركيا. وكان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما اليكسي بوشكوف قال إن لائحة البلدان التي ستقوم بتصدير منتجاتها لتعويض النقص في أسواق روسيا تضم إسرائيل والمغرب ومصر وبلداناً في أميركا اللاتينية، مشيراً إلى أن «الحظر المفروض على تركيا قد يمتد لفترة طويلة». واعتمدت روسيا السبت مجموعة عقوبات اقتصادية ضد تركيا فرضت قيوداً على العمالة التركية، واستيراد بعض البضائع والمواد الغذائية والحد من أنشطة «مؤسسات تخضع للقانون التركي» في روسيا. من جانب آخر، دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي إلى «الهدوء» وحض روسيا على «لعب دور بناء في سورية» عبر استهداف تنظيم «داعش» الذي وصفه بأنه «عدونا المشترك» في ضرباتها. وأكد في الوقت نفسه «أن من حق تركيا السيادي الدفاع عن مجالها الجوي وسلامة أراضيها»، متحدثاً عن مخاطر حصول حوادث جديدة فيما تشن روسيا والائتلاف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضربات ضد المتشددين في الأجواء السورية. وقال ستولتنبرغ إن وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي الذين سيجتمعون الثلثاء والأربعاء في بروكسيل سيحاولون «تعزيز الآليات التي ستتيح خفض المخاطر ومنع حصول حوادث مماثلة وتجنب تفاقمها».